غزة / معتز شاهين:
اعتبر مختصان بالشأن السياسي، تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية، "أورسولا فون دير لاين"، والتي قالت فيها إن "إسرائيل" هي التي "جعلت الصحراء تزهر" في فلسطين، محاولة للتغطية على جرائم الاحتلال، وبمثابة ضوء أخضر للإمعان في إراقة الدم الفلسطيني.
ووصف المختصان في حديثين منفصلين مع صحيفة "الاستقلال" السبت، التصريح، بالخطير جداً؛ إذ يكشف ازدواجية المعايير لدى الدول الأورُبية، ويتساوق مع الرواية "الإسرائيلية" الكاذبة التي تنكر وجود الشعب الفلسطيني، مؤكدين أن تلك التصريحات بحاجة إلى موقف فلسطيني حقيقي على الأرض.
وفي رسالة مصورة بالفيديو هنأت رئيسة المفوضية الأوروبية، "أورسولا فون دير لاين"، "إسرائيل" بالذكرى الـ 75 لتأسيسها على أرض فلسطين المحتلة، وقالت فيها إنها: "جعلت الصحراء تزدهر، حرفياً"، حسب زعمها.
هذا التصريح لقى انتقاداً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً واسعاً؛ إذ اعتبر أن رئيسة المفوضية تجاهلت تماما أن ذكرى تأسيس "إسرائيل" هي ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948 الذي هُجر وقُتل منه الآلاف ودمرت قراه وبلداته.
واتهمت وزارة الخارجية الفلسطينية "فون دير لاين" عبر تويتر بتقويض سمعة الاتحاد الأوروبي والتورط في "خطاب معادٍ للفلسطينيين" وطالبت باعتذار "فون دير لاين" عن "خطاب دعائي" يمحو الشعب الفلسطيني و"يزيف تاريخه وحضارته الثريين".
وعبرت الفصائل الفلسطينية، في مقدمتها حركة الجهاد الإسلامي، عن رفضها المطلق لتصريحات المسؤولة الأوروبية، مؤكدةً أنها لن تضفي شرعية للاحتلال "الإسرائيلي" ولن تصادر حق الشعب الفلسطيني وسيبقى شعبنا يقاوم حتى تحرير أرضنا ومقدساتنا.
وأكد مسؤول العلاقات الوطنية في حركة الجهاد الإسلامي، الشيخ خالد البطش، أن الاتحاد الأوربي ما زال يُمارس ازدواجية المعايير والنفاق السياسي ويغمض عينيه عن معاناة شعبنا منذ 75عامًا من النكبة واللجوء.
وقال البطش في تصريح صحفي، وصل "الاستقلال"، إن ما ورد على لسان رئيسة المفوضية الأوروبية هو تغاضي عن نكبة شعب فلسطين الذي أسسها وعد بلفور عام 1917 وقرار التقسيم رقم181 ذو المنشأ الأوربي والامريكي عام 1947م؛ داعياً قادة الاتحاد الأورُبي إلى إعادة النظر في سياساتهم تجاه القضية الفلسطينية وتجاه استمرار الاحتلال لأرض فلسطين.
ضوء أخضر
الكاتب والمحلل السياسي د. إبراهيم ابراش، اعتبر ما قالته رئيسة المفوضية الأوروبية، "أورسولا فون دير لاين"، محاولة للتغطية على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين، وبمثابة ضوء أخضر لدولة الاحتلال للإمعان أكثر في الدم الفلسطيني وتهويد المقدسات وتكثيف البناء الاستيطاني.
وقال أبراش في حديثه مع صحيفة "الاستقلال"، السبت، إن هذه التصريحات تتعارض مع المنطق، وواقع التاريخ، بدليل أن فلسطين قبل احتلالها من قبل "إسرائيل" كان مشهودًا لها بأنها أكثر دول المنطقة ازدهارا على كافة المستويات.
وأضاف، إن "فون دير لاين" لا تخرج عن سياق السياسة الغربية والبريطانية منذ وعد "بلفور" ولذلك هي محاولة لإنقاذ "إسرائيل" من ورطتها نتيجة تزايد المواقف الشعبية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية الرافضة لسياسية العنصرية "الإسرائيلية".
وشدد أبراش على أن هذه التصريحات تحول خطير في موقف الاتحاد الأورُبي من الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي"، خاصة أنها جاءت لتعزز السياسية "الإسرائيلية" الإجرامية ضد الفلسطينيين وتمنحها شريعة لمزيد من الممارسات العدائية.
وأردف: " خلال الفترة الأخيرة لم يُشاهد أي مواقف حازمة ضد "إسرائيل" يَصدر عن الاتحاد الأوربي ودول الغرب؛ إلا بعض المواقف الخجولة التي تحاول ان تكون معتدلة، ولكن السياسة العامة الرسمية للاتحاد الأوربي والدول الغربية تصمت على هذه الممارسات، في المقابل هناك ممارسات لم تذكر من دولة غير "إسرائيل" يتم تضخيم حدثها وتساق عليها العقوبات الدولية ".
وعن شكل الرد على هذه التصريحات أشار المحلل السياسي، إلى ذلك يكون من خلال تفعيل حملات المقاطعة ضد الاحتلال وتفعيل الدبلوماسية الفلسطينية داخل الدول الاوربية لإظهار الحق الفلسطيني وكشف زيف الرواية "الإسرائيلية".
خطر يستوجب التحرك
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، أن تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية لم تأت من فراغ، ولا سيما أنه لم يسمع حتى اللحظة أي انتقاد من دول الاتحاد الأوربي، ناهيك عن انتقاد المتحدث باسم المفوضية، لتصريحات وزارة الخارجية الفلسطينية التي اعتبرت تصريحات "فون دير لاين" "غير مناسبة وكاذبة وتمييزية".
وقال إبراهيم لـ "الاستقلال"، السبت" إن مهاجمة المتحدث باسم المفوضية، الفلسطينيين، واتهام الخارجية الفلسطينية بتصريحها "غير اللائق" يدلل على أن "فون دير لاين" لا نواية للاعتذار للشعب الفلسطيني.
وأَضاف، إن تصريح المفوضية الأوربية يتساوق مع الرواية "الإسرائيلية" الكاذبة التي تنكر وجود الشعب الفلسطيني الذي هُجر من ارضه، وأصبح في عداد اللاجئين، ما يكشف زيف المعايير التي تدعيها دولة أوروبية بأنها تتمتع بمعايير الديمقراطية وحقوق الانسان.
ووصف إبراهيم، تصريح المسئولية الأوربية بالخطير جدا؛ نتيجة أنه تجاهل شعبًا بأكمله تعرض للمحو والطرد والتهجير والقتل اليومي، على يد الاحتلال "الإسرائيلي"، وادعت في تصريحها أن "إسرائيل" حولت الأرض المحتلة إلى جنة.
وأتفق المحلل الساسي مع سابقه بالقول: إن "المسؤولة الأورُبية أعطت بتصريحها ضوءًا أخضر لإسرائيل للاستمرار في جرائمها ضد الشعب الفلسطيني، وأن الدعم والحماية التي تقدمها لها دول الاتحاد الأوربي سيستمر رُغم ذلك"
وشدد، على أن تصريح "فون دير لاين"، بحاجة إلى موقف فلسطيني حقيقي على الأرض، بعيدا عن بيانات الشجب والاستنكار، عبر تفعيل الاحتجاجات وتوقيع اعتراضات، حتى يصل الأمر الى مقاطعة ممثلي دول الاتحاد الأوروبي الذين يزورون الأراضي الفلسطينية المحتلة.
التعليقات : 0