هل تنجح الوساطات في عبور المرحلة الثانية دون انفجار جديد؟

هل تنجح الوساطات في عبور المرحلة الثانية دون انفجار جديد؟
تقارير وحوارات

غزة/ أحمد حمدي:
مع اقتراب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي، تتجه الأنظار إلى ما ستؤول إليه المرحلة الثانية، وسط ترقّبٍ حذرٍ وتكثيفٍ للتحركات الدبلوماسية. فبينما تسعى الوساطات الإقليمية والدولية إلى تثبيت الهدوء وتوسيع بنود الاتفاق، تحذّر أطرافٌ مراقبة من هشاشة التفاهمات وإمكانية عودة التصعيد في أي لحظة إذا ما تعثرت المفاوضات حول الملفات الحساسة، وعلى رأسها تبادل الأسرى ورفع الحصار وإعادة الإعمار.
وتشير تقديرات محللين إلى أنّ نجاح المرحلة المقبلة سيعتمد على مدى التزام الأطراف بالضمانات الميدانية والسياسية، في ظل تزايد الضغوط الداخلية على حكومة الاحتلال، وإصرار المقاومة على تحقيق مطالبها دون تنازل عن ثوابتها الوطنية.
ورغم ترحيب الشارع الغزي بالاتفاق بعد مأساة إنسانية غير مسبوقة، تظل عوامل تثبيته ميدانيًا مرهونة بالتزام الاحتلال بتطبيقه في ظل تعقيدات الواقع الميداني والسياسي في القطاع.
وشارفت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، بين حماس و"إسرائيل" على نهايتها بعد تسليم المقاومة 20 اسيرا من الأحياء و8 جثث الى الاحتلال الذي أفرج عن ما يقارب من 1700 اسير فلسطيني وسلم حتى اللحظة 90 جثمان للشهداء التي كان يحتفظ بها في مقابر الأرقام.
وقالت مصادر مطلعة على المفاوضات بين "إسرائيل" وحماس لصحيفة "هآرتس" العبرية، إن المناقشات حول تنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد بدأت، والتي تشمل انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة وإقامة إدارة بديلة للقطاع. حيث أشار دبلوماسي أجنبي إلى أن هذه المحادثات لا تزال "مبدئية وبطيئة في سيرها".
انهيار الاتفاق مستبعد
يقول المختص في الشأن الإسرائيلي أحمد فياض: "إن تطبيق مسار خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعتمد على التزام الاحتلال بما اتفق عليه رغم وجود بنود مبهمة قد تعرقل تطبيق بعضًا من بنوده، لكن من المستبعد انهياره بشكل كامل".
وأضاف فياض لـ"الاستقلال"، أن الاتفاق حمل في طياته ارتياحًا لدى الشارع الغزي بما تضمنه من وقف الإبادة الجماعية وتغول الاحتلال على المدنيين ووقف التهجير الذي شاع الحديث عنه مؤخرًا في الإعلام العبري.
لكن فياض أشار إلى أن الاحتلال سيبقى يراقب الأوضاع على الأرض، وسيظل يلوح بورقة تقليص المساعدات وتعطيل إعادة الإعمار كورقة ابتزاز للمقاومة الفلسطينية في أي لحظة.
وحذر الباحث في الشأن الإسرائيلي من أن الاحتلال قد يتلاعب في تطبيق بعض بنود الاتفاق اعتمادًا على مبدأ القوة في فرض الوقائع التي يسعى لتثبيتها، دون الاكتراث لضمانات الوسطاء خاصة بعد قصف الدوحة وما سبقه من تهديدات إسرائيلية لقيادات حماس في كل مكان.
ونوه فياض إلى ضرورة معالجة عوامل الانفجار التي لا تزال قائمة، وأهمها عدم الاتفاق على جدول زمني واضح لتطبيق بنود الخطة الأمريكية في أبعادها الإنسانية، وكذلك استمرار الانتهاكات الإسرائيلية في الضفة والقدس.
المقاومة فرضت نفسها
بدوره، أشار الكاتب والباحث في الشأن الفلسطيني بلال حبوب، إلى أن السيناريوهات المطروحة لتطبيق الاتفاق مرتبطة بالضمانات الأمريكية والعربية التي تبلورت في قمة شرم الشيخ، والضغط على الاحتلال في تسريع عمليات الإغاثة والتعافي في القطاعات الحيوية والبدء في إعادة إعمار ما دمره الاحتلال.
وأكد حبوب خلال حديثه لـ"الاستقلال"، أن المقاومة فرضت نفسها عبر الالتزام في تنفيذ استحقاقات الاتفاق، فضلاً عن القدرة على محاولات بسط الأمن والحفاظ على النظام بعد عامين من الفراغ الأمني نتيجة ظروف الحرب وتداعياتها.
كما توقع الباحث الفلسطيني أن أي اتفاق مع الاحتلال سيحمل مماطلة إسرائيلية في بعض مرتكزاته، وهو ما ظهر جليًا في إعلان ما سماها المستوى السياسي الإسرائيلي بالعقوبات على حركة حماس في إغلاق معبر رفح وتقليص عدد شاحنات المساعدات ثم تراجع عنها.
حبوب أكد أن بعض الخروقات الإسرائيلية هنا وهناك، ستواجه بمطالبات المقاومة للوسطاء بلجم الاحتلال والاستمرار في تنفيذ بنود الاتفاق، ولن يعيد الحرب إلى مربعها الأول، مشيرًا إلى أن هذا الاتفاق يحمل عدم العودة للحرب والإبادة مجددًا.
وشدد حبوب على أهمية الاتفاق في منح قوى الأمن الفلسطيني فرصة فرض الأمن وبسط النظام، لكن تصريحات وزير الجيش الإسرائيلي تشير إلى أنها ستكون فترة مؤقتة، وهو ما تحدده الأيام والأشهر المقبلة في كيفية التعامل مع هذا الملف.
واختتم حبوب حديثه بضرورة الاستفادة فلسطينيًا من الاتفاق وعودة الهدوء في إعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وإعطاء فرصة للمصالحة وتشكيل إدارة حكم للقطاع تكون قادرة على تجاوز كل العقبات وتضميد جراح الغزيين بعد أشهر طويلة من المعاناة والإبادة.
وبين ما يشير له المحللين وخطابات السياسيين حول جدوى تنفيذ الاتفاق وانقاذ ما تبقى من القطاع المحاصر بعد أن وصل إلى حافة الانهيار الكامل، تظل آمال الغزيين معقودة حول تحسين ظروفهم الإنسانية وعلى رأسها وقف الإبادة بشكل تام، وإعادة الإعمار وفتح المعابر.
وتوصلت حماس و"إسرائيل"، إلى الاتفاق الراهن وفقا لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعمت إدارته حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والتي خلفت 67 ألفا و938 شهيدا، و170 ألفا و169 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 463 فلسطينيا بينهم 157 طفلا.

التعليقات : 0

إضافة تعليق