رأي الاستقلال (العدد 2763)
تتسع موجة الاحتجاجات بين الإسرائيليين على المضي بخطة حكومة نتنياهو بإجراء تعديلات قضائية، الامر الذي دفع نتنياهو للتفكير في تأجيل هذه التعديلات خوفا من تفاقم الأوضاع بين الإسرائيليين مؤيدين ومعارضين, وكان ما يسمى بوزير الأمن القومي الصهيوني، إيتمار بن غفير، هدد بحل الحكومة التي يترأسها بنيامين نتنياهو، حال أوقف نتنياهو التشريعات القضائية, وبحسب موقع «واللا» العبري فإن بن غفير أوضح أن «إصلاح النظام القضائي يجب ألا يتوقف ويجب أن لا نستسلم للفوضى، لأن ذلك سيضر بأمن «إسرائيل».
ونقل الموقع العبري عن مسؤولين في حزب ليكود، أن ما يسمى بوزير القضاء ياريف ليفين يضغط على وزير المالية سموتريتش ووزير الأمن القومي بن غفير لتهديد نتنياهو بحل الحكومة في حال أوقف التشريعات القضائية, يشار إلى أن المدن المحتلة عام 48م شهدت ولا زالت تشهد حالة من عدم الاستقرار والفوضى بعدما أقال نتنياهو، وزير الحرب الصهيوني، يوآف غالانت، أعقب ذلك خروج مظاهرات واحتجاجات ضد قرار نتنياهو وللمطالبة باستقالته, لتصبح التعديلات القضائية التي يطمح اليها نتنياهو بمثابة حبل مشنقة يطبق على زمارة رقبة نتنياهو فهو بين نارين, نار الصهيونية الدينية التي لا تريد الغاء التعديلات القضائية, وتصف ما يحدث من تظاهرات للعلمانية الصهيونية بالفوضى التي يجب التعامل معها بقوة وإنهاؤها لإقرار التعديلات, وغضبة الشارع الصهيوني الذي أدى الى شلل كامل في كل المؤسسات والمرافق الحكومية, والذي ينذر بتفاقم الاحداث والوصول الى حرب أهلية بين الإسرائيليين معسكر الصهيونية الدينية, ومعسكر الصهيونية العلمانية, قياديون في حزب الليكود، توقعوا أن يعلن نتنياهو، عن تعليق التشريعات القضائية، ويبدو ان نتنياهو يقف على حبل رفيع وواهن, فهو الخاسر الأكبر من كل هذا الذي يحدث, وقد ينقطع الحبل الذي يقف عليه مترنحا, ويسقط به سياسيا الى الابد.
تحرك الشارع الصهيوني ضد التشريعات القضائية تفاقم بشكل واضح في اعقاب اعلان اتحاد نقابات العمال في الكيان «الهستدروت»، امس الإثنين، إضرابًا شاملاً في المرافق الاقتصادية تعبيرًا عن حالة العصيان المدني بسبب إقالة وزير الجيش يوآف جالانت ومواصلة سن قوانين التغييرات القضائية،
وقال ما يسمى برئيس اتحاد النقابات العمالية «أرنون بار دافيد» إن الحياة الاقتصادية معطلة ابتداءً من اليوم «الاثنين» ، مشيرًا إلى أن المصانع والمحال والمرافق الاقتصادية ستبدأ اليوم حالة من العصيان المدني.
كما انضم عمال مطار بن غوريون في تل أبيب إلى دعوات الإضراب، فيما أعلن مسئول لجنة موظفي المطارات «بينحاس عيدان» عن البدء بحالة من العصيان وأنه لن يتم تسيير أي طائرة من الكيان خلال هذا اليوم، وأعلنت نقابات العمال الطبية أيضًا عن الإضراب الشامل في النظام الصحي اليوم، والعمل في المستشفيات والعيادات بنظام الطوارئ، فيما أصدرت النقابات بياناً قالت فيها إنها لن تكتفي بتأجيل البت في ما أسمته «الانقلاب» القضائي بل إلغائه نهائيًا, والغريب ان الصهيونية الدينية بزعامة ايتمار بن غفير تنظر لهذه الاحتجاجات على انها فوضى يجب انهاؤها الامر الذي يحذر منه ما يسمى برئيس الدولة الصهيوني اسحاق هرتزوغ وينذر بانه قد يؤدي الى حرب أهلية.
وقال «إن إسرائيل تمر بنقطة تحول، وشدد على مشاركته في جهود الوساطة والتحدث مع «آلاف الأشخاص» لأسابيع.
وأضاف الحرب الأهلية خط أحمر، لن أترك ذلك يحدث بأي ثمن أو بأي شكل من الأشكال», فليس من السهل ان يحذر مسؤولون إسرائيليون كبار من حرب أهلية، خاصة ان ذلك يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي، ويدفع بانهيار الشيكل امام الدولار، ويؤدي الى نقل رؤوس الأموال، وشركات كبرى الى خارج البلاد، ويؤثر على الوضع الداخلي العام, فهناك شلل أصاب الكيان الصهيوني في كل مرافق الحياة, والصراع اصبح على هوية «الدولة».
والسؤال الذي يطرح نفسه الان، ما هو دور أمريكا في كل ما يحصل داخل «إسرائيل»؟, وما هو موقف الفلسطينيين مما يحدث وكيف ينظرون اليه؟, الموقف الأمريكي المعلن من حكومة نتنياهو واضح, فهي غير راضية عن أداء الحكومة فقبل أيام فقط استدعت وزارة الخارجية الأميركية سفير «إسرائيل» مايك هرتسوغ، إلى جلسة توبيخ، وذلك في أعقاب مصادقة الكنيست على مشروع قانون «إلغاء قانون الانفصال» في الضفة الغربية وقطاع غزة, وأوضحت الإذاعة العبرية أن جلسات الاستدعاء للتوبيخ، تعتبر خطوة غير معتادة وآلية دبلوماسية نادرة للغاية في العلاقات بين إسرائيل وأميركا، حيث كانت جلسات الاستدعاء من هذا القبيل لتوضيح بعض الأمور وتنسيق المواقف بين البلدين, وهذا دليل على حجم الغضب الأمريكي من أداء حكومة نتنياهو, لذلك هناك تقديرات بدور امريكي في دعم المعارضة لمواجهة حكومة نتنياهو واسقاطها, اما فلسطينيا فقد رأوا ان ينأوا بنفسهم عن الانغماس في هذا المشهد, وان يدعوا المجال لتأكل حالة التماسك المجتمعي بين الإسرائيليين, ورغم محاولات المعارضة الصهيونية بدعوة أهلنا الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48م للنزول للشارع والمشاركة في التظاهرات لأنهم متضررون من التعديلات القضائية, الا ان الفلسطينيين نأوا بأنفسهم عن ذلك, وارتأوا ان يكونوا خارج المشهد برمته, لكن المقاومة الفلسطينية تنظر الى ما يحدث داخل الكيان انه يمثل حالة ضعف وانقسام بين الإسرائيليين مما يضعف من اركان «الدولة» ويؤدي الى انهيارها وزوالها تماما.
التعليقات : 0