غزة/ دعاء الحطاب:
بوقتٍ تنفذ فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة بمختلف أنحاء الضفة الغربية وتحديداً شمالها، شملت "مداهمات واعتقالات واقتحام منازل واحتلالها وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، بالإضافة إلى اعتداءات وجرائم المستوطنين اليومية بحق الفلسطينيين"، عادت العمليات الفدائية لتتصدر المشهد الأمني والسياسي من جديد، لتؤكد أن المقاومة موجودة، وأن "اسرائيل" لن تحصل على "صفر مقاومة، لا في الضفة ولا بغزة، فما دام هناك احتلال ستبقى جذوة المقاومة مشتعلة".
وكان من أخر أشكال العمل المقاوم في الضفة الغربية المحتلة، تنفيذ عمليتين، أحداهما قرب مستوطنة "عطيرت" شمال رام الله، والأخرى في شمال مدينة الخليل.
ففي مستوطنة "عطيرت"، قالت قوات الاحتلال أن مستوطناً أشتبه بفلسطين يحمل حقيبة فهرع إليه الجنود، وقام بطعن جنديين من لواء المظليين، فيما أطلق الجنود عليه النار قبل الاحتفاظ بجثمانه.
وفي شمال الخليل بالقرب من حلحول، قالت قوات الاحتلال أن منفذ العملية قام بدهس مجندة اسرائيلية، واطلقت قوات الاحتلال الرصاص عليه، إلا أنه تمكن من الانسحاب، ثم قامت بإجراء عمليات بحث عنه بالمستشفيات قبل الاحتفاظ بجثمانه مرة أخرى بعد استشهاده.
وأبلغت الهيئة العامة للشؤون المدنية وزارة الصحة، باستشهاد منفذي العمليتين مهند الزغير (17 عامًا) ومحمد أسمر (18 عامًا) برصاص الاحتلال.
وبحسب إحصائيات فلسطينية رسمية، فقد شهدت مناطق الضفة الغربية والقدس المحتلة خلال تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، 341 عملاً مقاوماً نوعيا وشعبيا، أسفرت عن مقتل إسرائيلي واحد وإصابة 8 آخرين بجراح متفاوتة.
وذكرت إحصائية لمركز معلومات فلسطين "معطى"، أنه خلال الشهر، نفذت 27 عملية نوعية، من بينها 10 عمليات إطلاق نار واشتباكات مسلحة، 16 عملية زرع أو إلقاء عبوات ناسفة استهدفت قوات الاحتلال وآلياته، إلى جانب محاولة دهس وطعن واحدة، عدا عن 14 محالة لإلقاء زجاجات حارقة و مفرقعات نارية ضد جنود الاحتلال ومركباته.
كما رصد المركز 48 حالة تصدى لاعتداءات المستوطنين في القرى والبلدات الفلسطينية، وتضرر 9 مركبات تابعة للمستوطنين جراء الرشق بالحجارة.
وفي إطار المواجهات الميدانية، وثق المركز 228 مواجهة مع قوات الاحتلال، اندلعت على خلفية الاقتحامات والاعتداءات المتواصلة، وترافقت مع 16 مظاهرة ومسيرة احتجاجية جابت عدة مناطق.
رد طبيعي ومشروع
الكاتب والمحلل السياسي علاء الريماوي، يرى أن العمليات البطولية التي نفذها أبطال شعبنا في الضفة الغربية، وكان آخرها عملية الدهس في مدينة الخليل والطعن في مستوطنة عطيرت بالقرب من مدينة رام الله، تأتي في سياق رد الفعل الطبيعي والمشروع على جرائم الاحتلال و مستوطنيه في الضفة والقدس المحتلة وقطاع غزة.
وقال الريماوي خلال حديثه لـ "الاستقلال": "أن الضفة الغربية تتعرض لهجمات اسرائيلية غير مسبوقة، فيومياً هناك 60 عملية اقتحام للمدن والقري الفلسطينية، و 70 عملية مداهمه ليلية بمختلف أنحاء الضفة، كما وصل متوسط الاعتقالات لـ 50 عملية يومياً، بالإضافة لأكثر من 1000 إعاقة حركية باليوم"، مشيراً إلى وجود أكثر من ١٣٠٠ حاجز وبوابة عسكرية بين القري الفلسطينية.
و أضاف:" أن جرائم الاحتلال لم تتوقف عند هجماته السياسية والعسكرية، بل عمل على خلق بيئة اقتصادية صعبة على المواطنين الفلسطينيين، من خلال توقيف أكثر من 370 ألف عامل كانوا يعملون بالداخل المحتل عن العمل، ومصادرة اموال المقاصة، وتراجع دخول الأسر الفلسطينية لأكثر من 70٪ من دخولهم الأساسية".
وأوضح أن كل ما سبق، ممزوجا بما يجري في قطاع غزة من مجازر وانتهاكات بحق الفلسطينيين، جعلت التقديرات الأمنية الإسرائيلية ذاتها تشير إلى أن هناك حالة و بيئة حاضنة لتوجيه الغضب وردود فعل باتجاه الاحتلال.
وبين أن الاحتلال يسابق الزمن في عمليات واسعه بمنطقة طوباس وشمال الضفة، من أجل إنهاء المقاومة و إخضاع الفلسطينيين، لكن كافة المؤشرات تؤكد أنه" كلما زاد الضغط الإسرائيلي، زاد الانفجار الفلسطيني".
وأجزم الريماوي أنه: "لا يمكن لـ(إسرائيل) الحصول على صفر مقاومة.. لا في الضفة ولا بغزة، ما دام هناك احتلال ستبقى جذوة المقاومة مشتعلة".
وشدد على أن العمليات الفدائية حق طبيعي للشعب الفلسطيني والمقاومة، وهي أحد أوجه حيوية المقاومة في الضفة، وتثبت أن كل المحاولات التي تستهدف قتل الروح النضالية تبوء بالفشل.
معضلة للاحتلال
وبدوره، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي ياسر مناع، أن العمليات الفدائية الأخيرة بالضفة الغربية شكلت "مفاجأة" للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، لاسيما في ظل الحملات العسكرية المتواصلة شمال الضفة.
وقال مناع خلال حديثه لـ "الاستقلال":" أن موجة العمليات الأخيرة بالضفة الغربية لا يمكن وصفها بأنها حوادث معزولة، فالضفة منذ انتفاضة الأقصى حتى اليوم تعيش حالة استنزاف متواصلة وأحداثا متراكمة، فعلى مدى أكثر من عقدين تخضع لمزيج من القتل والاعتقال و المداهمات والتوسع الاستيطاني والعقاب الجماعي، مما أفرز بيئة غير مستقرة تنتج باستمرار أشكالا متعددة من الفعل الفلسطيني المنظم والفردي".
وأوضح أن العمليات في الضفة ولاسيما الفردية منها، تشكل معضلة حقيقية لـ"إسرائيل" على المستويين الأمني والسياسي، كونها عمليات تفاجئ المنظومة الأمنية دون إنذار مسبق.
ونوه الى أن أكثر ما تخشاه المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو العمليات الفردية، لما تخلقه من حالة تقليد وإلهام في أوساط الشباب بما يجعل من الصعب التنبؤ بها أو السيطرة عليها بالكامل.
وبين أن تنفيذ هذه العمليات تُثبت أن المقاومة موجودة وحاضرة في الضفة، كما أن استمرارها بزخمٍ كبير رغم الحملات العسكرية الواسعة خاصة شمال الضفة، يؤكد أن الإرادة الفلسطينية أقوى من سياسات الاحتلال ويفضح عجزة عن كبح جماح المقاومة ووقف العمليات البطولية.
وأشار إلى أن هذه العمليات تؤكد بأن خيار شعبنا هو المقاومة و كنس الاحتلال عن أرض فلسطين.


التعليقات : 0