غزة/ خالد اشتيوي:
يشكل تأجيل المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في محافظة شمال القطاع ووضع العراقيل أمام تنفيذها في مدينة غزة والمقررة السبت القادم، خطرا آخر يهدد حياة الأطفال، عدا القصف المتواصل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وقالت وزارة الصحة "إنها ستنفذ الحملة في محافظة غزة فقط، وذلك يوم السبت القادم الموافق 2/11/2024 ،وفق الإمكانيات المتاحة".
وأضافت الصحة في بيان وصل "الاستقلال" أمس الأربعاء، أن تنفيذ الحملة في غزة، يأتي في ظل منع الاحتلال تنفيذ المرحلة الثانية من الحملة الوطنية للتطعيم ضد شلل الأطفال في محافظة شمال قطاع غزة، ويضع العراقيل أمام تنفيذها في محافظة غزة أيضًا.
ولفتت إلى أن عدم تنفيذ الحملة في الشمال يعني عدم تطعيم آلاف الأطفال ما يهدد فشل الحملة برمتها، بما في ذلك اجهاض النجاح الذي تم تحقيقه في المحافظات الأخرى، ما يهدد بانتشار الفيروس إلى دول الجوار ويؤثر سلبًا على الجهود العالمية لاستئصال مرض شلل الأطفال.
وما زالت الحرب الإسرائيلية التي دخلت عامها الثاني على التوالي، تلقي بظلالها السلبية على آلاف الأطفال، الذين يصنفون ضمن الشريحة الأكثر هشاشة في المجتمع.
فإلى جانب نقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب وحالة تكدس النازحين في مراكز الإيواء وما يرافقها من انتشار للأمراض المعدية، بات الأطفال يعانون من مضاعفات صحية وانتشار للعدوى، يفاقم الاحتلال هذه المعاناة عبر تغييب التطعيم ضد شلل الأطفال الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر.
ويواصل الاحتلال تعطيل عمل النظام الصحي في محافظتي غزة والشمال، عبر منع دخول الأدوية والمستهلكات والمستلزمات الطبية إليهما وذلك بعد أن استهدفت غالبية المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف واستمرارها في ملاحقة الكوادر الطبية حيث اعتقلت وأصابت وقتلت العشرات منهم.
ومنذ أسابيع يرتكب جيش الاحتلال جرائم مركبة شمال قطاع غزة، تحديدا جباليا وبيت لاهيا، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم، حيث يستمر بقصف المدنيين، ونسف منازلهم، ويمنع دخول المساعدات والغذاء والمياه والدواء والوقود، ما أسفر عن ارتقاء أكثر من الف شهيد، وآلاف الجرحى، وعشرات المفقودين.
استهداف للأطفال
أم عاهد مسعود (34) عاما) من مدينة غزة، وهي أم لثلاثة أطفال فقدت رابعهم وزوجها بعد قصف اسرائيلي غادر لمنزلهم وكتب الله النجاة لها ولأطفالها المتبقين بعد إصابتهم إصابات متفاوتة، باتت تخشى أن يصيب أبناءها أي مكروه بعد ما أصابهم وكتبت لهم حياة جديدة.
وتقول أم عاهد لـ "الاستقلال": "توجهت في سبتمبر الماضي لأحد المراكز الصحية لتطعيم أبنائي ضد شلل الأطفال لوقايتهم من المرض وننتظر أن تنطلق المرحلة الثانية من التطعيم، معربة عن تخوفها في أن يضع الاحتلال العراقيل مجدداً أمام تنفيذ الحملة في مدينة غزة المقرر السبت القادم بعد أن عمل على اعاقتها لعدة أيام.
وبينت أن الأوضاع وما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي من اعتداءات وجرائم واعاقة عملية التطعيم يزيد من المخاطر التي تهدد حياة الأطفال إلى جانب القصف الإسرائيلي الذي هو الآخر قد تسبب بشلل المئات من الأطفال في غزة.
وطالبت أم عاهد المعنيين كافة بأن يعملوا جاهدين من أجل وقف الحرب على غزة وحماية الأطفال وتوفير لهم ما يلزم من غذاء ودواء وكذلك التعليم ليعيشوا كما يعيش أطفال العالم وينعموا بأبسط حقوقهم التي يحرمهم منها الاحتلال الإسرائيلي.
جرائم بطرق متعددة
الخوف ذاته يسيطر على أبو أحمد الأشرم (29 عاماً) من شمال غزة، في ظل تعطيل الاحتلال تنفيذ المرحلة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال في شمال قطاع غزة.
وقال أبو أحمد لـ" الاستقلال"، إن الاحتلال يرتكب جرائم بأشكال متعددة ويتخذ أكثر من طريقة لقتل الفلسطينيين سواء كانوا رجالاً أو نساء أو أطفالاً ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها في قطاع غزة."
وأشار إلى أن عدوان الاحتلال الهمجي على جباليا وشمال القطاع تسبب في تعطيل استمرار المرحلة الثانية من التطعيم ضد شلل الأطفال، مما يضاعف من المخاطر التي تهدد حياة أطفالنا في غزة".
وتابع: أطفالي باتوا يعانون من سوء التغذية وانخفاض كبير في أوزانهم جراء منع الاحتلال لدخول الأطعمة الصحية والغذاء والدواء لشمال القطاع منذ ما يزيد عن عام، الأمر الذي انعكس على صحتهم وبنيتهم الجسدية ونموهم سلباً.
وناشد أبو أحمد المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية كافة أن يكون لها دور بالضغط على الاحتلال لوقف استهدافه للمدنيين والأطفال في غزة، وحمايتهم وفق القوانين والمواثيق الدولية التي يتغنون بها، والعمل من أجل استكمال التطعيم ضد شلل الأطفال بظروف مناسبة تضمن أمن وسلامة الأطفال وذويهم.
تحذير دولي
فيما حذرت المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" في غزة روزاليا بولين من عواقب عدم تلقي أكثر من 119 ألف طفل في شمال القطاع، للجرعة الثانية من اللقاح المضاد لشلل الأطفال قبل منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
وأكدت بولين في تصريح صحفي أنه "إذا تخطينا هذا الموعد النهائي، ستنخفض مناعة الأطفال الذين تلقوا الجرعة الأولى بسرعة".
وأشارت إلى اضطرار وكالات الأمم المتحدة الثلاث المشاركة في حملة التطعيم، وهي منظمة الصحة العالمية ووكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) واليونيسف، إلى جانب وزارة الصحة الفلسطينية، إلى تأخير بدء المرحلة الثالثة والأخيرة من الجولة الثانية لحملة التطعيم ضد شلل الأطفال، في الشمال.
وذكرت أنه في حملة التطعيم، نحتاج إلى عدة أشياء. نحتاج إلى الأمان للعاملين في مجال الرعاية الصحية، وللمحفزين الاجتماعيين، وللأسر التي تأتي لتطعيم أطفالها. نحتاج إلى أن يكون الناس مستقرين حتى تنجح الحملة.
وأضافت: بسبب تصاعد القصف المستمر، أصبح العاملون في مجال الصحة منهكين، فقد قتل المئات من الناس على مدى الأسابيع الماضية، وأصيب عدد أكبر بكثير، وهناك مستشفيات تعرضت للغارات والحصار، لذا فإن الظروف غير مهيأة لبدء تلك المرحلة من الجولة الثانية لحملة التطعيم في غزة.
وقد تمت الجولة الأولى من التطعيم التي امتدت ما بين 1 و12 أيلول/ سبتمبر الماضي، فيما تم تنفيذ المرحلة الثانية من التطعيم منتصف الشهر الحالي في وسط وجنوب قطاع غزة.
التعليقات : 0