بيروت – غَزَّة/ قاسم الأغا:
أكَّد عضو المكتب السياسي ورئيس الدائرة الإعلامية بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين علي أبو شاهين، أنَّ انتصار حزب الله والمقاومة الإسلامية اللبنانيَّة في تمُّوز/ 2006، شكَّل بداية تصاعديَّة لصالح محور المقاومة.
وقال أبو "شاهين" في حوار مع صحيفة "الاستقلال" أمس الجمعة: "منذ ذلك الاندحار، بدأ عصر الانْتصارات، وولَّى زمن الهزائم، وهذا شعار باتت ترفعه قوى المقاومة، إذ منذ العام 2000، عندما تحرَّرت غالبية أراضي جنوب لبنان، واندحر العدوّ الصهيوني يجرُّ أذيال الهزيمة والذُّل هو وعملاؤه.
وأضاف" حيث بدأت هذه القُوى في الصعود، وتحقيق الإنْجازات ومراكمتها والانتصار على العدوّ الصهيوني بالنقاط".
وتابع: "مقابل ذلك، بدأ العدوُّ الصهيونيّ يأخذ منحنى الانْحدار والتَّراجع، وانْتصار المقاومة في معركة ثأر الأحرار ومعركة بأس جنين أحدث تلك التَّجليات"، مشدِّدًا على أنَّ "قوى المقاومة اليوم باتت قادرة على الوقوف في وجه العدوّ وتفرض عليه الانتصارات".
وأكمل: "نحن في زمن بات واضحًا، بأنَّ هذا العدوّ ليس باستطاعته الدخول في معركة؛ إلَّا ويخرج منها منهزمًا، وغير قادر على تحقيق أيًّ من أهدافه التي يعلنها قُبيل كل عدوان يقترفه".
وأوضح أنَّ "المعادلة أثبتت بأنَّ الإرادة والإيمان والتمسُّك بالحقّ، ومع مرور الزمن؛ بدأت تحقق نتائج لشعبنا الفلسطيني، بعكس الخيارات الأخرى، التي أثبتت بأنَّها لم تأتِ لنا إلَّا بمزيد من التراجع والويلات، ولم تكن أبدًا لمصلحة شعبنا وقضيَّتنا الفلسطينيَّة".
وباركَ لشعبنا الفلسطيني، وأحرار الأمة العربية والمُسلمة انتصار المقاومة في جنين ومخيَّمها، مشيرًا إلى أنَّ لهذا الانتصار دلالات بأنَّ الدَّم الفلسطيني، ورغم اختلال ميزان القوَّة، انتصر على سيف العدو "الإسرائيلي" وآلته القاتلة والوحشية، وأثبت أنَّ الإرادة والإيمان والعزيمة قادرة على تحقيق الانتصارات.
وبيَّن أنَّ الوَحدة الميدانيَّة بين المُقاتلين، والتفاف الحاضنة الشَّعبية حول "كتيبة جنين" في "سرايا القُدس" والمقاومة خلال معركة "بأس جِنين" يُعدُّ أحد أبرز عوامل تحقيق الانتصار في هذه المعركة، منبِّهًا إلى أنَّ "العدوُّ الصهيوني يسعى دائمًا إلى شقِّ الصفّ الفلسطيني وضرب الوحدة الميدانيَّة؛ إلَّا أنَّ مخطَّطاته تلك باءت بالفشل".
أحبطت مخطَّطات الاحتلال
وفي هذا الصدد؛ شدَّد عضو المكتب السياسي بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين على أنَّ حركته أحبطت هذه المخطَّطات في المعارك التي تخوضها مع الاحتلال، وتبنِّيها استراتيجية المشاغلة والاشْتباك الدائم والمفتوح في كل جغرافيا فلسطين، وخصوصًا في الضفَّة المحتلة، دون أيَّة حسابات؛ إلَّا لمنطق استمرار المقاومة".
وقال: "إن الجهاد الإسلامي هي حركة تحرُّر وطني، برنامجها وأجندتها السياسية واضحة، عنوانه ومحوره الأساس المقاومة والعمل على تصعيدها، والتعفُّف عن الانْخراط في مشروع السلطة والانْتخابات تحت سقف اتِّفاق أوسلو".
وأردف: "حركة الجهاد انطلاقًا من وثيقتيها الفكريَّة والسِّياسيَّة، وممارساتها في الميدان بشكل مستمرّ وفتح النّيران على العدو من غزة، وتشكيل الكتائب المُسلَّحة بالضفة وبرنامجها المقاوم في كل الأرض الفلسطينيَّة المحتلَّة؛ ستظلّ وفيَّة لنهجها الجهادي بالموقف والممارسة ولن تحيد عنه؛ لكونه من واجباتها إبقاء جذوة الصِّراع مشتعلة، وأنْ تقدِّم في سبيل ذلك كل التَّضحيات؛ حتى نستطيع استنهاض الأمَّة وانخراطها في تحرير القُدس وكل فلسطين".
وأشار إلى أنَّ الجهاد الإسلامي باتت تُشكل تحدياً حقيقيًّا للعدوّ الصهيونيُ وعَثرة أمام مشاريعه الرامية لتصفية قضية فلسطين واستيطان أرضها وتهويد مقدَّساتها وتهجير شعبها، مؤكِّدًا أنَّ العدو لم يستطع ثني الحركة عن المُضيّ بالتمسك بمواقفها وقتالها المشروع له، رغم كل اعتداءاته واستهدافه وملاحقته لقيادتها ومقاتليها في كل السَّاحات والجبهات، وعلى المستويات وبالطرق كافَّة.
وقال: "حركة الجهاد الإسلامي قلبت المعادلة على العدو، الذي ما كان يحاول الاعتماد على التَّكتيكات، باستهدافه لشعبنا الفلسطيني وقضيَّته والمقاومة وعلى رأسها الجهاد الإسلامي، عبر التَّجزئة سواء جغرافيًّا أو سياسيًّا أو على مستوى ساحات الصِّراع".
واستدرك: "لكنَّ حركة الجهاد، ولا سيَّما بمعركة وحدة الساحات (أغسطس/2022)؛ كرَّست معادلة وَحدة السَّاحات الفلسطينيَّة وباتت كلَّها ساحات مواجهة ضد العدُّو الصهيونيّ، وهذا سيقود في المستقبل القريب إلى وَحدة جَبَهات المقاومة".
ونوَّه إلى أنَّ هنالك مؤشرات عدَّة تعكس وَحدة ساحات وجبهات المقاومة، منها إطلاق غزَّة الصَّواريخ ردًّا على اغْتيال الشَّهيد القائد خُضر عدنان في سجون الاحتلال، وإطلاق الصَّواريخ من جنوب لبنان صوب الأرض الفلسطينيَّة المحتلَّة، إضافة إلى استمرار العمل المقاوم في بالضفَّة.
المقاومة بالضفَّة
وبالتركيز على كيفيَّة تصعيد المقاومة في الضفة الفلسطينية، ودور قوى المقاومة ومحورها، قال "أبو شاهين" إنَّ "إشعال المقاومة بالضفَّة المحتلَّة تُشكِّل أولويَّة، والجميع يتعاطى معها كونها ساحة أُولى من ساحات الصِّراع مع العدوّ الصهيوني"، مشيرًا إلى أنَّ "الجيل الجديد من الشُبَّان الذي يقود المقاومة حاليًّا في الضفَّة، ولم يعشْ حقبة انتفاضة الحجارة (العام 1987)، وانتفاضة الأقصى (2000 -2005) أذهلَ الجميع".
وهذا كلُّه أربك حسابات العدوُّ، وجدَّد التأكيد أنَّ نبض الضفَّة لن يهدأ، رغم كل إجراءاته وسياساته العدوانيَّة، والكلام هنا لعضو المكتب السياسي للجهاد الإسلامي، الذي أشادَ بنموذج المقاومة في جنين وكتيبتها، الذي ألهم كل الفلسطينيين، وشكَّل نموذجًا مهمًّا لمدن وبلدات ومخيَّمات الضفَّة.
وأكَّد أنَّ "العدوَّ الصهيوني عجز عن احتواء المقاومة الممتدَّة بالضفة المحتلة، رغم لجوئه إلى كل الوسائل، التي من بينها عقد قمم أمنيَّة (قمَّتا العقبة وشرم الشيخ)؛ للاسْتقواء بالأمريكي والخارج، والدَّاخل أيضًا (في إشارة إلى السلطة الفلسطينية وأجهزة أمنها)".
وتابع: "قُوى المقاومة ومحورها حاضر بالدَّعم والإسناد للمقاومة بالضفة المحتلَّة، رغم الواقع الأمنيّ والميدانيّ المعقَّد فيها".
وفي هذا السِّياق، أكمل: "استطاعت حركة الجهاد الإسلامي والمقاومة أنْ تتجاوز واقع الضفَّة المعقَّد، وها نحن نشهد تشكيل كتائب مسلَّحة فيها تزداد تنظيمًا وتطوُّرًا وأداءً"، مشدِّدًا على أنَّ حركته "لن تتوقف عن برامجها بدعم المقاومة والمقاتلين بالضفَّة، ونحن على ثقة أنَّ الملحمة البطوليَّة التي شهدتها جنين ومخيَّمها تنبئ بأنَّ الانتفاضة الشاملة قادمة لا محالة".
هشاشة الكيان
وحول الأوضاع الداخلية في كيان العدوّ، بيَّن عضو المكتب السياسي بحركة الجهاد الإسلامي أنَّ "الكيان في أكثر مراحله ضعفًا وتخبُّطًا؛ نتيجة مأزقَين، الأول مأزقه الدَّاخلي، والأخير عجزه وفشله في التَّعامل مع الانتفاضة والمقاومة بالضفَة المحتلَّة".
وزاد: "مقابل ذلك، المقاومة في أفضل مراحلها، وهي تدير معاركها بكلِّ حكمة واقْتدار، وقد أثبتت التجارب الأخيرة إرباك العدوُّ وعجزه أمام التعامل مع المقاومة سواء بالضِّفة المحتلَّة أو في غزة".
المصالحة الوطنيَّة
وعلى الصَّعيد السياسي، أكَّد "أبو شاهين" أولوية ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على أسس واضحة، موضحًا أنَّ "التَّناقضات والخلافات القائمة في البرامج السياسيَّة تحول دون الوصول إلى مصالحة وطنيَّة جادَّة".
وقال: "هنالك نهجَان في الساحة الفلسطينية، الأول نهج التَّسوية والمفاوضات مع الاحتلال، والذي أثبت فشله، والثاني نهج المقاومة، الذي بات خيارًا شعبيًّا، فضلًا عن أنَّه يراكم الإنجازات ويحقِّق الانتصارات لشعبنا الفلسطيني، وهذا ما تثبته التجربة والوقائع الملموسة".
وشدَّد على وجوب تحقيق الوَحدة الفلسطينية على أُسسٍ تحمي المقاومة ومنجزاتها، كونها شرطًا موضوعيًّا لتحقيق الانتصارات على العدوّ الصهيوني، لافتًا إلى أنَّ حركة الجهاد الإسلامي ستشارك في اجتماع "الأمناء العامِّين" للقوى والفصائل المقرَّر في القاهرة نهاية شهر يوليو الجاري؛ بهدف بناء وحدة فلسطينيَّة انطلاقًا من التمسُّك بالثَّوابت الوطنيَّة وحماية المقاومة".
سياسة مُدانة
في الوقت ذاته، أدانَ عضو المكتب السِّياسي بحركة الجهاد الإسلامي مواصلة أجهزة السُّلطة الأمنيَّة بالضفَّة الفلسطينية المحتلة سياسة الملاحقة والاعتقال السياسي، خصوصًا ضد قيادة الحركة وكوادرها، داعيًا السلطة إلى التَّراجع عن هذه السلوكيات؛ لضمان نجاح اجتماع الأمناء العامِّين في العاصمة المصريَّة".
وقال: "هذا الاجتماع يتطلَّب تهيئة الأجواء، والتَّعاطي بمسؤولية وطنيَّة وحرص وانفتاح من السلطة؛ لطيّ صفحة الانقسامات القائمة، وهذا يستدعي أيضًا توفُّر الإرادة السياسيَّة الحقيقيَّة لدى بعض الأطراف".
وهنا، شدَّد على أنَّ المدخل الحقيقي للمصالحة الوطنيَّة الشاملة بوابته إعادة بناء وإصلاح منظَّمة التحرير الفلسطينيَّة على قواعد واضحة ومتفَّق عليها في كل الحوارات السابقة؛ لتكون إطارًا جامعًا للكل الوطنيّ، منبِّهًا إلى "أنَّ المنظَّمة بشكلها الحالي لا تمثل الكل الفلسطيني".
وذكرَ أنَّ "ما يتعرَّض له شعبنا الفلسطيني من جرائم إبادة وتهجير، ومخطَّطات استكمال الضمَّ والاستيطان والتَّهويد للمسجد الأقصى والقدس وكل الأرض؛ تُحتِّم على الكل الوطني الالتفاف حول نهج المقاومة، وتعزيز الوحدة الميدانيَّة، كمنطلق لبناء وحدة سياسية جادَّة"، معربًا عن أمله لجهة "نجاح اجتماع الأمناء العامِّين المرتقب بالقاهرة، والعمل على تنفيذ مخرجاته بالشكل الذي يُحقق أهداف شعبنا ويعزِّز من صموده ومقاومته ضد الاحتلال.
التعليقات : 0