تكشف تصدعاً في وحدات الجيش

تحليل: عرائض الجيش تكشف استغلال نتنياهو لحرب غزة سياسياً

تحليل: عرائض الجيش تكشف استغلال نتنياهو لحرب غزة سياسياً
تقارير وحوارات

غزة / معتز شاهين:
أثار توقيع مئات الطيارين والضباط في جيش الاحتلال على عريضة ضد استمرار الحرب في غزة، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية والعسكرية، مما يشير إلى تصدّع محتمل في الإجماع الداخلي الإسرائيلي الذي تشكّل بعد هجمات السابع من أكتوبر.
وقد تصاعدت موجة التمرد الصامت داخل جيش الاحتلال ضد استمرار الحرب، حيث امتدت من سلاح الطيران إلى الاستخبارات، في خطوة وصفها المراقبون بأنها تحول استراتيجي يحمل دلالات سياسية وعسكرية عميقة.
وأكد المراقبون في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال" يوم الأحد، أن العريضة تكشف أن الحرب لم تعد تُخاض لأسباب أمنية، بل لأهداف سياسية تتعلق ببقاء الحكومة في السلطة.
وكان 200 طبيب احتياط في جيش الاحتلال وقعوا عريضة جديدة تطالب بوقف الحرب على غزة وإعادة الأسرى فورًا، معتبرين أن استمرار القتال يخدم مصالح سياسية وشخصية ولا يحقق أهدافًا أمنية حقيقية، بل يعرّض الجنود والمحتجزين للخطر.
وتأتي هذه العريضة ضمن سلسلة متصاعدة من العرائض التي وقعها مئات العسكريين من سلاح الجو، البحرية، الاستخبارات، وقوات النخبة، احتجاجًا على استمرار الحرب، وسط دعم من عائلات الأسرى وانتقادات حادة من حكومة بنيامين نتنياهو التي اعتبرتها "عصيانًا" يهدد الأمن.
وعلى أثر ما سبق توعد نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، ووزراء في حكومته بفصل موقعي هذه العرائض من الخدمة، معتبرين أنها "تقوي الأعداء في زمن الحرب"، وناعتين إياها بـ"التمرد" و"العصيان".

وبدعم أمريكي ترتكب "إسرائيل"، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 167 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
حقيقة الحرب
واعتبر الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، نظير مجلي، أن هذه الرسائل الصادرة عن قيادات عسكرية رفيعة، من مختلف أفرع جيش الاحتلال، تعكس تحولًا مهمًا داخل الجيش والمجتمع الإسرائيلي.
وأوضح مجلي لـ "الاستقلال"، أن الضباط يرون أن الحرب لم تعد تُخاض لأسباب وطنية أو أمنية، بل لأهداف سياسية تتعلق ببقاء الحكومة في السلطة، حتى إذا كان الثمن التفريط بجنود الاحتلال الأسرى في غزة.
وأشار إلى أن توقيت صدور هذه العريضة يعكس نضوج حركة الاحتجاج في الشارع الإسرائيلي، والمجتمع العسكري، حيث أصبح جزء كبير من الجيش غير مقتنع باستمرار الحرب ويمارس ضغوطًا مباشرة على الحكومة لوقفها.
وأضاف مجلي أن القيادة العسكرية حاولت إقناع الضباط بعدم نشر رسائلهم الاحتجاجية، عبر لقاء حضره قائد سلاح الجو ورئيس الأركان، لكن المحاولة باءت بالفشل لقناعتهم بعدم جدوى استمرار الحرب.
وأكد، أن أهمية هذه الرسائل تكمن في أنها صادرة عن ضباط محترفين يعرفون متى تكون الحرب ضرورية، ومتى تتحول إلى عبء على الدولة.
ورأى مجلي أن ما يجري هو تصعيد محسوب من قبل المؤسسة العسكرية التي لا ترغب في توسيع رقعة الاحتجاج، لكنها قد تفشل في ذلك، مع بلوغ الاحتجاج مرحلة جديدة من القوة والوضوح.
وبيّن المختص بالشأن الإسرائيلي أن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، سيحاول التقليل من أهمية هذه التحركات، لكنه في النهاية لن يستطيع تجاهلها بالكامل.
وأضاف أن استجابته للضغوط ستكون مدفوعة بالأساس من الضغوط الأمريكية، وليس من الداخل الإسرائيلي.
استراتيجية مهددة
من جهته، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، عصمت منصور، إن توقيع مئات الطيارين في جيش الاحتلال على عريضة احتجاجية ضد استمرار الحرب في غزة يحمل رسائل سياسية وعسكرية ذات دلالة قوية، خاصة فيما يتعلق بكسر حالة الإجماع الداخلي الإسرائيلي الذي ساد بعد هجمات السابع من أكتوبر.
وأوضح منصور لـ "الاستقلال" يوم الأحد، أن العريضة تكشف عن تصدعات متزايدة في صفوف أبرز وحدات الجيش، مثل سلاح الجو، المدفعية، ووحدة الاستخبارات 8200.
وأضاف أن الطيارين باتوا يشعرون بثقل الحرب، في ظل الخسائر البشرية الكبيرة، وتنامي القناعة بأن الحكومة الحالية، بقيادة نتنياهو، تدير الحرب لأسباب حزبية، بعيدًا عن الاعتبارات الوطنية الشاملة.
ولم يستبعد منصور أن تتسع رقعة هذه الموجة الاحتجاجية لتشمل فروعًا أخرى في الجيش وربما تمتد إلى صفوف الجنود النظاميين، مع تزايد حالة الاستقطاب داخل المجتمع الإسرائيلي.
وأكد أن استمرار هذه الضغوط قد يدفع نتنياهو، رغم تهجمه المستمر على هذه التحركات، إلى إعادة النظر في استراتيجياته العسكرية، وربما الاتجاه نحو إنهاء الحرب جزئيًا لتفادي انقسامات أعمق داخل المجتمع الإسرائيلي.
وبعد شهرين من اتفاق وقف اطلاق النار بين المقاومة وجيش الاحتلال، استأنف الأخير عدوانه العسكري على قطاع غزة في 18 مارس. ومن جهة أخرى، أفرجت التهدئة الأخيرة عن 33 أسيرًا إسرائيليًا، بينهم 8 قتلى، مقابل إطلاق سراح نحو 1800 فلسطيني من سجون الاحتلال. وبقي 58 إسرائيليًا، معظمهم من الجنود، في قبضة المقاومة في غزة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق