غزة / معتز شاهين:
لم تخرج القمة العربية الإسلامية التي عقدت في الرياض بعد مرور أكثر من 400 يومٍ على بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عن سابقاتها في رفع شعارات «التضامن» و»الرفض» تجاه اعتداءات الاحتلال، دون أن تُترجم قراراتها إلى خطوات عملية أو مواقف حاسمة كما العادة، على الرغم من الوضع المأساوي والصعب الذي تمر به القضية الفلسطينية في الوقت الحالي مما أثار تساؤلات حول جدوى مثل هذه القمم.
ويرى محللون سياسيون أن الشعارات التي رددتها الدول العربية في قمة الرياض، حمل شعارات قوية منددة بالعدوان الإسرائيلي في قطاع غزة، لكنها في الوقت نفسه افتقدت إلى التحرك الفعلي والقرارات الداعمة للقضية الفلسطينية في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة .
واعتبر المحللون في أحاديث منفصلة مع «الاستقلال» الأربعاء، أن هذه القمة عقدت في الوقت الضائع لتقديم أي دعم حقيقي لإنقاذ قطاع غزة الذي ترك لوحده منذ أكثر من 400 يوم من العدوان، مشددين على الحاجة إلى مواقف عربية أكثر صلابة وجدية تجاه العدوان الإسرائيلي. وعُقدت الإثنين قمة مشتركة بين الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في الرياض، بمشاركة قادة من مختلف الدول العربية والإسلامية لمناقشة الوضع في غزة.
بعد مرور عام كامل على القمة الأولى، انعقدت القمة العربية الإسلامية غير العادية الثانية في الرياض يوم 11 نوفمبر 2024، بمشاركة قادة من مختلف الدول العربية والإسلامية لمناقشة الوضع في غزة.
وجاء في بيان القمة المشتركة أنها تدعو إلى «توفير كافة أشكال الدعم السياسي والدبلوماسي والحماية الدولية للشعب الفلسطيني ودولة فلسطين وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»، معبرة عن «إدانتها» للإجراءات الإسرائيلية التي «تستهدف المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وتغيير هويتها»، كما طالب «المجتمع الدولي الضغط على «إسرائيل» لوقف» تلك الإجراءات.
وهاجم البيان الختامي «إسرائيل» بسبب انتقادها للأمم المتحدة وأمينها العام أنطونيو غوتيريش، مشيرا إلى «حظر عمل اللجان الدولية وأعضاء مكتب المفوض السامي (لحقوق الإنسان) والمقررين الخاصين من الدخول» إلى الأراضي الفلسطينية.
قرارات عاجزة
وقال الكاتب والمحلل السياسي عمر جعارة إن القمة العربية الإسلامية بالرياض، رغم كثافة الخطابات والشعارات التي ترفع في مواقفها حول غزة، في النهاية لا تترجم هذه التصريحات إلى أفعال حقيقية على أرض الواقع.
وأضاف جعارة لـ «الاستقلال»، أن الشعارات التي ترددها بعض الدول العربية في قمة الرياض، مثل «التضامن مع الشعب الفلسطيني» أو «رفض العدوان الإسرائيلي»، تبقى غالبًا مجرد كلام لا يرافقه أي تحرك فعلي لدعم القضية الفلسطينية، لكون الشعارات وحدها لا تُغير الواقع على الأرض في غزة أو تُوقف الحرب عنها.
وشدد على أن القمة العربية بالرياض كتب لها الفشل قبل انعقادها دون قراءة مخرجاتها لكونها انعقدت بعد مرور اكثر من 400 يوم من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فضلا عن انها لن تكون قادرة على اتخاذ مواقف جريئة بسبب الضغوط الدولية، خاصة من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وأوروبا.
وتابع جعارة: «بعض الدول العربية، كانت تسعى لتحسين علاقاتها مع «إسرائيل»، بينما تدين دول أخرى الهجمات على غزة»، مشدداً إلى أن هذه الازدواجية في المواقف تقلل من فعالية القمة وتعزز من شق الصف العربي. وأشار، إلى أن هذه القمة لا تعكس فعلاً مطالب الشارع العربي، خاصة في ظل حالة الاستياء الشعبية الواسعة من استمرار الحرب على غزة والواقع المأساوي الذي يعيشه السكان في القطاع، لافتا إلى أن القمة تركز على السياسة الرسمية التي غالباً ما تكون بعيدة عن قضايا الشعوب العربية.
ويرى المحلل السياسي، أن هذه القمة فرصة ضائعة لتحقيق تقدم حقيقي في قضية غزة، مشدداً على الحاجة إلى مواقف عربية أكثر صلابة وجدية تجاه العدوان الإسرائيلي وتقديم الدعم الفعلي للفلسطينيين.
آمال محطمة
من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور، أن القمة العربية الإسلامية الأخيرة، التي انعقدت في ظل التصعيد العسكري المتواصل في غزة، لم تحمل سوى تصريحات مشابهة لما سبقها من قمم، لتكرّس بذلك حالة من الاستنكار دون أن تثمر عن خطوات عملية أو قرارات حاسمة.
وقال منصور لـ «الاستقلال»، أمس الأربعاء، إن حجم الآمال من القمة السعودية بأن تُترجم خطوات ملموسة على أرض الواقع ليس بالكبير، لكون أنها جاءت في ذروة الحرب على غزة، ودخول إدارة أمريكية جديدة معادية يرافقها حكومة إسرائيلية يمينية فاشية.
وأضاف، أن التوافق على خطوات ومواقف عربية موحدة داعمة لوحدة الأراضي الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني تصل إلى وقف الحرب على غزة مهم جداً، وإن عدم ترجمة هذه الخطوات والمواقف سينعكس سلبا على القضية الفلسطينية».
وأشار منصور، إلى أن تطبيق مخرجات القمة السعودية مُهمة تقع على عاتق القيادات الفلسطينية كما على الدول العربية، بمعنى يجب على القيادات الفلسطينية أن تتوحد أكثر، حتى تكون جسراً لكل ما له علاقة بدعم قضية الشعب الفلسطيني.
وأوضح المحلل السياسي، أن الإدارة الامريكية الان هي بحاجة للدول العربية لإنهاء الحروب في المنطقة وهذا يضع بيد الفلسطينيين والدول العربية ورقة قوية لاتخاذ قرارات مهمة لصالح القضية الفلسطينية، مشدداً على أنه إذا لم يكن هناك أرضية فلسطينية صلبة تستغل الموقف وتستثمر لن تكون لهذه الورقة أي قيمة.
التعليقات : 0