يخدم المصالحة الإسرائيلية

محللون: مشروع واشنطن حول قوة "الإنفاذ" احتلال جديد للقطاع بغطاء دولي

محللون: مشروع واشنطن حول قوة
تقارير وحوارات

غزة/ سماح المبحوح:
توقّع محللون ومختصون في الشأن السياسي فشل المشروع الأمريكي الرامي إلى تشكيل «قوة إنقاذ دولية» لتتولّى إدارة قطاع غزة، معتبرين أن المقترح يمثل عمليًّا إعلانًا بانتصار "إسرائيل" في الحرب من طرفٍ واحد، ويُمهّد لمرحلة احتلالٍ جديدٍ بغطاءٍ دوليّ بقيادة واشنطن.
وأوضح المحللون، في أحاديث خاصة لصحيفة" الاستقلال"، أن جوهر المشروع الأمريكي يقوم على إعادة تشكيل الواقع في غزة بعد الحرب بما يضمن استمرار السيطرة الإسرائيلية بشكلٍ غير مباشر، تحت شعار "الإدارة المؤقتة" أو "الرقابة الدولية".
وأشاروا إلى أن بنود المشروع تتقاطع بوضوح مع ما رفضه اجتماع إسطنبول الأخير، الذي شارك فيه ممثلون فلسطينيون وإسلاميون، حيث أكد المجتمعون رفضهم القاطع لأي وصاية خارجية أو نظام إدارة دولي على القطاع، وتمسّكهم بمبدأ أن الحكم في غزة يجب أن يكون للفلسطينيين وحدهم، في إطار مشروع وطني جامع يوحّد الموقف الفلسطيني في مواجهة محاولات إعادة هندسة المشهد السياسي بعد الحرب.
ودفعت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا بمشروع قرار جديد إلى مجلس الأمن الدولي، يقضي بتشكيل قوة دولية للأمن في غزة بولاية لا تقل عن عامين، قابلة للتمديد حتى نهاية عام 2027.
وينص مشروع القرار وفق وثيقة رسمية حصل عليها موقع «أكسيوس» الأمريكي، المصنف بأنه "حساس لكنه غير سري"، على منح القوة الدولية تفويضًا واسعًا لتأمين غزة وإدارتها، على أن تعمل تحت إشراف مباشر من مجلس السلام في غزة، وهو كيان أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه سيترأسه شخصيًا.
ويُفترض أن يظل مجلس السلام قائمًا حتى نهاية 2027 على الأقل، مع إمكانية تمديد مهامه حسب مقتضى الضرورة.
وأوضح مسؤول أمريكي لـ«أكسيوس» أن القوة ستكون "قوة إنفاذ» وليست "قوة حفظ سلام"، ما يمنحها صلاحيات استخدام "جميع الوسائل اللازمة" لضمان تنفيذ التفويض الممنوح لها، بما في ذلك نزع سلاح الفصائل المسلحة في غزة، وعلى رأسها حركة حماس في حال امتنعت عن تسليم سلاحها طوعًا.
انتصار لـ"إسرائيل"
وتهدف القوة إلى تثبيت الأمن خلال مرحلة انتقالية، تتزامن مع انسحاب إسرائيلي تدريجي من مناطق إضافية في القطاع، فيما تعمل السلطة الفلسطينية على تنفيذ إصلاحات تمكّنها من تولي إدارة غزة على المدى الطويل.
احتلال عسكري جديد
المحلل السياسي والكاتب أمين أبو وردة توقع فشل مشروع القرار الأمريكي القاضي بتشكيل قوة دولية للأمن في غزة، بسبب رفضه وعدم قبوله من جانب فصائل المقاومة الفلسطينية والجانب السياسي الفلسطيني الرسمي، وأيضا الدول الوسطاء في اتفاق وقف الحرب على قطاع غزة، لأسباب عدة، منها بأن أمريكا هي صاحبة القرار الأوحد في المنطقة بعد إعلان وقف الحرب.
وأكد أبو وردة لـ "الاستقلال" أن مضمون المشروع الأمريكي وبنوده يمثل بشكل واضح وصريح اعلان انتصار "إسرائيل" بالحرب من جانب واحد، وترجمة ذلك واقعيا على الأرض من خلال قوة أجنبية تدير قطاع غزة، وتتحكم بالمعابر وتعمل على نزع سلاح المقاومة خاصة حركة حماس من طرف واحد.
وشدد على أن المشروع يُعتبر احتلال عسكري جديد لقطاع غزة بقوات أمريكية وليست إسرائيلية، أي شكل من أشكال الاستعمار الجديد، من خلال وجود قوات أمريكية تسيطر على القطاع ومقاليد الحكم فيه، مشيرا إلى التحالف والدعم الأمريكي القوي لـ "إسرائيل" الذي ظهر وساهم في إطالة أمد الحرب على غزة، من خلال تقديم الرقابة الجوية والتقنيات الإلكترونية لها والسلاح.
وتوقع أن هذا المشروع يأتي لجس نبض ورصد ردود أفعال الأطراف الفلسطينية والعربية، خاصة الوسطاء الذين ليس لهم أي بصمة أو حتى دور رقابي في المرحلة القادمة، لافتا إلى أن الإدارة الأمريكية في حال رفضه فلسطينيا وربيا ستعمل على البحث عن سيناريو آخر بإضافة أمور تقنية وعملية تكون مقبولة من جميع الأطراف.
وأشار إلى أن مقترح وجود قوات لحفظ السلام في قطاع غزة كان من الممكن أن يتم قبوله والموافقة على وجودها من جميع الأطراف الفلسطينية والعربية، أسوة ببعض الدول التي تتواجد بها، بخلاف ما يتم طرحه من قوة إنفاذ تدير القطاع، مهامها محصور في خدمة المصالح الإسرائيلية.
مصيره الفشل
واتفق الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي د. نهاد أبو غوش مع سابقه على فشل المشروع الأمريكي الخاص بإدارة قطاع غزة، شريطة أن يكون الموقف الفلسطيني أولا موحدا وثانيا متماسكا، ما ينعكس على الموقف العربي والتركي ويعمل على إسقاطه.
وقال أبو غوش لـ "الاستقلال" إن الاجتماع الوزاري الذي عقد قبل أيام في مدينة إسطنبول التركية بحضور عربي وفلسطيني يرفض أي نظام وصاية جديد على قطاع غزة، ويؤكد أن الحكم للفلسطينيين وحدهم، بذلك ستفشل كل الضغوط الشديدة التي تمارس على بعض الدول العربية والإقليمية لقبول المشروع، في حال تماسك وتوحد الموقف الفلسطيني تحديدا حركتي فتح وحماس ".
وأضاف:" إسرائيل فشلت في تحقيق هدف تهجير سكان قطاع غزة لعدد من الدول بوساطة الحرب، وتسعى للاستقواء بالتأثير الأمريكي السياسي على الشعب الفلسطيني مستغلة الأوضاع الإقليمية لتمرير المشروع، وجعل القطاع غير قابلة للحياة والتطور".
وشدد على أن المشروع الأمريكي يطعن في مصداقية ترامب بأنه صانع سلام، حيث يصوره بأنه محتل وهو جزء من السياسيات الاسرائيلية التي مصيرها الفشل.
وأوضح أن هذا المشروع يطغى عليه بصمات إسرائيلية، حيث يريد أن يجعل من "إسرائيل" القوة المهيمنة في القطاع ويحدد مصير الشعب الفلسطيني فيه"، مبينا أن المشروع يريد أيضا فصل القطاع نهائيا عن الضفة الغربية وجعل "إسرائيل" سلطة رئيسية تشرف على القطاع ومستقبله.
وأشار إلى صعوبة تمرير المشروع في مجلس الأمن في حال تم رفضه فلسطينيا وعربيا، حيث أن المجلس لم يسبق له أن مرر مشروعا للهيمنة إلا إذا كان هناك حالة من التخاذل العربي والإسلامي.

التعليقات : 0

إضافة تعليق