استمرارُ اقتحامِهِ تصعيدٌ خطيرٌ واستفزازٌ مرفوض

سلهَب لـ" الاستقلال": الأقصى يواجهُ تهديداً وجوديّاً غيرَ مسبوقٍ بموسمِ الأعياد

سلهَب لـ
تقارير وحوارات

غزة/ سماح المبحوح:
أدان رئيس مجلس الأوقاف والشؤون الإسلامية في القدس عبد العظيم سلهَب، اقتحامَ جماعات المستوطنين للمسجد الأقصى على رأسها المتطرّف اليميني إيتمار بن غفير فيما يُسمَّى بعيد الأنوار، مؤكداً أن الاقتحامات هي رسالة تحدٍّ سافر للمسلمين في أقدس مقدساتهم، واستفزازٌ مرفوضٌ وغيرُ مقبول.
وقال سلهَب في حديثه لـ"الاستقلال" إن: "قوات الاحتلال ممثّلةً بالجمعيات اليهودية المتطرّفة تستغل الأعياد والمناسبات الدينية؛ لبسط سيطرتها ونفوذها على المسجد الأقصى"، مؤكّداً أن الأقصى يواجه تهديداً وجودياً غيرَ مسبوق بموسم الأعياد.
وأضاف: "أن ما حصل من اقتحام للمسجد الأقصى هو انتهاك واضح وصريح لحرمته واستفزاز لمشاعر المسلمين".
وأشار إلى أن الاقتحامات لا تتمّ إلّا بحراسة مشدّدة من شرطة الاحتلال، ولولاها لَمَا تجرّأ أحدٌ على الاقتحام، محمّلاً الحكومة الإسرائيلية اليمينية مسؤولية الاقتحامات والمَسّ بحُرمَة الأقصى؛ من أجل تحقيق أطماعهم بتهويد المدينة المقدّسة والسيطرة على مسجدها.
وقاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرّف إيتمار بن غفير، الخميس الماضي، اقتحامَ المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، بحراسة مشدّدة من شرطة الاحتلال، في أوّل أيّام ما يُسمَّى عيد الأنوار "الحانوكاه" العبري.
واقتحم عشرات المستوطنين بقيادة المتطرّف بن غفير المسجد الأقصى على شكل مجموعات، وذلك من جهة باب المغاربة، وأدَّوا طقوسًا تلمودية في باحاته.
ونشر الاحتلال الإسرائيلي وحدة خاصة في باحات الأقصى؛ لتأمين الاقتحام ومنْع المصلِّين من الدخول، تزامُنًا مع اقتحام بن غفير.
كما شدّدت شرطة الاحتلال من إجراءاتها العسكرية في محيط البلدة القديمة من القدس، وعند أبواب المسجد الأقصى، وأعاقت دخول المواطنين الفلسطينيين إلى ساحات الحرم.
ومنذ بدْءِ العدوان الإسرائيلي الشامل على قطاع غزة والضفة الغربية، في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شدّدت قوات الاحتلال إجراءاتها على أبواب المسجد الأقصى، ومداخل البلدة القديمة.
ويستغل الاحتلال الأعيادَ اليهودية؛ للتضيّيق على أبناء الشعب الفلسطيني، بالتزامُن مع انتهاكات كبيرة تمارسها قوات الاحتلال من فرض الحصار، وتشديد الإجراءات العسكرية على الحواجز، وإعاقة وصول الفلسطينيين إلى الأماكن المقدّسة.
خطورةُ الاقتحامات
وأشار إلى خطورة الاقتحامات المبيّتَة التي تهدف لخلْقِ واقعٍ استثنائيّ داخل المسجد الأقصى، مشدّداً على أن بن غفير ومئات المستوطنين بالتعاون مع حكومتهم العنصرية يريدون تغيير الوضع التاريخي والقانوني والديني للمسجد الأقصى.
وأكّد على محاولات بن غفير وجماعات المستوطنين استغلال حرب الإبادة المستمرة ضدّ قطاع غزة لأكثر من عام؛ للاستفراد بالمسجد الأقصى، وهو ما يُنذرُ بشؤمٍ كبير، "فالاعتداء على عقائد الآخرين لا يمكن الصمتُ عنه.
وشدّد على أن المسجد الأقصى المبارك بكل ساحاته وأروقته ومُصلياته، سواء تحت الأرض أو فوقها، ليس لليهود وإنّما للمسلمين كافة، ولا حقّ لغيرهم فيه، منوِّهاً إلى أن المسجد القِبَلِي وقبة الصخرة والمصلّى المرواني ومصلّى باب الرحمة وحائط البراق جزءٌ، وما يدور حول السور جزءٌ لا يتجّزأ من المسجد.
مَدعَاةٌ لغضَبِ كلِّ مسلم
ورأى أن الأعمال الاستفزازية التي تتمّ بحماية وحراسة شرطة وجنود الاحتلال داخل المسجد الأقصى التي يتابعها ملايين المسلمين حول العالم، هي مَدعَاةٌ لغضب كلّ مسلم يشاهدها.
يُشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي صادر بعد النكسة في العام 67 مباشرة مفاتيحَ باب المغاربة، أحد أبواب المسجد الأقصى الـ 15، ومنع المصلِّين من استخدامه.
والباب أُغلِقَ منذ اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000، ثم أعاد الاحتلال فتحَهُ عام 2003 بالقوّة، وبدأ بالتحكُّم بالاقتحامات وهُويّة المقتحمين.
ومن خلال باب المغاربة، يقتحم المستوطنون الأقصى بحمايةٍ من قوات الاحتلال، ويسمح أيضاً للسيّاح بالدخول إلى المسجد، بعدما كان الأمر قبل ذلك من صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية.
وتضاعف نفوذ ما تُسمّى بـ"جماعات الهيكل" خلال الـ 20 عامًا الماضية، وانتقل الاقتحام من الفرديّ إلى الجماعيّ.
وتأخذ اقتحامات المسجد الأقصى شكلًا منظّمًا من خلال مؤسّسات تعمل على تكريس واقع جديد فيه، حيث ينفذ المستوطنون اقتحاماتهم على فترتين صباحية وأخرى مسائية بعد صلاة الظهر، بمجموع 5 ساعات على الأقل.
ويسيرون في مسار محدَّد باتجاه المنطقة الشرقية قرب مصلّى باب الرحمة، حيث تُعقَد دروسٌ دينية يهودية وتُقام طقوسٌ تلمودية.
بعد ذلك، يتوجّه المستوطنون إلى صحن قبة الصخرة المشرّفة، قبل أن يخرجوا من باب السلسلة.
وفيما تعمل قوات الاحتلال على تكريس هذه الاقتحامات وتوسيعها، يُبعَد لأجلها عن الأقصى كلُّ مصلٍّ يحاول الاعتراض عليها، كما يجري اعتقال الحرّاس ويُبعَدون، ويُضيَّق على دخول الشبان خلال فترة الاقتحامات.
إلى ذلك، ارتفع سقف مطالب ما تُسمّى بـ"جماعات الهيكل" وداعميها من داخل الحكومة الإسرائيلية من تسهيل اقتحام الأقصى وزيادة ساعاته، إلى الحديث عن حقّ اليهود بالصلاة داخل المسجد والسماح لهم باقتحامه بحُريّة والمطالبة بتقسيمِه.

التعليقات : 0

إضافة تعليق