رأي الاستقلال ( العدد 2893)

التطبيع الإسرائيلي السعودي يخضع لميزان الربح والخسارة

التطبيع الإسرائيلي السعودي يخضع لميزان الربح والخسارة
رأي الاستقلال

بقلم رئيس التحرير / خالد صادق

منذ ان طرحت المملكة العربية السعودية في العام 2002م ما تسمى بالمبادرة العربية للتطبيع بين الدول العربية وإسرائيل, ولقيت تأييدا من جل الدول العربية, ورفضتها بشكل مطلق «إسرائيل» الا ان «إسرائيل» لا زالت تلهث وراء  التطبيع مع المملكة العربية السعودية, فمبدأ الاستعداد السعودي للتطبيع اسال لعاب «إسرائيل» التي تعتبر المملكة العربية السعودية قوة اقتصادية ضخمة, والتطبيع معها سيفيد «إسرائيل» ويدفع جل الدول العربية للاعتراف «بإسرائيل» وإقامة علاقات معها, ولا شك ان الامارات والبحرين والمغرب وبدوافع أمريكية تسعى لإلحاق المملكة العربية السعودية بقطار التطبيع, فمبدأ التطبيع لدى السعودية ليس مرفوضا, لكنها تشترط عدة خطوات للشروع بالتطبيع مع الكيان الصهيوني, ولم تعد المبادرة العربية هي الأساس للتطبيع بين السعودية والاحتلال, بعد ان رفضت «إسرائيل» المبادرة العربية رفضا قاطعا, واعتبرت انها بعيدة كل البعد عن مجرد مناقشة محتواها, ولكن هذا لم يمنع «إسرائيل» من استمرار الحوار والتواصل مع قيادات رسمية في المملكة وعقدت عدة لقاءات في مدينة نيوم السعودية بين بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان, وساهمت السعودية في دفع دول عربية وخليجية للتطبيع مع «إسرائيل» وشجعتها على ذلك, وهى تطرح نفسها امام الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي وإسرائيل, انها تقود دولا عربية كثيرة وتتحكم في مصيرها وقراراتها السياسية, وتستطيع ان تقنعهم بالتطبيع مع «إسرائيل» اذا ما تحققت اغراضها من التطبيع ونذكر بعضا منها.  

 

أولا: ظهرت رغبة المملكة العربية السعودية في الوصاية على المسجد الأقصى والحاقه بها، وظهر صراع واضح بينها وبين المملكة الأردنية على الوصاية على المسجد الأقصى وحدث تراشق وتبادل اتهامات بينهما, صحيفة إسرائيل هيوم العبرية أوضحت أن السعودية تسعى إلى أن يكون لها موطئ قدم على المسجد الأقصى، كقوة عظمى إسلامية تسيطر على مكة والمدينة، مبينة أنها تسعى لإقامة وضع جديد في القدس، وهي مستعدة للاستثمار بمبالغ طائلة لتحقيق ذلك، إلى جانب تطبيع علاقاتها مع تل أبيب, حسب الصحيفة العبرية دائما.  

 

ثانيا: عرضت المملكة العربية السعودية السماح لها بتخصيب اليورانيوم بغرض سلمي للموافقة على التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، وفي هذا الإطار أعلن زعيم المعارضة الصهيونية يئير لبيد، معارضته أي اتفاق تطبيع مع الرياض في حال كان يسمح بتخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية. وفي مقابلة مع قناة «12» العبرية، قال لبيد إنّ السماح للسعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها «يجب ألا يكون مطروحاً للنقاش، فلا يمكن لإسرائيل أن توافق على تخصيب اليورانيوم في السعودية لأن ذلك يعرض أمنها للخطر».

 

ثالثا: حديث المملكة عن حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967م بات دربا من الخيال وفق سياسة «إسرائيل «ومخططاتها، قناة كان العبرية اشارت إلى أنه على الرغم من حرص نتنياهو الشديد على التوصل لاتفاق تطبيع مع السعودية، إلا أنه ليس بوسعه الاستجابة لمطالب الرياض على الصعيد الفلسطيني، مثل الإقدام على خطوات عملية على صعيد حلّ الدولتين، «فإسرائيل» تجاوزت الشرعية الدولية ومبادرات السلام منذ زمن.

 

رابعا: رغبة المملكة العربية السعودية بفتح ممثلية لها في القدس الشرقية تتبع السلطة الفلسطينية، واجهتها إسرائيل بقوة، كي تقطع الطريق على السعودية في إعادة ملف القدس لطاولة التفاوض والحوار, وتعهد ما يسمى بوزير الخارجية الصهيوني إيلي كوهين، بعدم السماح لأي دولة بفتح ممثلية دبلوماسية بالقدس الشرقية تكون تابعة للسلطة الفلسطينية، وذلك على خلفية تعيين السعودية أول قنصل غير مقيم بالقدس, وقال لم ينسق السعوديون معنا ولا يحتاجون إلى التنسيق معنا، لأننا لن نسمح بفتح أي ممثلية دبلوماسية للفلسطينيين بشكل فعلي من نوع أو آخر بالقدس”, وهذه خطوات تسبق عملية التطبيع المزمعة بين السعودية والاحتلال الصهيوني.

 

خامسا: سيطرة الصهيونية الدينية وبروز شخصيات متطرفة في حكومة بنيامين نتنياهو كوزير المالية الصهيوني بتسلئيل سموتريتش, ووزير الامن الداخلي الصهيوني ايتمار بن غفير, ورفع شعارات الموت للعرب, وطرد السلطة من الضفة, واعتبارها جزء من ارض «إسرائيل», مثل عائقاً كبيراً امام التطبيع السعودي الإسرائيلي, مسؤولون سعوديون وإسرائيليون كبار، أعربوا بالتزامن عن عدم تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع السعودية في غضون أشهر، بوساطة أمريكية، على خلفية التخوف الإسرائيلي من التقارب الخليجي من إيران، مما دفع مسؤولا إسرائيليا للقول صراحة بأن «الظروف القائمة برّدت الحماسة بينهما» فبينما يستمر التعاون الهادئ بين «إسرائيل» والسعودية في مجالات الأمن والاستخبارات والأعمال التجارية، وتتواصل الجهود لتوسيعها، لكن التواصل السياسي والتطبيعي مع المملكة ودول إسلامية أخرى تباطأت، حسب التقديرات الإسرائيلية.

 

ويبقى السؤال المطروح اليوم لماذا كل هذا التناقض الواضح في سياسات المملكة العربية السعودية, فهي اعادت علاقاتها الدبلوماسية بالجمهورية الإسلامية الإيرانية, وفي نفس الوقت وحسب تصريحات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وجود معلومات استخبارية دقيقة تفيد باستمرار تحريض السعودية للكيان الإسرائيلي، لشن هجوم عسكري على لبنان، في محاولة لتقويض الحزب، و تدمير قدراته الدفاعية, كما ان السعودية استغلت احداث مخيم عين الحلوة الدامية في لبنان للتحريض على الفلسطينيين, وتأزيم الموقف بإجلاء رعاياها من لبنان وكأنهم يعيشون خطر الحرب الاهلية, والعودة للحديث عن توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان, ويبقى التطبيع الإسرائيلي السعودي قائما ويتراوح بين المد والجزر, فكلاهما يسعى لتحقيق مكاسب قبل الشروع بالتطبيع فعليا.

التعليقات : 0

إضافة تعليق