الجوع يطرق بطون المواطنين

"رغيـف الخبـز".. حلـــم يراود سكــان جنوبــي قطــاع غــزة

تقارير وحوارات

 غزة / معتز شاهين:

شحُّ «الطَّحين» بات عنوانًا لأزمة إنسانيَّة عمقت معاناة المواطنين في جنوب قطاع غزة، فالحصول على كيس من الطحين أصبح حلمًا بعيد المنال يطارده المواطنون وسط أزيز الطائرات، لتصبح أرغفة الخبز رهينة الحصار والنيران. ويعيش المواطنون في جنوب ووسط قطاع غزة، في أزمة كبيرة نتيجة شح الطحين عمقت أزمتهم الإنسانية الناتجة عن منع الاحتلال إدخال السلع الغذائية وغلاء أسعار السلع المتوفرة.

 

ويبلغ سعر كيس الدقيق 25 كيلو جرام في أسواق جنوب قطاع غزة ما يعادل ١٠٠ دولار أمريكي، ما فرض على العوائل هواجس مرعبة فوق تلك يعانون منها منذ أكثر من ١٤ شهراً في حرب الإبادة الجماعية المتواصلة.

 

وتسبب نقص الطحين في الأسواق، وارتفاع أسعاره بشكلٍ غير مسبوق في إغلاق العديد من المخابز البلدية، الأمر الذي جعل العائلات تعاني من القلق اليومي بشأن توفير أبسط احتياجاتها.

 

وتشهد مخابز مناطق الجنوب والوسط في قطاع غزة تشهد ازدحامات كثيفة جدآ تصل حد الاختناقات، في مسعى من المواطنين للحصول على رغيف الخبز في ظل شح الطحين وفقدانه.

قهر وحرمان

ويقول المواطن أبو محمد (43 عامًا) من سكان مدينة غزة، وهو نازح في مواصي خان يونس: «الوضع أصبح لا يُطاق، لا أستطيع شراء الطحين لتأمين خبز لأولادي، المحلات فارغة، والأسعار مرتفعة جدًا، نعتمد على المساعدات، لكن حتى هذه المساعدات لا تصل بانتظام بسبب القصف والظروف الأمنية.»

 

ويضيف أبو محمد لمراسل صحيفة «الاستقلال»،، «هذه الأزمة ليست جديدة، لكنها اليوم أسوأ بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي. المخزون ينفد، والمساعدات لا تصل بسبب الحصار والقصف، حياتنا أصبحت مزيجًا من الخوف والجوع».

 

وتدفع الظروف المعيشية القاسية ونقص الطحين، المواطنين إلى الخروج في أوقات مبكرة من أجل الاصطفاف في أحد الطوابير أمام المخابز التي ما تزال تعمل، أملًا في تأمين ربطة خبز واحدة.

الوضع يزداد سوءًا

الخمسيني عمر رضوان، استطاع الحصول على ربطة خبز واحدة بعد انتظار استمر خمس ساعات يقول: «الأزمة كبيرة جدًا، فطوابير الانتظار أمام المخابز طويلة، وبعض المخابز أغلقت لأنها لم تعد تجد الطحين، نحن الكبار بالسن لا نملك المال ولا القوة للاصطفاف في طوابير الانتظار على المخابز، والوضع يزداد سوءًا يومًا بعد يوم.»

 

ويضيف رضوان لـ «الاستقلال»، «الخبز هو الأساس لكل عائلة، والآن أصبحنا نبحث عن أي شيء لنأكله، فالحرب حرمتنا من كل شيء: الأمان، الطعام، وحتى أبسط احتياجاتنا.

 

وطالب رضوان وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الاونروا البدء في توزيع الدورة الرابعة من الطحين حتى لا تدخل غزة في مجاعة حقيقية

المتسبب الاحتلال

مسؤولة إعلام «الأونروا» ايناس حمدان أكدت أن مخازن الوكالة فارغة من مادة الدقيق، ولا تستطيع البدء بعمليات توزيع حتى لو كيس واحد على العوائل بشكل طارئ.

 

وأضافت لـ «الاستقلال»، ، الاربعاء، أن معدل شاحنات المساعدات الانسانية التي تدخل الى قطاع غزه وصل منذ شهر اكتوبر ٢٠٢٤ الى ادنى مستوياته حيث تدخل فقط حوالي ٣٠ شاحنه مساعدات يوميا.

 

وأوضحت، أن توزيع اكياس الطحين على المواطنين يتم حسب الكميات المتوفرة والتي تعتمد بشكل اساسي على ما يتم السماح بإدخاله من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مشيرةً إلى أن فرق الاونروا تواصل توزيع اكياس الطحين ضمن الدورة الثانية والثالثة بالتوازي.

 

وبينت حمدان، أنه حسب اخر التقارير، فمنذ اكتوبر ٢٠٢٣ وحتى ٣ اكتوبر ٢٠٢٤ تم توزيع جولتين من الطحين على حوالي ١,٩ مليون فرد تقريبا فيما تسلمت ٣٦٦,٩٤٤ عائلة ثلاث جولات من الطحين.

وشددت على أن مهمة استلام وإيصال المساعدات الانسانية أصبحت من أصعب المهام الانسانية التي تقوم بها الاونروا وذلك بسبب التعقيدات التي تفرضها «إسرائيل» عليها وتمنع أي جهة أمنية من تأمين المساعدات الأمر الذي يعرضها للسرقة من قبل اللصوص.» وكشفت عن تعرض قافلة يوم الاثنين تابعة للأمم المتحدة مكونة من ١٠٩ شاحنة بالإمدادات الغذائية للنهب باستخدام العنف، وتم فقدان الغالبية العظمى من الشاحنات حوالي ٩٧ شاحنة.

 

ولفتت حمدان، إلى أن إغلاق الاحتلال المتكرر لمعابر غزة التجارية والعراقيل المفروضة على عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات الانسانية وتحديدا المواد الغذائية بما في ذلك الطحين زاد من حدة الأزمة.

 

وكانت مصادر في وزارة الداخلية بغزة، كشفت عن مقتل أكثر من 20 فرداً من عصابات متورطة في سرقة شاحنات المساعدات، وذلك خلال عملية «أمنية نوعية» نفذتها، مساء الاثنين، الأجهزة الأمنية بالتعاون مع لجان عشائرية شرق رفح.

 

وأكدت، أن هذه العملية هي البداية لحملة أمنية موسعة تم التخطيط لها بدقة، وستستمر لاستهداف كل من تورط في جرائم سرقة الشاحنات التي أثرت بشكل كبير على حياة المواطنين وتسببت في بوادر مجاعة جنوب قطاع غزة.

 

وكشفت المصادر، عن وجود اتصالات بين عصابات السرقة وقوات الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك ضباط من جهاز «الشاباك»، لتوفير غطاء أمني للعصابات وتوجيه عملياتها.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق