ما السيناريوهات "الإسرائيلية" للرد على تصاعد عمليات المقاومة بالضفَّة؟

      ما السيناريوهات
تقارير وحوارات

الضفة المحتلة – غزة/ قاسم الأغا:

اتَّفق محلِّلان سياسيان فلسطينيان على أنَّ العمليات الفدائية المتنامية التي تشهدها الضفَّة المحتلة عمَّقت من أزمة الاحتلال "الإسرائيلي" وفشل منظومته الأمنيَّة والعسكريَّة؛ الأمر الذي يضعه أمام سيناريوهات عدَّة متوقَّعة؛ لاستعادة سيطرته على الأوضاع الميدانيَّة في الضفَّة الفلسطينية.

 

ورأى المحلِّلان المختصَّان بالشَّأن "الإسرائيلي" في مقابلتَيْن منفصلتَيْن مع صحيفة "الاستقلال"، أمس الخميس، أنَّ الضفَّة المحتلَّة وصلت إلى مرحلة اللَّاعودة إلى الوراء، وهي مرشَّحة لمزيد من العمليات الأكثر نوعية وتأثيرًا، في ضوء عجز الاحتلال الكبير والمتفاقم عن كسر أمواجها وكبح تمدِّدها.

 

وقال المحلل السياسي أنس أبو عرقوب إنَّ العمليات الفدائيَّة بالضفة تتصاعد وتيرتها تدريجيَّا، إذ شهد شهر أغسطس/ آب الجاري منذ بدايته عمليات "دامية" عدَّة أسفرت عن مقتل (8) من جنود الاحتلال ومستوطنيه وإصابة العشرات، لافتًا إلى أنَّ الكيان وحكومته الأكثر إرهابًا وفاشيَّة استنفذوا كل خطواتهم المتاحة ولم ينجحوا في وقف عمليات المقاومة، أو الحدّ منها.

تكثيف اعتداءاته

وأضاف أبو عرقوب من رام الله المحتلَّة لصحيفة "الاستقلال": "الاحتلال سيكثِّف من تصعيده واعتداءاته ضد الفلسطينيين، بزيادة وتيرة الاعتقالات اليوميَّة، وإطلاق يد المستوطنين المجرمين، والاستمرار في كل الإجراءات العدوانيَّة الدامية تجاه شعبنا ومنها الاغتيالات ولا سيَّما في الضفَّة".

 

وبالتركيز على لجوء الاحتلال لسيناريو "الاغتيالات" لقادة المقاومة الفلسطينية، على وقع تصاعد العمليات بالضفَّة، بيَّن المحلل السياسي المختصّ في الشأن "الإسرائيلي" أنَّه "من ناحية المبدأ، فهذا السيناريو مطروح بقوَّة منذ أيام وأسابيع على طاولة صنع القرار في كيان الاحتلال".

 

وتابع: "حال تهيَّأت الظُّروف بالنسبة للاحتلال فإنه سيلجأ إلى سيناريو الاغتيالات لشخصيات فلسطينيَّة (من المقاومة) وازنة، خصوصًا وأنَّ هنالك موافقة مبدئية على هذا السيناريو من قبل ما يُسمَّى الكابينيت".

منحى تصاعديّ

من جانبه، رأى المحلِّل السياسي محمد جرادات أنَّه ومنذ عملية نفق الحريَّة في سجن جلبوع قبل عامين، والأفعال البطولية النوعيَّة لكتيبة جنين بـ سرايا القدس، مرورًا إلى شمال الضفة ووسطها وليس انتهاءً بجنوبها، أخذت العمليات الفدائية منحى تصاعديًّا مختلفًا، يقابله فشل للاحتلال ومنظومته الأمنية والعسكريَّة والاستخبارية في إحباطها ومواجهتها.

 

وقال جرادات من جنين المحتلة لصحيفة "الاستقلال"، إنَّ العمليات الفدائيَّة "النوعيَّة والقاتلة" وانتشارها أغرقت كيان الاحتلال في أزمة عميقة، وعزَّزت من معادلة الرَّدع تزامنًا مع تشكل جبهات مقاومة على مستوى المنطقة قد تُفتح في وجه الكيان على المستوى القريب.

 

وأضاف: "هنا يجد (بنيامين نتنياهو) وحكومته الأكثر عدوانية وتطرّفًا أمام مأزق أمنيّ وداخلي يتعاظم، واحتمالات تفكّك ائتلافه اليمينيّ؛ ما يشي إلى احتمالات أن تشهد الأيام أو الأسابيع القادمة الكثير من السيناريوهات المرجَّحة، منها اندفاع (نتنياهو) نحو الاغتيالات على مستوى واسع في الضفة أو قطاع غزة أو لبنان أو سوريا أو غيرها من الدول كماليزيا، أو الاكتفاء بالألاعيب الأمنيَّة، التي يشابهها ما حاول فعله في طهران عبر محاولة التَّلاعب بمنظومة الدفاع الصاروخية الإيرانيَّة".   

 

وأشار إلى أنَّ السيناريو الأكثر احتماليَّة "لجوء الاحتلال لاغتيال شخصيات ليست من المستوى الأول في العمل المقاوم، عبر متخابرين، وليس الأساليب التقليدية، كالاغتيالات من الجوّ أو من خلال الصواريخ والقنابل الذكيّة"؛ مستدركًا: "لكن استهداف الاحتلال قطاع غزة يعدُّ الاحتمال المباشر والأكبر؛ خصوصًا أمام مزاعم الاحتلال بأن عملية (مستوطنة عليلي) وغيرها قد جرى تمويلها من القطاع".

  

وصباح أمس الخميس، استُشهد فلسطيني متأثِّرًا بإصابته بالرصاص، عقب تنفيذه عملية دعس بشاحنة أسفرت عن مقتل جندي وإصابة 5 جنود، قرب حاجز "نعلين" غرب رام الله، وسط الضفَّة الفلسطينية المحتلَّة

 

وقالت القناة 14 العبريَّة، إنَّ "شاحنة يقودها فلسطيني دعست جنودًا على حاجز (مكابيم) العسكري قرب بلدة بيت سيرا قضاء رام الله والبيرة؛ فأصابت 6 بجراح مختلفة"، موضحةً أنَّ "أحد الجنود المصابين قُتل متأثِّرًا بإصابته الحرجة في البطن والرأس، فيما وُصفت جراح أحد المصابين بالخطيرة وغير المستقرة، والآخرِين ما بين المتوسطة الطفيفة".

 

وذكرت القناة أنَّ منفّذ العملية "هو داود عبد الرازق درس (41 عامًا) من قرية دير عمّار، متزوّج ولديه 5 أبناء، يحمل تصريح عمل داخل الخط الأخضر".

 

ولاحقًا قالت وزارة الصحة الفلسطينيَّة، في تصريح مقتضب وصل "الاستقلال"، إنَّها "الهيئة العامة للشؤون المدنيَّة أبلغتها باستشهاد المواطن داود درس (منفذ عملية الدَّعس)".

 

وكان ضابط وثلاثة جنود في جيش الاحتلال أصيبوا مساء الأربعاء، في كمين نفَّذته "كتيبة نابلس" في "سرايا القُدس" ضد قوَّة مشاة من الجيش في محيط ما يعرف بـ "قبر يوسف"، شرقي مدينة نابلس، شمال الضفَّة المحتلَّة.

 

يأتي ذلك في وقتٍ توعَّد فيه رئيس حكومته "بنيامين نتنياهو"، ووزير حربه "يوآف غالانت"، باتِّخاذ خطوات تستهدف المقاومين و"مرسليهم"؛ ردًّا على تصاعد العمليات الفدائية في الضفَّة المحتلَّة، فيما يرجِّح سياسيون ومراقبون فلسطينيون أنَّ هذا الوعيد "ضوء أخضر" للبدء بتنفيذ اغتيالات لقادة المقاومة بالضفَّة وقطاع غزة والخارج.

 

ومنذ مطلع العام الجاري قُتل (37) "إسرائيليًّا" في سلسلة عمليات إطلاق نار ودعس وطعن نفذها فلسطينيون في الضفَّة الفلسطينية المحتلَّة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق