غزة/ أحمد حمدي:
يعيش سكان قطاع غزة حالة من الترقب الحذر لنتائج جولة المفاوضات بين فصائل المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في الدوحة، بشأن وقف إطلاق النار في غزة.
ومع مرور الوقت، ينتاب الغزيون مشاعر من القلق المشوب بالحذر والأمل في أن تتم التهدئة في ظل تفاقم حدة المجاعة وازدياد وتيرة القصف الإسرائيلي والمجازر اليومية.
وداخل الأسواق والشوارع وبين خيام النازحين ومراكز الإيواء، يتناقل الأهالي تطورات المفاوضات، وسط آمال عريضة بقرب التوصل لاتفاق يحسن من ظروفهم المعيشية، خاصة في ظل تغول شبح المجاعة، وخلو الأسواق من المواد الغذائية الأساسية، وافتقار المستشفيات للأدوية والمستهلكات الطبية، إلى جانب حالة الغلاء الجنوني في الأسعار.
وبين من يأمل في أن تتم الصفقة كبارقة أمل تلوح في الأفق، يحذر آخرون من تكرار خيبات أمل سابقة، معتبرين أن الهدنة لا تزال بعيدة المنال.
وبين التفاؤل والتشاؤم، تحبس غزة أنفاسها على وقع آمال بإنهاء المعاناة الإنسانية ووقف الإبادة اليومية.
على باب خيمته بمنطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، يجلس إسماعيل النجار (53 عامًا) يرقُب الأخبار ساعة بساعة على راديو محمول ويقول: «الوضع الإنساني بات كارثيًا، والناس لم تعد تحتمل المزيد من المعاناة، والهدنة باتت ضرورة وليس خيارًا».
ويضيف النجار لـ»الاستقلال»: «أنتظر بفارغ الصبر إعلان الهدنة الذي يحمل في طياته انتهاء هذه الحرب والعودة إلى منزلي في حي قيزان النجار وتفقد ما آلت إليه المنطقة من دمار واسع».
ويردف: «فور سماعي نبأ دخول الهدنة حيز التنفيذ، سأحمل خيمتي وأمتعتي للعودة إلى ما تبقى من حطام منزلي، فرغم الحزن والألم على ضياع شقى العمر، إلا أنها أهون من العيش متكدسين في منطقة مزدحمة بالنازحين».
أما يوسف بركة (34 عامًا) فلا يحذوه الأمل كثيرًا في أن تكلل جهود الصفقة بالنجاح، ويرى أن الاحتلال معنيّ بفشلها، وأنه سيتلكأ في تنفيذ أي استحقاق لإتمامها كونه ما يزال متعطشًا لدماء الفلسطينيين.
ويقول بركة لـ»الاستقلال»: «الاحتلال كعادته سابقًا يماطل في تنفيذ الصفقة، وهو لا يريد سوى تحرير بعض أسراه مقابل تدفق بعض المساعدات لبعض الوقت».
ويضيف بركة: «علمتنا التجارب السابقة ألا نتعلق كثيرًا بالتصريحات، لأن ما يجري خلف الكواليس دعم أمريكي للاحتلال في مواصلة الحرب واستمرار الإبادة».
أما الطالبة هبه عدنان (18 عامًا) فهي تأمل في أن تتم التهدئة على الأرض كي تتمكن من تقديم امتحانات الثانوية العامة بعد تأخرها لعامين على التوالي.
بكثير من الأسى، تقول عدنان لـ»الاستقلال»: «في كل مرة أسمع عن موعد جديد للامتحانات، ثم يأتي القصف وأوامر الإخلاء الإسرائيلية لتقتل كل الوعود بإنجازه، وتقتل معها أحلامنا وآمالنا ومستقبلنا».
وتضيف: «هذه الهدنة ستجدد الثقة في أن تسعى الوزارة لإتمام الاختبار واجتياز هذه المرحلة الفارقة من مسيرتنا التعليمية وعدم انجازها سيعني فقدان ثقتنا في كل شيء».
بدورها، تنتظر أم عادل عاشور (65 عامًا) التوصل لاتفاق الهدنة، لكن مشاعر الحزن ستبقى تلازمها لفقدان ابنها محمد خلال رحلة ذهابه للحصول على المساعدات قرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بعد أن ضاق به الحال ولم يجد ما يطعم به أطفاله.
وتعرب عاشور عن أملها في أن تساعد فرص التوصل لتهدئة بين المقاومة والاحتلال إلى التعرف على مصير ابنها المفقود، وأن تعود لمنزلها بعد أن نزحت منه عدة مرات.
ومع كل ساعة تمر من عمر هذه الحرب المستعرة، يمضي النازحون أوقاتهم تحت سماء غزة المشبعة بدخان الحرب على أمل بقرب التوصل إلى هدنة تطفى لهيب الحرب وويلاتها الإنسانية.
التعليقات : 0