بقلم / رئيس التحرير أ. خالد صادق
استطاعت «إسرائيل» فرض سياستها على السلطة الفلسطينية, بتحويل القضية الفلسطينية من قضية سياسية الى قضية إنسانية, تتركز فيها معركة السلطة على انعاش اقتصادها وتحسن وضعها المالي والتحكم في مصير الشعب الفلسطيني من خلال تسخير المال لخدمة سياستها التي تتناقض تماما مع قناعات شعبنا الفلسطيني وتضحياته الجسام, السلطة برئيسها محمود عباس قررت سلوك طريق «السلام الاقتصادي» مع «إسرائيل», مقابل مهام موكلة اليها, لها اثمان باهظة سيدفعها الفلسطيني دائما, الذي بات مطلوبا منه سلطويا وعربيا وإقليميا ودوليا الاستسلام لسياسة الامر الواقع, والقبول بأي شيء يعرض عليه, حتى وان كان هذا الشيء لا يعالج المشكلة الفلسطينية بل يفاقمها ويشتت الجهد الفلسطيني ويعبث في وحدة وتماسك وقوة الجبهة الداخلية الفلسطينية, السلطة توافقت مع الاحتلال الصهيوني على القيام بمهامها الموكلة اليها إسرائيليا وامريكيا بضرورة وأد المقاومة الفلسطينية, وملاحقة المقاومين وتصفيتهم واعتقالهم, فهل لدى السلطة قدرات عسكرية تساعدها على تنفيذ هذا الفعل الاجرامي بحق المقاومة, وكيف يمكن للمقاومة الفلسطينية مواجهة هذه التحديات, من الواضح ان السلطة تراهن على اللغة العقلانية لفصائل المقاومة الفلسطينية, والتي ترفض تصويب السلاح الى صدور عناصر السلطة وأجهزتها الأمنية, وحرف البوصلة عن وجهتها نحو الاحتلال, لكن المعضلة الحقيقية امام المقاومة في الضفة اذا ما اصبح المقاومون هدفا مباشرا لعناصر امن السلطة, كيف يمكن للمقاومة ان تتعامل مع هذا التحدي, فسلاح المقاومة وجهته نحو الاحتلال, والفصائل اكدت انها لن تسمح بانحراف سلاحها عن شاخص الاحتلال الموجه اليه فوهة البندقية, ولكن يبقى السؤال يراودنا, كيف يمكن التعامل مع هذا التحدي الذي لا نتمناه, لا احد يملك الإجابة عن ذلك, فالحدث هو الذي يفرض نفسه, والفعل وردة الفعل لحظية وليست استراتيجية.
اجتماع وزير الإدارة المدنية حسين الشيخ بالأمس برئيس الشاباك الصهيوني رونين بار، الهدف منه العرض والطلب، فالعرض تسهيلات إسرائيلية مقدمة للسلطة من الاحتلال الصهيوني، والطلب ان تقوم السلطة بضرب المقاومة ومواجهتها، بعد ان أخفقت إسرائيل في القضاء عليها واضعافها، وذكرت القناة الإسرائيلية 12 أن الشيخ وبار، قد التقيا الإثنين، في اجتماع، كان الغرض منه؛ «تعزيز السلطة الفلسطينية، وزيادة التنسيق الأمني، ومحاولة مشتركة للتهدئة». وذكر التقرير أن الأمر في الوقت الحاليّ، «يتعلق بقرار واحد محدَّد؛ بتأجيل سداد ديون السلطة الفلسطينية الضريبية لإسرائيل لمدة عامين», حتى هذا لم يلق اجماعاً صهيونياً فما يسمي بوزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش قال انه «غير مستعد للموافقة على نطاق تأجيل سداد الديون حاليًا، الذي يبلغ نصف مليار دولار... كما أنه غير راغب في الموافقة على أي مبادرة اقتصادية أخرى لصالح الفلسطينيين، والتي تتطلب توقيعه», لكن السلطة تلهث وراء السراب, وتتعلق بقشة, وتبحث عن مكاسب لها على حساب الثوابت الفلسطينية, فالقضية الفلسطينية بالنسبة لهم عبارة عن صفقة تجارية لتحقيق مكاسب ذاتية وليس اكثر, والحقيقة التي يغمض البعض عينه عنها لأنه لا يريد ان يصارح نفسه ويصطدم بالواقع باتت اليوم جلية وواضحة, السلطة تعهدت لإسرائيل للقيام بدورها الأمني في الضفة, وبدأت أولى خطواتها لإثبات حسن نيتها للاحتلال بولوج رئيس السلطة الى مخيم جنين والقاء كلمة هناك اكد خلالها على أن السلطة الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني وعلى الجميع الالتزام بمسارها التسووي, وتابع عباس «وجئنا لنقول إننا سلطة واحدة، ودولة واحدة، وقانون واحد، وأمن واستقرار واحد، وأراد عباس بكلمات الوحدة هذه ان يقول قرار سياسي واحد وسلاح رسمي واحد ومسار واحد وخيار واحد هو خيار «السلام» وهذا ما اوضحه في لقاء الفصائل الفلسطينية بالعلمين.
فصائل المقاومة قادرة على تحدي الاحتلال والتصدي له, لكن التحدي الأكبر امامها هو انحياز السلطة بأجهزتها الأمنية للاحتلال, واستخدام القوة لفرض سياستها على الفلسطينيين, عملية اغتيال المجاهدين الثلاثة في بلدة عرابة على يد الاحتلال الصهيوني, هي بداية لمسلسل تصفية المقاومين الفلسطينيين بالتنسيق والتعاون الأمني والشراكة بين السلطة والاحتلال, وحديث أجهزة امن السلطة عن تعرض مقارها وعناصرها لهجمات من كتيبة جنين, الامر الذي نفته حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين نفيا قاطعا يدل على النوايا المبيتة من أجهزة امن السلطة لتبرير أي جرائم بحق المجاهدين, وحتى يكتمل المشهد السلطوي قتامة ويكتمل المشهد الرسمي الفلسطيني المأساوي والذي وافقت السلطة على اكماله بمخطط رسمي فلسطيني إسرائيلي امريكي, فسلاح المقاومة بات هو الهدف, الأماكن التي يتواجد فيها قادة المقاومة باتت محل استهداف, فدور السلطة ومدير مخابراتها ماجد فرج فيما يحدث في مخيم عين الحلوة بات واضحا, واليوم تعلو الأصوات في لبنان لتجريد الفصائل الفلسطينية من سلاحها, وهناك دول في المنطقة طالبت رعاياها بالخروج من لبنان حتى يظهر المشهد انه مأساوي ومدمر ويصبح هناك مبرر لتجريد الفصائل الفلسطينية من سلاحها, كما لا يمكن ان نتغافل تصريحات رئيس حكومة السلطة محمد اشتية في تضييق الخناق على قطاع غزة الذي يمثل قاعدة المقاومة الفلسطينية, من خلال احتجاجه على ادخال الوقود لتشغيل المولد الرابع لمحطة الكهرباء, والسعي لتوتير الأوضاع في قطاع غزة, فما يحدث صعب ومؤلم للغاية لان يد المقاومة مكبلة تجاه السلطة التي توجه لها الضربات لإسقاطها.
التعليقات : 0