صحفيو غزة أجساد وقلوب تنصهر.. كيف أحرق الاحتلال الحقيقة في غزة؟

صحفيو غزة أجساد وقلوب تنصهر.. كيف أحرق الاحتلال الحقيقة في غزة؟
تقارير وحوارات

صحفيو غزة أجساد وقلوب تنصهر.. كيف أحرق الاحتلال الحقيقة في غزة؟
غزة/سماح المبحوح:
في خيمة صغيرة نُصبت قرب مستشفى مجمع ناصر الطبي في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، جلس الصحفي أحمد منصور، يتابع عمله في توثيق ونقل جرائم الاحتلال الإسرائيلي وهو يحمل قلماً وعدسة لا سلاحاً.
كان صوت "منصور" أحد الأصوات التي كانت تحكي للعالم عن المجازر المنسية في القطاع المنكوب.. لكنه لم يُكمل الحكاية، فصاروخ إسرائيلي أذاب جسده حرقا وأنهت سلاحه الوحيد، الذي أشهره لفضح جرائمه.
ففي قطاع غزة المشتعل بحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة لأكثر من عام ونصف، لا ينجو حتى من يحمل الكاميرا.
وحبس فيديو صادم انتشر الإثنين الماضي، الأنفاس لأيام في كل مرة يتم فيه مشاهدة وتذكر جسد مراسل وكالة" فلسطين اليوم الإخبارية" المحلية الصحفي أحمد منصور، وهو يذوب من شدة النيران، داخل خيمة الصحفيين قرب مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة.
وأسفر استهداف الخيمة عن استشهاد الصحفي منصور الثلاثاء الماضي متأثرا بإصابته، إضافة زميله في ذات الوكالة الإخبارية الصحفي حلمي الفقعاوي والشاب يوسف الخزندار، وإصابة 9 صحفيين آخرين بجراح متفاوتة.
والصحفيين المصابين هم، حسن إصليح، وأحمد الأغا، ومحمد فايق، وعبد الله العطار، وإيهاب البرديني، ومحمود عوض، وماجد قديح، وعلي إصليح.
مخطط ممنهج ومدروس
مقرر لجنة الحريات في نقابة الصحفيين العرب ورئيس لجنة الحريات في نقابة الصحفيين الفلسطينيين محمد اللحام أكد أن استهداف الصحفيين هو مخطط ممنهج ومدروس من أعلى مستوى بحكومة الاحتلال الإسرائيلي، بهدف إسكات صوت الحقيقة وإخفاء بشاعة جرائمه للعالم.
وقال اللحام لـ"الاستقلال" إن:" جرائم الاحتلال ضد الصحفيين تأتي ضمن سلسلة متصاعدة من الجرائم التي تطال الصحفيين بشكل مباشر، في محاولة ممنهجة لإسكات الصوت الفلسطيني وتغييب الحقيقة".
وأضاف:" جريمة الاحتلال بحق الصحفيين تأتي ضمن سلسلة من الانتهاكات المتعمدة، التي تشمل القصف والقتل خارج إطار القانون، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، بهدف ترويع الصحفيين وردعهم عن أداء مهامهم الإنسانية والمهنية".
وأوضح أن الصحفيين لم يعد لهم مكان ليعملوا فيه، حيث تم قصف مقارهم الصحفية ومؤسساتهم الإعلامية، فقاموا باستحداث خيام مع شواخص وعلامات واضحة تشير إلى وجودهم وتشير إلى مهنتهم، رغم ذلك، تمت ملاحقتهم واستهدافهم.
وبين أن الاحتلال واهم أنه كلما رفع وتيرة استهداف الصحفيين وقتلهم يخلق حالة من الترهيب ومنعهم من الميدان، الحقيقة أن كل ذلك يدفعهم للإصرار على مواصلة عملهم.
الأعلى تاريخياً
وكيل نقابة الصحفيين المصريين محمود كامل رأى أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب جرائم كبرى بحق الصحفيين والمؤسسات الصحفية في قطاع غزة، تجاوزت عدد الجرائم التي ارتكبت بحقهم خلال الحروب التي جرت وتجري بأنحاء العالم.
وشدد كامل لـ "الاستقلال" على أنه منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، استشهد 211 صحفيا، في أعلى حصيلة للصحفيين في أي نزاع بالتاريخ الحديث والقديم.
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي لا يستهدف الصحفيين فقط إنما يستهدف أيضا عائلاتهم، في محاولة منه لثنيهم عن ممارسة عملهم المهني والإنساني، مستغربا من ازدواجية المعايير التي يتعامل بها العالم بين الصحفي في الحرب الأوكرانية الروسية والصحفي في قطاع غزة.
وأشار إلى أن العالم يكيل بمكيالين، حيث حين يخدش صحفي أوكراني، تحدث ضجة إعلامية كبيرة، ويسلط الضوء على الخبر، بعكس التعامل مع الأحداث التي تتم ضد الصحفيين في قطاع غزة.

إدانات حقوقية
دانت مراكز حقوقية استهداف قوات الاحتلال الاسرائيلي فجر الإثنين الماضي، خيمة للصحفيين الفلسطينيين في خان يونس جنوب قطاع غزة، مؤكدة أن الاحتلال حول الصحفيين بغزة أهدافاً مباشرة لهجماته.
وندد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف) في بيان، الاستهداف المباشر للصحفيين، ما أدى إلى استشهاد صحافيين وإصابة تسعة صحافيين آخرين بجروح، ومن ثم المجاهرة علنًا ورسميًّا باستهداف الصحافيين عن سبق إصرار وبقصد القتل العمد، بسبب عملهم الإعلامي.
كما دان مركز "الميزان لحقوق الإنسان" (حقوقي مستقل) استهدافها خيام الصحفيين في خان يونس، مشددًا على أن تكرار الهجوم على الصحفيين يعد دليلاً واضحاً على تعمد استهدافهم، والتسبب بالأذى الجسدي والنفسي لهم.
بدوره، دان المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية (مدى) بأشد العبارات الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الإثنين السابع من ابريل/ نيسان، والمتمثلة في قصف خيمة مخصصة للصحفيين في محيط مستشفى "ناصر" الطبي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق