غزة/ دعاء الحطاب:
يسعى قادة الاحتلال واعضاء الكنيست الاسرائيلي بمختلف الوسائل والأساليب القمعية الى زيادة الخناق على الاسري الفلسطينيين داخل السجون، للنيل منهم وكسر إرادتهم الصلبة، تارة عبر عمليات التنكيل والتعذيب والتجويع، والإهمال الطبي، والاعتداءات الجنسية، واحتجازهم بظروف حاطه بالكرامة الإنسانية، وتارة اخرى بسن القوانين العنصرية بحقهم وعمليات القتل والاعدام، في محاولة لكسب الرأي العام الإسرائيلي لصفهم، وارضاء اليمين المتطرف واشباع مشاعره العنصرية.
وأعلن مكتب رئيس الائتلاف الحكومي في "إسرائيل"، أوفير كاتس، أن الكنيست سيصوّت الأسبوع المقبل على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، وذلك عقب تهديدات وجهها وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بوقف دعم تشريعات الائتلاف إذا لم يُطرح القانون للتصويت.
وجاء في بيان صادر عن مكتب كاتس، الإثنين الماضي، ونشره موقع واينت، أنه “بعد اجتماعٍ ضمّ رئيس لجنة الأمن القومي تسفيكا فوغل، والمستشارة القانونية للكنيست ساغيت أفيك، تقرّر مناقشة مشروع القانون الأسبوع المقبل تمهيدًا للتصويت عليه في ختام الجلسة”. وأكد البيان أن الائتلاف “ملتزم التزامًا راسخًا بإقرار القانون في أقرب وقت ممكن”.
وسارع بن غفير إلى الترحيب بالقرار، مهنئًا رئيس الائتلاف على تحديد موعد التصويت، ومشيدًا بما وصفه بـ"الجهود الكبيرة التي تبذلها لجنة الأمن القومي ورئيسها تسفيكا فوغل من حزب عوتسما يهوديت لدفع القانون قدمًا في الكنيست".
مطبق على الأرض
مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى، رياض الأشقر، أكد أن قانون إعدام الأسرى الذي صادقت عليه لجنة الأمن في "برلمان الاحتلال" (كنيست) بالقراءة الأولى، مطبق عملياً على أرض الواقع منذ عدة سنوات، لكن حكومة الاحتلال تسعى لتشريعه بشكل رسمي لإضفاء غطاء قانوني على جرائمها.
وأوضح الأشقر لـ "الاستقلال"، أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ عمليات إعدام ممنهجة ضد الأسرى بوسائل عدة كـ" القتل المباشر بعد الاعتقال والسيطرة على الأسير، أو عبر التعذيب القاتل خلال التحقيق، إضافة إلى الإهمال الطبي المتعمد، والتجويع، والاغتصاب"، دون الحاجة إلى سن قانون.
وأشار إلى ارتقاء 80 شهيداً من الأسرى منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على غزة بالسابع من أكتوبر عام 2023، والذي يعد أعلى رقم تشهده الحركة الوطنية الأسيرة منذ عام 1948 الى اليوم.
وأضاف أن "العديد من الأسرى جرى اعتقالهم وهم بصحة جيدة أو بإصابات طفيفة، لكن بعد أيام أو أسابيع يُعلن الاحتلال عن وفاتهم داخل السجون دون كشف الأسباب الحقيقية، في إطار سياسة الإعدام المتعمّد".
ونوه إلى أن "العشرات من أسرى غزة أُعدموا بعد اعتقالهم لساعات أو أيام أو أسابيع، سواء عبر التحقيق المميت باستخدام أساليب محرمة دولياً بما فيها الاغتصاب، أو بإطلاق النار المباشر عليهم، إعدامهم خنقاً أو شنقاً بدم بارد وهم مقيدون بالأصفاد ومعصوبي العينين".
وأوضح أن "الاحتلال لا يزال يخفي أسماء وهويات هؤلاء الأسرى، ويمارس بحقهم جريمة الإخفاء القسري".
وبيّن المركز أن "الضجة الإعلامية التي أثارتها مصادقة (كنيست) على القانون في هذا التوقيت تهدف إلى فرض سياسة ردع للحد من العمليات الفدائية في الضفة الغربية والقدس، إضافة إلى استكمال سياسة الانتقام والتنكيل بالأسرى التي يمارسها الاحتلال بحقهم منذ 7 أكتوبر /2023.
كما يسعى الاحتلال إلى حماية منفذي عمليات قتل الأسرى من أي مسألة قانونية مستقبلاً في حال فتح اي تحقيق بحقهم، ومحاولة إرضاء الوزير المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يقف وراء هذا القانون منذ سنوات. وفق الأشقر
ولفت الأشقر إلى أن هذه "ليست المرة الأولى التي يصادق فيها (كنيست) على القانون بقراءة أولى، حيث أقره في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 بالقراءة التمهيدية، كما كان أحد أهم شروط بن غفير للانضمام إلى حكومة الاحتلال أواخر عام 2022".
وتابع: "وفي آذار/مارس 2023 صادق (كنيست) مجدداً على القانون بالقراءة التمهيدية بناءً على مشروع قدمه بن غفير نفسه"، لافتاً إلى أن الكنيست صادق عليه مرة اخرى قبل عدة أسابيع، وما يجري الآن محاولة لفرض القانون بالقراءة النهائية بحيث يصبح قابل لتنفيذ.
عنصري بامتياز
وبدوره، يرى مدير مركز "أحرار” لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان فؤاد الخفش، أن مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين أحد أخطر مشاريع التشريع الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، ليس فقط لانتهاكه حقوق الإنسان، بل لأنه يصدر عن حكومة تُوصَف بأنها الأكثر تطرفًا وإجرامًا وانتهاكًا لحقوق الإنسان الفلسطيني، في تاريخ "إسرائيل".
وبين الخفش لـ "الاستقلال"، أن القانون يُعد ضوءًا أخضر للإسرائيليين لممارسة القتل بحق الأسرى والشعب الفلسطيني، لافتًا إلى أن هذه الفكرة سبق أن طرحها الوزير الإسرائيلي المتطرف السابق أفيغدور ليبرمان.
وأوضح أن القانون يمثل مساسًا بالمكانة القانونية للأسرى، إذ تُقدَّم صورتهم للعالم على أنهم مجرمون وقتلة لا يستحقون الحياة، في حين أن الحقيقة تؤكد أنهم مناضلون يقاومون الاحتلال، والعدالة الدولية أقرت لهم حق استخدام كل أشكال المقاومة، بما فيها المسلحة.
وشدد على أن القانون عنصري بامتياز، إذ يستهدف الأسرى الفلسطينيين فقط، حيث أضيف إليه بند ينص على أن الجريمة تكون ضد نهضة الشعب اليهودي على (أرض إسرائيل)، وهو ما لا ينطبق على المعتقل (الإسرائيلي) حتى لو ارتكب جريمة قتل بحق فلسطيني.
ولفت إلى أن الاحتلال لاحتلال يسعى لإقرار القانون رسمياً ليحظى بغطاء من أعلى سلطة تشريعية في كيانه، وليضمن الإفلات من المساءلة حتى لو كانت شكلية.
وطالب المنظمات الحقوقية الدولية بـ"تشكيل لجان تحقيق لكشف جرائم الإعدام التي ارتكبها الاحتلال بحق الأسرى خلال السنوات الأخيرة، والضغط لوقف تمرير قانون الإعدام، باعتباره قانوناً غير شرعي يهدف إلى تبرير وتشريع القتل الممنهج للأسرى الفلسطينيين.
"توحش غير مسبوق"
في حين، اعتبرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين (رسمية) ونادي الأسير الفلسطيني (أهلي)، مصادقة لجنة بالكنيست (البرلمان) الإسرائيلي على طرح مشروع قانون يسمح بإعدام أسرى فلسطينيين، بأنه "توحش غير مسبوق" للاحتلال.
وقالت الهيئتان في بيان مشترك، وصل لـ" الاستقلال" نسخة عنه، " إن مصادقة ما تسمى بلجنة الأمن القومي في الكنيست على مشروع القانون لم يعد أمرا مفاجئا في ظل حالة التوحش غير المسبوقة التي تمارسها منظومة الاحتلال".
وأضافت أن الاحتلال لم يكتف بقتل عشرات الأسرى والمعتقلين منذ حرب الإبادة (الإسرائيلية في قطاع غزة)، بل يسعى اليوم إلى ترسيخ جريمة الإعدام عبر سن قانون خاص.
وأكدت أن "هذا القانون يضاف إلى منظومه تشريعية قمعية استهدفت منذ عقود مختلف جوانب الحياة الفلسطينية، وخطوة إضافية لترسيخ الجريمة، ومحاولة لإضفاء الشرعية عليها".
ويذكر أن مشروع القانون جزء من الاتفاقات التي جرى توقيعها لإبرام صفقة تشكيل الائتلاف الحكومي برئاسة رئيس حزب الليكود بنيامين نتنياهو (رئيس الوزراء)، ورئيس حزب القوة اليهودية إيتمار بن غفير، أواخر عام 2022.
وفي مارس/ آذار 2023، صدّق الكنيست بقراءة تمهيدية على مشروع قانون يتيح فرض عقوبة الإعدام بحق أسرى فلسطينيين "مدانين بقتل إسرائيليين"، تقدم به بن غفير وأيده نتنياهو
وينص مشروع القانون على "إيقاع عقوبة الموت بحق كل شخص يتسبب عن قصد أو بسبب اللامبالاة في وفاة مواطن إسرائيلي بدافع عنصري أو كراهية ولإلحاق الضرر بإسرائيل".
ويبلغ إجمالي عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 11 ألفا و100 حتى بداية سبتمبر/أيلول الجاري، ليس بينهم المعتقلون المحتجزون في المعسكرات التابعة للجيش، وفق نادي الأسير الفلسطيني.
قانون اعدام الأسرى ... ترجمة واضحة لعنصرية الاحتلال واجرامه
تقارير وحوارات


التعليقات : 0