عودة النازحين إلى شمال غزة.. انتصاراً للإرادة الفلسطينية وإسقاط لمخطط التهجير

عودة النازحين إلى شمال غزة.. انتصاراً للإرادة الفلسطينية وإسقاط لمخطط التهجير
تقارير وحوارات

غزة/ دعاء الحطاب :

أجمع محللان مختصان بالشأن السياسي الفلسطيني على أن المشهد المُهيب لعودة مئات آلاف النازحين الفلسطينيين من وسط وجنوب قطاع غزة الى شماله، مشياً على الأقدام والمركبات، يُعد انتصاراً للإرادة الفلسطينية ويُبدد المخططات الإسرائيلية والأمريكية كافة لتهجير السكان إلى دول أخرى، سواء بشكل قسري أو طوعي.

 

وأكد المحللان خلال أحاديث منفصلة لـ» الاستقلال»، أن صمود أبناء الشعب الفلسطيني وحرصهم على العودة إلي بيوتهم المدمرة، منذ اللحظات الأولي لفتح محور نتساريم، يحمل رسائل قوية تؤكد عمق الانتماء الفلسطيني بأرضه ووطنه.

 

وتواصل آلاف العائلات الفلسطينية النازحة، العودة إلى منازلها في شمال قطاع غزة لليوم الرابع على التوالي، عبر شارعي الرشيد وصلاح الدين، في مشهد مهيب يعكس عزمهم على العودة إلى ديارهم بعد أكثر من عامٍ من المعاناة.


أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أمس (الأربعاء) أن أكثر من نصف مليون نازح فلسطيني عادوا إلى شمال القطاع منذ صباح الاثنين الماضي .


وانطلق آلاف النازحين صباح الاثنين الماضي، في رحلة العودة إلى شمال قطاع غزة، وفقًا للاتفاق بين فصائل المقاومة الفلسطينية و»إسرائيل»، حيث سلك النازحون شارع صلاح الدين بمركباتهم بعد المرور بنقاط التفتيش الدولية، وتابع آخرون سيرًا على الأقدام عبر شارع الرشيد، في خطوة أعادت فتح الطريق إلى المناطق الشمالية التي نزحوا عنها سابقًا.


وطرح الرئيس الأمريكي السبت الماضي، خطة لـ»تطهير» غزة، قائلاً إنه «يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط».


وقال ترامب للصحفيين: «نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها»، واصفا غزة بأنها «مكان مدمر».


وأشار إلى أن «هذه الخطوة قد تكون موقتة أو طويلة الأجل، ويتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة».


إفشال لمخططات التهجير


المختص بالشأن السياسي د. عاهد فروانة، أكد أن مشهد عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى ديارهم بغزة وشمالها مشياً على الأقدام، هو انتصار للإرادة الفلسطينية وافشال لكافة المخططات الإسرائيلية والأمريكية الإستعمارية الرامية لتهجير سكان القطاع قسراً أو طواعية إلى مصر والأردن ودول أخرى.


وقال فروانة لـ»الاستقلال» :» إن ما رآه العالم من تدفق السيول البشرية بغزة بكافة الشرائح رجالاً ونساء وأطفالاً وشيوخاً، يؤكد على تمسكهم بأرضهم وأنهم لن يقبلوا بأي محاولات لتهجيرهم، وإرادتهم القوية بالعودة لديارهم مهما كانت العوائق، ورغم حجم العدوان والدمار الذي حل على هذه المناطق».


وأضاف:" الاحتلال أراد أن يكون مشهد عودة النازحين لشمال القطاع مشياً على الأقدام، مشهد إذلال و إهانة لأبناء شعبنا لكنه تفاجأ بحجم صمودهم وحرصهم على العودة". 


وأوضح أن حكومة الاحتلال والمستوطنين كانوا يتوقعون عودة عدد قليل من النازحين إلى شمال غزة الذي تم تدمير مقومات الحياة فيه كافة، لكنهما صدموا بعودة 500 ألف نازح من وسط وجنوب القطاع لشماله خلال يومين من تراجع قوات الاحتلال عن محور نتساريم تنفيذا لاتفاق وقف أطلاق النار، بينما لم يعد سكان الغلاف إلى مستوطناتهم رغم عدم وجود أي خطر يهددهم.


ويرى أن مشهد العودة دليل قاطع على إفشال خطة الجنرالات الإسرائيلية، ونهاية مشروع استعمار شمال القطاع الذي خطط له اليمين الإسرائيلي، كما أنه أحيا حلم العودة الكبرى للفلسطينيين كافة الذين هجروا من أراضيهم على مدار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.


وبين فروانة، أن الاحتلال الإسرائيلي راهن على الإبادة الجماعية والقتل والضغط العسكري والتدمير الجنوني للمنازل والمنشآت السكنية والمستشفيات وغيرها، لترهيب الفلسطينيين ودفعهم للهجرة خارج قطاع غزة، إلا أنه فشل أمام عزيمتهم وإصرارهم على البقاء في أرضهم.


وأوضح أن الاحتلال عمل منذ بداية حرب الإبادة في السابع من اكتوبر عام 2023م، على مخطط لدفع السكان إلى مدينه رفح جنوب قطاع غزة، ومن ثم اختراق الحدود المصرية والتوجه إلى سيناء، لكنه لم ينجح، فالمواطنون لم يقبلوا على أنفسهم الهجرة، وعاشوا بالخيام تحت نيران الطائرات والأليات الإسرائيلية بظروف معيشية صعبه للغاية.

 

وشدد على أن صمود أبناء الشعب الفلسطيني وحرصهم على العودة إلي بيوتهم المدمرة، يُبدد كافة مخططات التهجير ويجعلها حبراً على ورق، مؤكدا أن تضحيات شعبنا وتمسكهم بأرضهم كافية لتحرير فلسطين من النهر إلى البحر.


وفيما يتعلق بتفكيك بعض المواقع من محور نتساريم وانسحاب قوات الاحتلال منه، قال فروانة:» إن تفكيك بعض المواقع في محور نتساريم كان له وقع كبير على الإسرائيليين نظرا لما يمثله هذا المحور من قيمة بالنسبة لهم».


وقالت القناة الـ14 الإسرائيلية إن الجنود الإسرائيليين غادروا محور نتساريم (مفرق الشهداء)، الذي أقامه جيش الاحتلال ليفصل مدينة غزة وشمالها عن المنطقة الوسطى وجنوب قطاع غزة، وهم يذرفون الدموع ويشعرون أن ما فعلوه لأكثر من عام بغزة «يذهب هباء».


رسائل عدة


وبدوره، أكد المحلل السياسي مصطفي ابراهيم أن عودة مئات الآلاف من جنوبي قطاع غزة الى شماله، بعد تهجيرهم قسراً من منازلهم نتيجة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي استمرت لأكثر من 15شهراً، تحمل رسائل قوية تؤكد عمق انتماء الفلسطيني لأرضه ووطنه.


وأوضح إبراهيم لـ»الاستقلال»، أن المسير المُهيب لعودة النازحين يُشكل رسالة اصرار على البقاء، وعدم قبول التهجير بالقوة أو الطوعي، مهما كانت التضحيات، مستدركاً:» بالرغم من القتل والنزوح المتكرر والخوف والجوع والسياسات الإجرامية كافة التي ارتكبها الاحتلال طوال الأشهر الماضية، إلا أن الشعب الفلسطيني فاجأ العالم بصموده وعزمه، ولم يقبل المساومة على حفنة تراب من غزة ، فكيف بفلسطين والعودة المُنتظرة».


وشدد على أن الشعب الفلسطيني الذي سطر معاني القوة والعزة والكرامة والصمود خلال 15 شهراً من الإبادة الجماعية، لن ينكسر ولن ينحنى أمام المخططات الإسرائيلية ورغبات الإدارة الأمريكية.


ولفت النظر إلى أن مشاريع التهجير لسكان غزة فشلت على مدار سنوات عدة، ولاسيما عام 1967.
وتُشكل عودة النازحين منذ اللحظة الأولى لفتح محور نتساريم رداً عملياً قاطعاً وصريحاً على مشروع التهجير الذي طرحه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويريد من خلاله العمل على إخراج سكان غزة للأردن ومصر ودول أخرى. وفق المحلل.


وأشار الى أن هذه ليست المرة الأولى التي يطرح فيها ترامب مخططا لتهجير الفلسطينيين، ففي دعايته الانتخابية عام 2015 اقترح تهجيرهم الى دول أخرى، وفشل بذلك.

 

وبين أن مشاهد العودة لشمال غزة، تحمل رسالة واضحة للأنظمة العربية المُطبعة مع الاحتلال و التى لم تُقدم شيئاً لأبناء شعبنا سوى الخذلان والشعارات الكاذبة، مفادها: «أن تحرروا من صمتكم وثباتكم العميق، وانتصروا لأبناء جلدتكم ودينكم قبل أن يفوت الآوان»، مُؤكداً أن أطماع الاحتلال لن يتوقف عند فلسطين وغزة و الضفة، بل ستتضاعف لتبتلع كافة الدول العربية تمهيداً لإنشاء لما يسمي بـ»الشرق الأوسط الجديد».


وبحسب ابراهيم فإن مشاهد العودة تحمل رسالة أيضا للمستوي السياسي والفصائل الفلسطينية، بأنه لا بديل عن الوحدة الوطنية، ولا بديل عن أن يكون الشعب الفلسطيني هو الحاكم والمقرر لمصيره، مُشددا على ضرورة العمل على تحقيق رؤية فلسطينية شامله لتحرير فلسطين كاملةً.

التعليقات : 0

إضافة تعليق