غزة / سماح المبحوح:
لم تكد تنتهي أزمة المواطنة نورا أبو عبيد من عبء الطهي على الحطب وشرائه بثمن باهظ، حتى عادت له من جديد، بعد نفاد غاز الطهي من منزلها، وعدم توفره في قطاع غزة، بفعل قرار الاحتلال الإسرائيلي اغلاق المعابر، ومنع دخول البضائع والوقود.
رمضان آخر، تضطر فيه الغزية أبو عبيد لتحمل دخان الحطب الذي يطبق على أنفاسها، لإعداد وجبتي السحور والإفطار لها ولعائلتها، ضاربة يدًا بيد حظها العاثر، بعد نفاذ الغاز لديها.
ويتواصل لليوم التاسع على التوالي إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لجميع المعابر مع قطاع غزة، ومنع دخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، ما ألقى بظلاله على المواطنين، الذين ما زالوا يضمدون جراحهم، بفعل حرب الإبادة الإسرائيلية غير المسبوقة التي استمرت أكثر من 15 شهرًا، مخلفًا عشرات آلاف الشهداء والجرحى.
وفي الثالث من آذار/مارس الجاري، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أسامة حمدان، إن الاحتلال الإسرائيلي خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالمرحلة الأولى، والموقع منذ 19 يناير/كانون الثاني المنصرم، 962 مرة.
وأوضح أن الاحتلال لم يسمح بإدخال 50 شاحنة وقود يوميًا وفقًا للاتفاق، بل أدخل خلال 42 يومًا فقط 978 شاحنة، بمعدل 23 شاحنة يوميًا.
وأكد أن الاحتلال منع القطاع التجاري من استيراد الوقود بأنواعه، رغم وجود نص صريح في الاتفاق يسمح بذلك.
يا فرحة ما تمت
أيام معدودة فقط لم تكمل الشهر، هي التي استراحت فيها أبو عبيد من الطهي وتسخين المياه للاستحمام على الحطب، حتى عادت حياتها لدخان النار ولهيبها ورائحة البلاستيك الكريهة الناجمة عن احتراقه حسب قولها.
وتضيف:" فرحتي لم تكتمل بدخول غاز الطهي وتوفره في منزلي، فالكمية التي حصلت عليها استهلكتها قبل وخلال الأيام الأولى من شهر رمضان".
وأشارت إلى أنها لو كانت تعلم بإغلاق الاحتلال المعابر مع القطاع بعد انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، ومنع دخول الغاز، لأبقت حصتها لإعداد وجبتي الإفطار والسحور في رمضان.
وشددت على أن معاناتهم مع لهيب الحطب ودخانه زادت مع نهار رمضان، فبالكاد تقوى على اعداد الطعام، بفعل شعورها بالعطش والإرهاق الشديدين، عدا عن صعوبة حصول زوجها على الحطب بعد ندرة توفره وارتفاع سعره، ليصل ثمن الكيلو الواحد لـ4 شيقل.
وكان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أعلن في 28 كانون الثاني/يناير الماضي دخول كمية محدودة من غاز الطهي لمحافظتي غزة والشمال، لأول مرة منذ بداية حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على القطاع في 7 أكتوبر2023.
وأوضح حينها، أنه سيتم توزيع الكمية بالكامل على المواطنين، وفق قاعدة بيانات المنظومة الإلكترونية التي تشرف عليها الهيئة العامة للبترول، كما هو معمول به في محافظات وسط وجنوب غزة، وذلك عبر الموزعين بتعبئة وزن ٨ كجم بسعر ٥٥ شيكلا.
نفاد الكمية
المدير العام للهيئة العامة للبترول في قطاع غزة إياد الشوربجي أكد على نفاد كمية غاز الطهي بالكامل من القطاع منذ إغلاق الاحتلال الإسرائيلي المعابر، محذرا من أن نفاذ الكمية ينذر بكارثة إنسانية تطال جميع القطاعات الحيوية.
وقال الشوربجي في حديثه لـ "الاستقلال": إن " نفاذ كمية غاز الطهي من قطاع غزة، يؤثر بشكل سلبي على عديد القطاعات التجارية والسلع الأساسية، منها المخابز التي توقف عدد منها، وندرة المواصلات، وقلة ضخ المياه للمواطنين، حيث تعتمد الكثير من آبار المياه والغواطس على الغاز، وغيرها من الخدمات".
ويضيف:" كميات غاز الطهي الموجودة في القطاع هي المتوفرة ببيوت المواطنين فقط، وإذا طال إغلاق المعابر فإنها ستنفذ بالكامل، ويعود المواطنين للطهي وتسخين المياه للاستحمام على الحطب الذي يضطرون لشرائه في حال توفره بسعر مرتفع ".
وأشار إلى أن كميات غاز الطهي التي كانت تدخل للقطاع قبل اغلاق المعابر على مدار 6 أيام أسبوعيا شحيحة ولا تكاد تكفي جميع المواطنين، حيث أن دخولها يتأثر بالأحوال السياسية والجوية، كالمنخفضات الجوية.
ولفت إلى أن ذلك كله انعكس على استكمال الدورة السادسة من برنامج توزيع كميات الغاز للمواطنين، إذ أن 45 ألف مستفيد في شمال قطاع غزة و 15 ألف في جنوبه لم يحصل على حصته.
وأوضح أنه في حال فتح المعابر من جديد واستئناف دخول كميات الغاز، فإن الموزعين سيكملون الدورة السادسة.
وشدد على أن اغلاق المعابر وتوقف ضخ غاز الطهي ومنع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية لقطاع غزة، كلها عقوبات جماعية يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وصولا لتجويعه ودخوله بمرحلة المجاعة من جديد، آملا حدوث انفراجة قريبا خلال الشهر الكريم.
التعليقات : 0