التهديد الإسرائيلي بضم غزة: أداة ضغط أم إعلان حرب؟

التهديد الإسرائيلي بضم غزة: أداة ضغط أم إعلان حرب؟
تقارير وحوارات

غزة/ معتز شاهين:
بينما يشهد ملف المفاوضات بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية حالة من الجمود العميق، بدأت تل أبيب تلوّح بخطوات أحادية، كان أبرزها إعلان نيتها ضم أجزاء من قطاع غزة، وهو ما أثار موجة واسعة من ردود الفعل السياسية والأمنية، وفتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت إسرائيل تمضي فعلًا نحو فرض واقع جديد في القطاع، أم أن ذلك لا يتعدى كونه أداة تكتيكية للضغط في معركة الإرادات الجارية.
وأجمع مراقبون خلال أحاديث منفصلة مع "الاستقلال"، أمس الأربعاء، على أن إعلان الاحتلال نيته ضم أجزاء من غزة لا يعكس تحولًا استراتيجيًا ثابتًا بقدر ما هو تكتيك ضغط سياسي وأمني مرتبط بالجمود الحالي في المفاوضات مع الفصائل الفلسطينية، لكنه – في حال تنفيذه فعليًا – سيقلب قواعد اللعبة ميدانيًا ويدفع بالمنطقة إلى مرحلة أكثر تصعيدًا وتعقيدًا.
وكان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عرض على المجلس الوزاري المصغر (الكابينيت) خطة لضم أجزاء من قطاع غزة، في محاولة لإبقاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بالحكومة بعد تلويحه بالاستقالة إثر إعلان تل أبيب السماح بإدخال مساعدات للقطاع، وفق ما كشفت صحيفة "هآرتس"، الاثنين.
وقال مسؤول إسرائيلي بارز، لم تسمه الصحيفة، إن تل أبيب ستمنح المقامة في غزة مهلة لعدة أيام للموافقة على وقف النار في غزة، أو تنفيذ الخطة التي تقضي بضم أجزاء من القطاع على مراحل حتى تستسلم الحركة.
عزلة إسرائيل
وأكد الكاتب والمحلل السياسي المصري د. حسام فاروق أن إعلان إسرائيل نيتها ضم أراضٍ من غزة أو الضفة الغربية المحتلة لا يمثل تحوّلًا جديدًا في سياستها، بل يأتي في إطار تكتيك دعائي وسياسي متكرر، تلجأ إليه حكومة الاحتلال وتحديدًا جناحها اليميني المتطرف بهدف الضغط على الأطراف الفلسطينية والدولية على حد سواء.
وأوضح د. فاروق لـ "الاستقلال"، أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يتماهى مع أطروحات قادة اليمين المتطرف مثل سموتريتش وبن غفير، الذين يدفعون نحو تنفيذ خطوات الضم دون اكتراث بالتبعات الدولية، مستغلين أي تصريحات خارجية لتبرير هذا النهج.
ورأى أن إسرائيل، على الرغم من التصعيد اللفظي، لن تجرؤ على تنفيذ الضم فعليًا في هذه المرحلة، بسبب اتساع رقعة الحراك الدولي، خصوصًا من قبل الدول الأوروبية، الذي بات يتجه بقوة نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
وأضاف: "بريطانيا، مثل فرنسا، تسير باتجاه الاعتراف بفلسطين، وقد تنضم إليها دول أخرى مثل أستراليا، ما يُمثل تصعيدًا دبلوماسيًا معاكسًا للسياسة الإسرائيلية".
وفي هذا الإطار، أشار د. فاروق إلى أن إسرائيل تعيش اليوم عزلة دولية غير مسبوقة، مشيرًا إلى وجود منظمات إسرائيلية داخلية بدأت تصف ما يحدث في غزة بأنه "تطهير جماعي"، بالإضافة إلى تغير واضح في خطاب الإدارة الأميركية تجاه ما يجري على الأرض.
وأوضح أن التوجه الدولي يمضي قدمًا نحو الضغط على إسرائيل لا العكس، وأن خطوات الضم المحتملة لن تعرقل هذا الحراك، بل قد تدفع به إلى التسارع، بوصفه ردة فعل مباشرة على تمادي إسرائيل في سياساتها الاحتلالية.
خطر الضم
من جانبه، وصف المحلل السياسي د. سعيد أبو رحمة التلويح بضم أجزاء من غزة بأنه تحوّل خطير في استراتيجية الاحتلال، قائلاً إن التفكير بالضم يُعد قفزة عن السياسات التقليدية التي كانت تركز على العزل والسيطرة غير المباشرة.
وأكد د. أبو رحمة لـ "الاستقلال"، أن مثل هذه الخطوة ستكون بمنزلة إعلان حرب على المشروع الوطني الفلسطيني، وستدفع الفصائل إلى ردود ميدانية عنيفة، ما ينذر بتوسيع دائرة الاشتباك بشكل خطير.
واتفق مع ما ذكره فاروق بشأن صعوبة تنفيذ الضم فعليًا، مشيرًا إلى أن جيش الاحتلال، وإن امتلك القدرة العسكرية على السيطرة المؤقتة، إلا أنه يدرك أن الاحتفاظ بتلك المناطق على المدى الطويل سيكون عبئًا أمنيًا وسياسيًا كبيرًا، خصوصًا في ظل بيئة معقدة كقطاع غزة.
وفيما يتعلق بالموقف الداخلي الإسرائيلي، أوضح د. أبو رحمة أن الشارع منقسم بين يمين متطرف يؤيد الضم بلا شروط، ومؤسسة أمنية وعسكرية تحذر من التورط في مستنقع غزة وما يحمله من خسائر بشرية واقتصادية

التعليقات : 0

إضافة تعليق