بدائل سامة لغاز الطهي في غزة.. حرق البلاستيك والكرتون لإنقاذ الجوعى

بدائل سامة لغاز الطهي في غزة.. حرق البلاستيك والكرتون لإنقاذ الجوعى
تقارير وحوارات

غزة/ أحمد حمدي:
في مشهد يعكس حجم المعاناة اليومية نتيجة انقطاع غاز الطهي لأكثر من 4 أشهر، تلجأ معظم العائلات الغزية إلى استخدام بدائل بدائية وسامة لطهي القليل من الطعام، إذ تشكل معظم هذه البدائل خطرًا على البيئة والإنسان. وقد أجبر غلاء الحطب ووصول سعره إلى 9 شواكل للكيلو الواحد، الأطفال إلى جمع والتقاط العبوات البلاستيكية من الشوارع، و الكرتون، وبعض بقايا الأثاث من المنازل المدمرة، وحتى بعض الأحذية القديمة لإشعال النار وتأمين فرصة يسيرة لعائلاتهم في إشعال النيران وسد جوع أبنائهم.

بين دخان خانق يملأ الأزقة في مخيم العطاء داخل منطقة المواصي غرب مدينة خان يونس جنوبي القطاع، تحاول أم يوسف اللحام (39 عامًا) طهي القليل من حساء العدس على بعض من رقائق الكرتون وقطع البلاستيك التي بالكاد استطاع ابنها أن يجمعها طيلة بحثه نهار يوم كامل.
بوجه شاحب، وعلامات الهزال والارهاق تبدو عليها، تقول اللحام لـ» الاستقلال»، إنها تمضي ساعات طويلة يوميًا على موقد نار بدائي، صنعه زوجها من الطين وإناء معدني قديم، ومن خلاله تشعل النار لتدبير شؤون أسرتها، وقد انقطع غاز الطهي منذ شهور».
بكل أسى تضيف: «هذه ليست حياة، اضطررت لحرق كل ما يمكن أن يشتعل، أعلم أن البلاستيك والكرتون سامين، لكن ماذا أفعل، وتتساءل: ما البديل؟».
صوت سعال اللحام لا يغادر المكان، والدخان يملأ جنبات خيمتها، لكنه لا يمكن أن يمنعها من مواصلة طهي ما تيسر لهمن طعاما بهذه الطريقة كما تقول.
أسعار جنونية
على نحو غير بعيد، يجلس الطالب الجامعي حسن أبو جزر (19 عامًا) على باب خيمته، بجوار موقد نار معدني يشعل فيه أوراقًا ودفاتر جامعية قديمة، وبعض الكرتون، لتسخين القليل من القهوة.

يقول أبو جزر لـ›الاستقلال»، إنه لا يستطيع شراء كميات معقولة من الخشب لأسعاره الجنونية، مما يضطره في كثير من الأحيان لشراء خراطيم مياه بالية ويشعلها رغم رائحتها الكريهة ومخلفاتها السامة».
يضيف أبو جزر ، لم أتخيل يوماً أنني سأستخدم بعض كتبي الدراسية كوقود للنار، وأخرى اشتريتها بأثمان باهضة، لكنها أقل سعرًا من الحطب و تفي بالغرض».
ويضيف الشاب الجامعي: «الدخان يخنقني يوميًا، وعيناي تدمعان من شدته، هذا فضلاً عن السعال الذي لازمني منذ فترة، لكن هذه نار الحرب من نفاياتها، وبكل مرارة هذه حياتنا الآن، ولا نعلم متى النهاية».
استنزاف كبير
أما خالد أبو طه (32 عامًا) فقد اضطرته الظروف لشراء عبوات بلاستيكة فارغة لوضعها إلى جانب الخشب في اشعال النار.
يقول أبو طه لـ»الاستقلال»، إنه استنزف كثيرًا من مدخراته لشراء الحطب، والأثاث المدمر الذي ما يكون عادة مطليًا بدهان صناعي، وعند حرقه يولد دخانًا مقززًا، واضطر لهذا البديل لأن خشب الأشجار أغلى وعدم توفره بكثرة».
مخاوف متزايدة
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان، إن المئات في قطاع غزة أصيبوا بأمراض الجهاز التنفسي، بسبب الغازات السامة المنبعثة من إشعالهم النيران لإعداد الطعام.
وحذر المكتب من تزايد تسجيل إصابات بسرطان الرئة، جراء تفاقم أزمة غاز الطهي وانقطاعه.
أما جهاز الدفاع المدني، فقد قال في بيان سابق له: «إنَّ منع غاز الطهي ينذر بأزمة صحية وبيئية وإنسانية؛ إذ إنَّ إشعال النار بواسطة الحطب والفحم والمواد البلاستيكية، والذي ينبعث منهم غازات سامة، أدى إلى زيادة أعداد المصابين بأمراض الجهاز التنفسي». بدوره، حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن التأثيرات البيئية للحرب على غزة غير مسبوقة، وأن تلك التأثيرات تعرض المجتمع لمخاطر التلوث المتزايد بسرعة في التربة والمياه والهواء، فضلا عن مخاطر الأضرار التي لا يمكن إصلاحها للنظم البيئية الطبيعية.
وأضاف البرنامج في بيان، أن نقص غاز الطهي أجبر الأسر على حرق الخشب والبلاستيك والنفايات، مما يعرض النساء والأطفال للخطر بشكل خاص، ومما يرجح أن يؤدي كذلك إلى جانب الحرائق وحرق الوقود، إلى انخفاض حاد في جودة الهواء في غزة، على الرغم من عدم توفر بيانات متاحة المصدر حول جودة الهواء في القطاع.

التعليقات : 0

إضافة تعليق