غزة/ سماح المبحوح:
دخل عدوان الاحتلال الإسرائيلي الهمجي على مدينة طولكرم ومخيماتها يومه 102 يوم وسط عمليات هدم جديدة للمنازل، والاستيلاء على أخرى، وإجبار المواطنين على النزوح من منازلهم تحت قوة السلاح والارهاب، وتشريدهم للقرى والبلدات المحيطة.
والجمعة الماضية، أعلت قوات الاحتلال الإسرائيلي نيتها هدم قرابة 106 بنايات، منها 48 منزلا في مخيم نور شمس و58منزلا في مخيم طولكرم، بدعوى ما سماها "إجراءات عسكرية"، وعلى إثر ذلك حاول الأهالي الوصول إلى المنازل التي أُعلن عن نية هدمها، كي يتمكنوا من اخراج ملابسهم وأمتعتهم، لكن دون جدوى، بسبب منعهم واحتجازهم لساعات في ساحات داخل المخيمات.
ووفق التقديرات الرسمية، فإن قوات الاحتلال هدمت منذ بدء عملية "السور الحديدي" في مخيمات شمال الضفة الغربية قبل 4 أشهر، ما يعادل 1500 منزل بشكل كامل.
وأسفر تصعيد الاحتلال المتواصل على مدينة طولكرم ومخيميها عن استشهاد 13 مواطنا، بينهم طفل، وامرأتان، إحداهما حامل في الشهر الثامن، إضافة إلى إصابة واعتقال العشرات، وإلحاق دمار شامل في البنية التحتية والمنازل والمحال التجارية والمركبات التي تعرضت للهدم الكلي والجزئي والإحراق والتخريب والنهب والسرقة.
كما تسبب العدوان في حركة نزوح قسري لأكثر من 4200 عائلة من مخيمي طولكرم ونور شمس، تضم أكثر من 25 ألف مواطن، وتدمير 396 منزلا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما بالسواتر الترابية.
وتشير التقديرات أيضا إلى أن الاحتلال يسعى إلى شق 12 طريقا، بعرض 3 أمتار للطريق الواحد، وهو ما يعني إلغاء جغرافية المخيم المتمثلة بقرب المنازل من بعضها البعض، وضيق حاراته وشوارعه.
يشار إلى أنه في 21 يناير/كانون الثاني 2025 بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانا عسكريا على شمال الضفة استهله بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما، ثم وسّع عدوانه إلى مدينة طولكرم في الـ27 من الشهر نفسه.
غصة قلب
طوال 4 ساعات، حاولت الستينية نهاية الجندي الدخول إلى منزلها في مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، لأخذ ما يمكنها حمله من المقتنيات، قبل أن يطاله الهدم أسوة بعشرات المنازل التي دمرت على مدار شهور.
منعت قوات الاحتلال المواطنة الجندي من الوصول إلى منزلها رغم حصولها على إذن مسبق بذلك، قائلا:" منعني الاحتلال من الوصول لمنزلي، ما بدي شىء غير أن أودعه قبل ما ينهدم وآخذ منه ذكرياتي وذكريات زوجي وأولادي ومقتنياتنا".
وتضيف بغصة:" 54 سنة وانا عايشة بمخيم نور شمس قضيت منهم 15 سنة ونحن نعمر بيتنا حجر حجر من تعب وشقى زوجي، وفي الآخر منعني جيش الاحتلال أدخله لآخر مرة".
وتشير إلى أن الكلاب البوليسية تعيث فسادا في بيوت المخيم القائمة والتي لم يطالها الهدم إلى الآن، و فقدوا الأمل في العودة إليها، متسائلا "لماذا المخيمات تدفع الثمن ،ولماذا النازح تتكرر معاناته منذ عام 48؟
نكبة جديدة
رئيس اللجنة الشعبية لخدمات مخيم طولكرم للاجئين الفلسطينيين شمال الضفة الغربية المحتلة فيصل سلامة، أكد أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس عدوان وحشي ضد مخيمات شمال الضفة، خاصة مخيمات طولكرم منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث تعرضت لحوالي 62 اجتياح، صحبها تدمير لشبكات المياه والكهرباء والاتصالات والصرف الصحي والمنازل وهدم المحال التجارية.
ويصف سلامة وضع المخيمات بـ "المأساوي والصعب"، حيث تكررت النكبة مرة أخرى للاجئين وأحفادهم، قائلا:" الاحتلال قام تحت قوة السلاح والارهاب وآلياته العسكرية القاتلة بطرد السكان من المخيمات وحولها لثكنة عسكرية مراقبة بالكاميرات، فلم يبق منهم أحد في منزله".
واضاف " أن ذلك يتزامن مع أوضاع صعبة يمر بها النازحون الذين تشتتوا في أحياء وقرى المحافظة، حيث يمكث عدد منهم في 13 مركز إيواء، إضافة لاستئجار آخرين بيوت سكنية، وسط تقديم خجول للمساعدات المالية والعينية لهم، مشيرا إلى النازحين من مخيم نور شمس ومخيم طولكرم يحتاجون اليوم جهودا حقيقية رسمية لوقف هذه المعاناة، لكون الحل ليس في إقامتهم في منازل مؤقتة بأعداد قليلة جداً، بل عودتهم إلى المخيم.
ولفت إلى أن جميع لاجئي المخيم نزحوا قسرا جراء العملية العسكرية الإسرائيلية المتواصلة لليوم 102 على التوالي، مشددا على أن الاحتلال يخطط لتغيير معالم المخيمات وإعادة هيكلتها الهندسية، وتحويلها لمربعات سكنية، بعد أن يهدم المنازل ويشق الطرقات حتى يسهل سيطرته عليها.
وعن دورهم الإنساني، أوضح رئيس اللجنة إلى أنهم يعملوا بالتنسيق مع المؤسسات الشريكة الحكومية والمحلية والدولية على تخفيف معاناة النازحين وتعزيز صمودهم، من خلال مساعدتهم مادية وعينيا.
وبين أن المحافظة خصصت مسكنا لحوالي ألف عائلة، ودفعت 3 أشهر من قيمة إيجاره، كما عملت أونروا على دفع بدل إيجار لقرابة 190 عائلة، ووزارة العمل وفرت فرص عمل لبعض الأفراد النازحين لمدة 3 أشهر.
وأشار إلى أن العمل جاري على "قدم وساق" مع المؤسسات الشريكة كالإغاثة الزراعية لتوفير طعام وشراب، وتقديم مبلغ مالي ألف شيكل كمساعدة إنسانية لعدد من العائلات، مضيفا :" نحاول تقديم مساهمات اغاثية واقتصادية، لكن نحن أمام كارثة متمثلة في نزوح أكثر من 24 ألف شخص من المخيمين، هذه نكبة حقيقة".
التعليقات : 0