الاستقلال / معتز شاهين:
في تصعيد غير مسبوق، صادق الكنيست الإسرائيلي على مقترح قانون يقضي بحظر عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الأرض الفلسطينية المحتلة، ومنع موظفيها من الحصول على الامتيازات والحصانات الدبلوماسية الممنوحة لها، مما أثار قلقاً واسعاً حول تداعيات هذا القرار على حياة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين.
والاثنين الماضي صادق عليه الكنيست مساء الاثنين، بالقراءتين الثانية والثالثة بأغلبية 92 صوتاً مقابل 10 على أنه «لن يكون للأونروا أي تمثيل، ولن تقدم أي خدمة ولن تقوم بأي نشاط، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الأراضي السيادية لدولة الاحتلال». وينتظر أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ خلال 90 يوما.
ووفق القانون، سيتم إلغاء اتفاقية عام 1967 -التي سمحت للأونروا بالعمل في «إسرائيل»- وبالتالي ستتوقف أنشطة الوكالة في البلاد وسيتم حظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفيها.
وأكد مختصون في شؤون اللاجئين أن هذا القرار يُعد جزءاً من سلسلة إجراءات تسعى «إسرائيل» في نهايتها إلى إنهاء دور (الأونروا) التي تتولى مسؤولية توفير التعليم، والرعاية الصحية، والإغاثة الإنسانية لمجتمعات اللاجئين في مخيمات اللجوء، مشددين على أن هذا القرار يعد سابقة خطيرة .
وحذر المختصون في أحاديث منفصلة مع صحيفة «الاستقلال»، أمس الأربعاء، من تداعيات وعواقب إنهاء عمل (الأونروا) ليس بكونه تعدياً على المنظومة الأممية فقط ولكن بسبب ارتباط الأونروا بحق العودة حيث يتم تسجل كل فرد ينحدر من عائلة لاجئة منذ عام 1948 كلاجئ وبالتالي لا يسقط عنه حق العودة.
ويأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه قطاع غزة عدواناً إسرائيلياً مكثفاً، مما يضاعف من حجم المعاناة الإنسانية على السكان ويزيد من الحاجة الملحة إلى خدمات الإغاثة والدعم التي تقدمها وكالة الأونروا.
وأعربت سبع دول، من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، في بيان مشترك، عن قلقها الشديد إزاء مشروع القانون الإسرائيلي بحظر أنشطة «أونروا» وإلغاء امتيازاتها وحصاناتها، مؤكدين أن هذه الخطوة تهدد بتعطيل تقديم المساعدات والخدمات الإنسانية الأساسية التي توفرها «أونروا»، خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب مثل غزة والضفة الغربية المحتلة.
من جانبه، المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، حذر من أن التصويت النهائي على القانون في الكنيست سيؤدي إلى تداعيات إنسانية خطيرة، حيث تعتمد عمليات الوكالة بشكل كبير على بنيتها التحتية في غزة. كما أشار إلى أن بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين يسعون إلى إنهاء عمل «أونروا» كجزء من أهداف الحرب، في ظل مقتل 226 من موظفي الوكالة خلال العام الماضي.
ووصف لازاريني، قوانين الاحتلال بأنها «ليست أقل من عقاب جماعي، مؤكدًا أنها «لن تجرد الفلسطينيين من وضعهم كلاجئين لأن هذا الوضع محميّ بقرار آخر للجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن يتم إيجاد حل عادل ودائم لمحنة الفلسطينيين».
اغتيال سياسي
وأكد مدير عام الهيئة «302» للدفاع عن حقوق اللاجئين، علي هويدي، أنّ هذ القرار يُعتبر التصويت عليه بمثابة عملية اغتيال سياسي ومعنوي وعملياتي للأونروا، مشدداً على أن ذلك يُمثل تحديًا فاضحًا للمجتمع الدولي الذي أنشأ هذه الوكالة، وسابقة خطيرة.
وقال هويدي لـ»الاستقلال»، أمس الأربعاء، «تكمن خطورة القرار ليس بكونه تعدياً على المنظومة الأممية فقط ولكن بسبب ارتباط الأونروا بحق العودة حيث يتم تسجل كل فرد ينحدر من عائلة لاجئة منذ عام 1948 كلاجئ وبالتالي لا يسقط عنه حق العودة».
وأضاف، أن خطوة حظر عمل «الأونروا» تندرج ضمن خطة إسرائيلية ممنهجة تصل في نهايتها إلى إنهاء قضية اللاجئين عبر تصفية الوكالة الأممية التي ترعى شؤونهم وشاهدة على نكبتهم.
وشدد هويدي، على أن الغاء «الأونروا» وانهاء دورها في أي من مناطق عملياتها الخمس، لن يؤثر على الوضع القانوني والسياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة على الرغم من سعي الاحتلال إلى ذلك.
وعن الخطط والاستراتيجيات التي يمكن أن تتبناها «أونروا»، أوضح مدير عام الهيئة «302» ، أنه يجب عليها التواصل المكثف مع الدول المانحة لضمان استمرارية تقديم خدماتها سواء في المناطق الثلاث (سوريا الأردن لبنان) مردفاً: «سيكون هناك متابعة من قبل الاونروا خلال الـ 90 يوما حتى يتبين بشكل واضح الألية التي ستعمل بها والقضايا التي يمكن أن تفرض عليها طالما أصبح هناك قوانين تمنع عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس المحتلة».
ونبه، أن قضية اللاجئين الفلسطينيين أصبحت بحاجة إلى مواقف إضافية من قبل منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، وأن يشكل حراك اعلامي ودبلوماسي تقوده المنظمة على مستوى دولة فلسطين التي أصبحت عضواً مراقباً في الأمم المتحدة.
إعدام القضية الفلسطينية
بدوره يرى المختص في شؤون اللاجئين فوزي عوض، أن الإقرار الإسرائيلي بحظر عمل «أونروا»، يحمل في طياته بعدين، الأول، سياسي يؤثر بشكل مباشر على حق عودة اللاجئين الى فلسطين التاريخية، والأخر خدماتي اغاثي يجرد اللاجئين الفلسطينيين من المصدر الأساسي للخدمات والإغاثة ومصادر الرزق.
وقال عوض لـ «الاستقلال»، أمس الأربعاء، إن القرار الإسرائيلي محاولة لتصفية أقدم شاهد حي على ما جرى للفلسطينيين منذ النكبة، والوثيقة الأممية الدالة على حقوق الشعب الفلسطيني، وحظرها في الأراضي المحتلة قرار بإعدام القضية والشعب، وضرب النظام الدولي في مقتل.
وأَضاف، أن الخدمات التي تقدمها الوكالة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة على مستوى الصحة والتعليم والاغاثة وأعمال البنى التحتية وبرامج الحماية والقروض ستتأثر بشكل مباشر من قرار وقف عملها.
وأوضح المختص، أن الأونروا عليها أن تتبنى عدة استراتيجيات لضمان استمرار تقديم خدماتها في ظل التحديات السياسية والمالية والهجمة الإسرائيلية الشرسة التي تواجهها، أبرزها تعزيز التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية والعمل على كسب الدعم الشعبي والدولي لها.
التعليقات : 0