رأي الاستقلال (العدد 2890)

مخططات التصعيد الممنهجة تهدف لحرف الأنظار

مخططات التصعيد الممنهجة تهدف لحرف الأنظار
رأي الاستقلال

 بقلم / رئيس التحرير أ. خالد صادق

حرب الاستنزاف التي يخوضها الاحتلال الصهيوني ضد المقاومين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحديدا في الضفة والقدس، والتي ارتقى خلالها تسعة شهداء في اقل من استوع، قابلها فعل فلسطيني مقاوم وفق المعادلة التي فرضتها المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الصهيوني، القتل بالقتل، والدم بالدم، والقصف بالقصف، فقد شهدت الضفة الغربية والقدس المحتلتان في الفترة ما بين الرابع إلى العاشر من شهر أغسطس/ آب الحالي 207 أعمال مقاومة ضد الاحتلال الصهيوني. ورصد مركز المعلومات الفلسطيني «معطى» ارتقاء ثمانية شهداء فلسطينيين خلال الفترة المذكورة، فيما قتل مستوطن صهيوني وجرح خمسة آخرون في عمليات متفرقة نفذتها المقاومة الفلسطينية. وأضاف المركز، أن المقاومين الفلسطينيين نجحوا بتنفيذ 19 عملية إطلاق نار ضد أهداف لجيش الاحتلال ومستوطنيه ومستوطناته وحواجزه وأبراجه العسكرية. وأحرق الشبان الثائرون أربع منشآت وآليات وأماكن عسكرية، فيما ألقوا تسع عبوات ناسفةٍ صوب جنود الاحتلال الصهيوني. كما ألقى الشبان ثماني زجاجات حارقة ومفرقعات نارية في عدة مناطق بالضفة والقدس صوب جنود الاحتلال الصهيوني. واندلعت خلال الفترة المذكورة ثلاث مظاهرات ضد سياسات الاحتلال في عدة مناطق بالضفة والقدس، كما حطّم الشبان في ثماني مواجهات مركبات ومعدات عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الصهيوني، خلال الفترة المذكورة. وشهدت الضفة والقدس 77 مواجهــة بين الشبان من جانب وجنود الاحتلال وقطعان المستوطنين من جانب آخر، واعمال المقاومة هذه تنم عن حالة الاحتقان التي يعيشها الشارع الفلسطيني، الذي ينتظر اللحظة المناسبة لتفجير انتفاضته الثالثة في وجه الاحتلال الصهيوني، تلك الانتفاضة التي يتوقعها الاحتلال الصهيوني، ويحذر منها خبراء امنيون وعسكريون صهاينة، وانه سيكون لها انعكاس سلبي كبير على الجبهة الداخلية الصهيونية.

الانشغال الصهيوني الداخلي ما بين تظاهرات وإضرابات وتعارضات ومساجلات لم يمنع من استمرار مسلسل القتل في صفوف الفلسطينيين, وزاد وعظّم من قوة المستوطنين وعصاباتهم في سرقة الأرض والاعتداء المحمي من الجيش على الفلسطينيين في الضفة الغربية ووصل الأمر لإظهار ما كان مخفيًا من مخططات من مثل خطط (الاستيطان الرعوي) الذي يبتلع مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية، الى جانب (الاستيطان السياحي) الذي سيمكّن الاحتلال من الاستيلاء على مساحات واسعة من الضفة الغربية إضافة لما هو قائم من تدمير لممتلكات الفلسطينيين وتثبيت مراكز استيطانية بالمناطق (ج)، ثم الانتقال الفعلي للسيطرة حتى على المناطق (أ) والمناطق (ب) وليس فقط المصنفة (ج), والشروع بعمليات اقتحام يومية للمسجد الأقصى المبارك, وممارسة المستوطنين لطقوسهم التلمودية في باحات الأقصى, وما ينتظر الأقصى خلال الأيام القادمة هو حدث غير مسبوق ينم عن نوايا حقيقية وقريبة للاحتلال تجاه الأقصى, حيث تسعى الجماعات التلمودية والتوراتية إلى تكريس فكرة اقتحام الأقصى بأثواب بيضاء ترمز  لرداء الكهنة، مع قيادة المستوطنين لإقامة الصلوات التلمودية في الهيكل المزعوم، مع سعيهم النفخ بالبوق في ساحات الأقصى, والنفخ بالبوق في المسجد الأقصى يمثل إعلان هيمنة وسيادة عليه، وإظهار للانتقال من زمانه الإسلامي إلى زمانٍ عبري جديد، وإنذار بقرب مجيء «المخلص» ليستكمل إقامة الهيكل المزعوم، وتكريساً للأقصى باعتباره مركزاً للعبادة اليهودية؛ وهذه المعاني الرمزية المكثفة هي التي تجعل اليمين الصهيوني بمختلف مواقعه في الحكومة والأمن والمحاكم وجماعات الهيكل يرى فيه هدفًا يستحق الإصرار عليه، ولذلك نشهد في الآونة الأخيرة سعياً محموماً لتهويد الأقصى وتكريس وقائع جديدة فيه، تخرجه عبر سياسات الإحلال الديني من قدسيته الإسلامية الخالصة إلى القدسية الدينية المشتركة كخطوة نحو التهويد.

الاحتلال الصهيوني يتجند للمعركة المقبلة بكل قوة, ويستعد للمواجهة المحتملة, ويتدرب على سيناريوهات متعددة سيناريو متعدد الجبهات, وسيناريو القصف المكثف, واستهداف كل الأراضي الفلسطينية المحتلة, وسيناريو الحرب الإقليمية التي سيشارك فيها محور المقاومة وتقودها ايران حسب تقديراتهم, صحيفة «يسرائيل هيوم» العبرية أشارت إلى أن الحرب هذه المرة لن «تنحصر في جبهة واحدة فقط، بل ستكون متعددة الجبهات ومتداخلة، ومن غير المستبعد أن تنضم غزة أيضا للمعركة، وستكون «إسرائيل» مطالبة بالتصدي للهجمات والعمليات في الضفة الغربية»، بالإضافة إلى هبة داخل الأراضي المحتلة عام 1948. وأن المنظومة الأمنية الإسرائيلية تعرف سيناريو الحرب مع حزب الله بالخطير والمرجح, وأشار التقرير إلى أن «إسرائيل» ستحتاج للتعامل مع عدد غير مسبوق من الصواريخ التي يتم إطلاقها على أراضيها يوميا، باستخدام 6 آلاف صاروخ في الأيام الأولى من الحرب وما بين 1500 إلى 2000 صاروخ لاحقا», وأشارت إلى أنه في إطار السيناريو «الخطير والمرجح» في المنظومة الأمنية فإنه من الممكن أن ينجح حزب الله وإيران وأتباعهم بضرب منشآت إستراتيجية معروفة وثابتة في «إسرائيل»، مثل محطات كهرباء، بشكل يجعل «إسرائيل» تعيش في الظلام لساعات طويلة, ويبدو ان هذه التقديرات مرتبطة بالأحداث الداخلية والتظاهرات الإسرائيلية التي تخرج الى الشوارع بشكل يومي احتجاجا على سياسة حكومة الصهيونية الدينية والتعديلات القضائية, وهى تأخذ طابعاً تحذيرياً لإخماد غضب الشارع الصهيوني, وفي نفس الوقت لفت الأنظار عما يحدث من صراع داخلي يهدد الحكومة وقد يؤدي لانهيارها.

 

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق