غزة / معتز شاهين:
أكد مختصان بالشأن السياسي الفلسطيني أن تصاعد المقاومة وتطور أدائها العسكري المتسارع في الضفة المحتلة، والذي كان واضحا في مدينة جنين ومخيمها، أول أمس الاثنين، سيدفع المستوى الأمني والعسكري الإسرائيلي إلى إعادة حساباته من الإقدام على حملة عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة شبيهة بالـ (السور الواقي) عام 2002، إلى الاكتفاء بحملة محدودة تركّز على جنين ونابلس.
واكد المختصان في أحاديث منفصلة مع "الاستقلال" الثلاثاء، أن عملية جنين خلقت معادلة جديدة، تهشمت على أثرها الصورة وقوة الردع لدى جيش الاحتلال، لذلك الاحتلال لن يغامر بالدفع بقواته إلى حقل ألغام، مُتوقعين أن يكثف الاحتلال خلال الفترة المقبلة عمليات اغتيال المقاومين، في محاولة منه لاستعادة ما فقده.
وتمكنت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس من تفجير عبوات ناسفة شديدة الانفجار في آلية عسكرية إسرائيلية متطورة من نوع "النمر"، لتمزقها، وكذلك تفجير عبوات أخرى في مركبات مصفحة مما عرضها للإعطاب، أدى ذلك لإصابة 7 جنود إسرائيليين أحدهم جراحه شديدة الخطورة.
وتعالت أصوات العديد من المستويات السياسية والأمنية والعسكرية داخل دولة الاحتلال، منهم من طالب بشن عملية عسكرية واسعة، باستخدام كل الوسائل الممكنة، وهذا موقف المتطرف وزير المالية "بتسلئيل سموتريتش".
في المقابل كان للمستوى الأمني والعسكري موقف مختلف حيث قال: "استخدام سلاح المدرعات داخل جنين سيعيق القدرة على الحركة لدى المشاة والقدرة على الوصول الى الأهداف المرجوة".
وأًصيب سبعة من جنود الاحتلال خلال اقتحام واسع نفذه صباح أول أمس الاثنين، لمدينة جنين ومخيمها، قبل أن يضطر إلى الانسحاب، بعد نحو 12 ساعة من المواجهات مع مقاومين من كتيبة جنين.
وواجه جيش الاحتلال حينها كمائن مُحكمة وضعتها المقاومة المسلحة في طرقات المدينة، وأدت إلى إعطاب عدد من آلياته بعبوات ناسفة شديدة الانفجار وحققت اصابات في صفوف جنوده.
عملية مُكلفة
من جهته، الكاتب والمحلل السياسي أحمد عوض استبعد أن يقدم جيش الاحتلال "الإسرائيلي" على شن عملية واسعة النطاق في مناطق شمال الضفة الغربية المحتلة على غرار (السور الواقي) عام 2002، وذلك من أجل استعادة قوة الردع التي تهشمت في مدينة جنين الاثنين الماضي، عندما أوقعت "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس، عدداً من آليات الاحتلال المصفحة في حقل من العبوات شديدة الانفجار، وحققت إصابات في جنود الاحتلال.
وقال عوض لـ"الاستقلال" الثلاثاء: " إن عملية مشابهة لـ (السور الواقي) ستكون مُكلفة للاحتلال على كل الأصعدة، نتيجة أنه ستجر أطراف أخرى كانت محايدة لتدخل المواجهة، وستفتح ساحات أخرى، وستتعرض إسرائيل لكثير من الانتقادات الإقليمية والعالمية، فضلا عن أن النتائج ستكون متواضعة جدا نتيجة لعدم وجود أهداف حقيقية ومعروفة لقوات الاحتلال".
وتوقع، أن تبقي قوات الاحتلال على التكتيك الحالي المتمثل في الاقتحام الليلي والنهاري للمخيمات والمدن الفلسطينية بالضفة المحتلة، من أجل إنهاك المقاوم والحاضنة الشعبية، محذراً من غدر الاحتلال الذي سيعمل على تكثيف عمليات الاغتيال خلال الأيام المقبلة.
وأشار عوض، إلى أن اقتحام قوات الاحتلال لمخيم جنين، دون أن تستطيع الانسحاب منه قبل 12 ساعة بفعل ضربات المقاومين، ودون تحقيق نتائج كما يريد، كان درساً قاسياً جدا، ومؤشراً حقيقياً لما سيكون إذا أقدم الاحتلال على عملية (سور واقي 2).
وأوضح، أن دخول العبوات النوعية الخدمة في جنين، أصبح يشكل معضلة أمام اقتحام قوات الاحتلال للمخيم، الأمر الذي بات يقلق "إسرائيل" لأنها لا تريد أن يكون هناك نموذج لغزة في شمال الضفة، ولا تريد لشمال الضفة أن تخلق واقعاً جديداً تفقد فيه السيطرة.
معادلة جديدة
بدوره، الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح، قال: "إن الاحتلال كان يعتقد أنه جاهز للقيام بعملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية المحتلة، لكن حجم النيران والعبوات المتفجرة التي واجهها أثناء اقتحامه في مخيم جنين بددت اعتقاداتهم وأصبح يدرك ان الدخول إلى جنين ليس بالأمر السهل." وأضاف الصباح لـ" الثلاثاء، أن عملية "عبوات جنين" خلقت معادلة جديدة، باعتراف قادة جيش الاحتلال وأنها غيرت قواعد اللعبة، لذلك هم سيبحثون وسيردون عليها بقوة كبيرة، وعلى المقاومين أن يدركوا انهم سيفعلون ذلك لأن الخيبة التي أصابتهم لا يمكن بالنسبة لهم أن تمر مرور الكرام.
وتوقع، أن يكثف جيش الاحتلال خلال الفترة المقبلة من عمليات اغتيال المقاومين وملاحقتهم خارج المناطق التي يحتمون بها، في محاولة منه لاستعادة قوة الردع، وترميم صورته التي انكسرت خلال اقتحامه الاثنين مخيم جنين.
وطالب الصباح، المقاومين بأن يراعوا اقصى درجات الحذر، لان الاحتلال سيكثف خلال الأيام القادمة كل طاقاته وباستخدام كل الوسائل الممكنة، للوصول إلى معلومات تُمكنه من الوصول الى أكبر عدد منهم، منفردين وتحقيق اغتيالات في صفوفهم.
وأردف: "على المقاومين أنا يدركوا أن النجاح الذي تحقق في جنين، يتوجب مسؤوليات كبيرة عليهم، بمعنى أن كل نجاح جديد يضع على المقاومة مسؤوليات أكثر من ذي قبل، لذلك عليهم أن يأخذوا دروساً وأن يستفيدوا من العبر التي جرت وأن يأخذوا الحيطة والحذر."
وأضاف: "الاحتلال قد يلجأ إلى القيام بعملية استعراضية كبيرة في مخيم جنين لتحقيق انجاز كبير، يريد من خلاله ترميم صورته المهزومة، ولكن يجب أن يدرك أن أي عملية قادمة ستكون أقسى من سابقتها، لكونه لا يستطيع أن يستخدم الأليات والمركبات العادية، بعد تمكن كتيبة جنين من تفجير واعطاب عدد منها خلال الاقتحام الأخيرة، وخصوصا هو يتغنى بأنها الأكثر أمانا والأكثر قوة."
التعليقات : 0