رأي الاستقلال (العدد 2765)

حوارة وحورة وصوريف.. حتى تكتمل الملحمة

حوارة وحورة وصوريف.. حتى تكتمل الملحمة
رأي الاستقلال

رأي الاستقلال (العدد 2765)


بقلم رئيس التحرير / أ. خالد صادق

تنتفض حوارة بالعمليات الفدائية البطولية ضد الاحتلال الصهيوني، فتتبعها قرية حورة بالنقب بعملية الطبيب البطل الشهيد محمد العصيبي، وتلتحق بها بلدة صوريف حيث الشهيد البطل ملازم اول محمد برادعيه الذي دهس بسيارته اول أمس السبت ثلاثة جنود صهاينة وصفت جراح اثنين منهم بالخطيرة والثالث متوسطة وذلك قرب مجمع مستوطنات «غوش عتصيون» بين مدينتي بيت لحم والخليل. وباستشهاد برادعية، ترتفع حصيلة الشهداء الفلسطينيين منذ مطلع العام الجاري إلى 93 شهيدا فلسطينيا، بينهم 17 طفلا وسيدة، ولا زال ركب الشهيد يمضي, وقوافل الشهداء لا تمضي سدى ان الذي يمضي هو الطغيان, وسائل الاعلام العبرية قالت إن منفذ العملية هو «ضابط في أحد أجهزة أمن السلطة الفلسطينية», وهذا وقعه على الإسرائيليين يكون اكثر ايلاما, ويؤكد ان الإسرائيليين والامريكان ومن دار في فلكهما لا يمكن ان ينجحوا في ترويض الفلسطينيين واستئناسهم, لان الشعب الفلسطيني كله, بكافة شرائحه يرفض الاحتلال ويعمل على الخلاص منه, ومن الطبيعي ان ينتفض عناصر الامن الفلسطينيون في وجه الاحتلال, لانهم جزء لا يتجزأ من هذا الشعب, ولا يمكن ان ينفصلوا عن معاناة شعبهم, ومهما تلقوا من دورات تدريبية في الأردن وغيرها على يد الامريكان والإسرائيليين بهدف مسخ عقولهم وتحريضهم على شعبهم, وتغيير مفاهيمهم, الا ان فطرتهم التي فطروا عليهم ترفض تقبل الاحتلال والتعاطي معه, والتعايش مع هذا السرطان الغريب الذي ينخر في جسد الامة, لذلك أكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب، «أن الشهيد البطل محمد برادعية مناضل ابن بلد أصيل، ونموذج لرجل الأمن الذي يضع قضيته وشعبه فوق كل اعتبار, ووجه التحية لكل الشرفاء أمثال البطل برادعية», فحالة الوعي هي التي نراهن عليها دائما, فالاحتلال بجرائمه يدل على نفسه, ولا يمكن لاي عاقل ان يثق بمثل هكذا احتلال احلالي مستعمر قاتل لا تحكمه شرائع ولا اتفاقيات, ولا يؤمن بالسلام والتعايش, ويرى في العربي الجيد هو ذاك العربي الميت فقط .

 

الاحتلال الصهيوني المجرم بات يدرك ان الفعل الفدائي الفلسطيني من الصعب احتواؤه, وان كل الطرق والأساليب القمعية التي استخدمها لم تنجح في وقف العمليات الفدائية, لذلك فجرائم الاحتلال ومحاولاته التصعيدية ضد الفلسطينيين باتت مكشوفة ومعلنة ولا تحتاج أي مواربة او انكار, الاحتلال يعمل وفق قاعدة علي وعلى اعدائي, ويستخدم اقذر الطرق لفرض واقع جديد على الفلسطينيين, بعد ان تخلى عن الخطاب السياسي, والدبلوماسية وتنكر لكل القرارات الدولية, حتى وان كان هذا قد اغضب الإدارة الامريكية, فنتنياهو طالب الامريكان بعدم التدخل في الشأن الداخلي الإسرائيلي, وعدم دعم أحزاب المعارضة الصهيونية بهدف اسقاطه, وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية الصهيوني, وايتمار بن غفير وزير الامن القومي الصهيوني طالبا رئيس حكومتهم المتطرفة بنيامين نتنياهو بعدم الانصياع والتعاطي مع القرارات الامريكية والتمرد عليها, والصحافة العبرية حذرت الحكومة الصهيونية من الانزلاق في مستنقع المواجهة والمعاداة للإدارة الامريكية بزعامة جو بايدن بعد ان وصلت الأمور الى حد انتقاد السياسة الامريكية تجاه إسرائيل بشكل واضح , ففي اطار التحدي الذي تسلكه هذه الحكومة اليمينية المتطرفة, قالت وسائل إعلام عبرية، امس الأحد، إن منظمات ما يسمى «جبل الهيكل» ستقيم تدريبات للحدث السنوي على تقديم قربان «عيد البيسح» اليهودي, وأفادت صحيفة هآرتس، أن هذه المراسم التي ستقام بالقرب من المسجد الأقصى، وسيتم خلالها ذبح عنزة صغيرة وسلخها وتقديمها من أجل تدريب المستوطنين استعداداً لتقديم القربان الحقيقي، وهو ذبح قربان «عيد البيسح» في المسجد الأقصى عشية العيد. وأشارت الصحيفة إلى أنه كما هو الحال في كل عام، هناك من يبذل قصارى جهده لإثارة الاستفزازات في البلدة القديمة، حيث تم توزيع الإعلانات التي تعرض مكافآت لمن سيتم إيقافه وهو يحاول تقديم القربان. وقالت الصحيفة: «عندما يكون الوزير المسؤول عن الشرطة هو من كان حتى وقت قريب أحد نشطاء “منظمة الهيكل”، وعندما تكون الحكومة مُعطلة وفي أزمة مستمرة بسبب تشريعات التعديلات القضائية، تكون أسباب القلق كثيرة جداً».

 

هناك نذر كثيرة لاندلاع مواجهة جديدة مع الاحتلال ربما تكون الأكثر دموية، فالفلسطينيون لا يمكن ان يصمتوا عن ممارسات الاحتلال الصهيوني بحقهم، وحق مسجدهم الاقصى المبارك، والحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين شملت الشروع بحملة اعتقالات وإبعاد مكثفة عن المسجد الأقصى، طالت عشرات المرابطين والمرابطات، وذلك كإجراءات استباقية اتخذتها، عشية عيد «الفصح اليهودي» الذي يصادف الأربعاء المقبل، ويستمر لأسبوع, وحولت سلطات الاحتلال القدس إلى ثكنة عسكرية واستنفرت قواتها في القدس القديمة وحول الأسوار، ونصبت الحواجز في مناطق مختلفة بالمدينة المحتلة, وفرضت قوات الاحتلال قيودا مشددة على دخول المواطنين الفلسطينيين للمسجد الأقصى، ودققت في هوياتهم واحتجزت بعضها عند بواباته الخارجية, وهذا له معنى واحد, ان «إسرائيل» تسارع الخطى لتنفيذ مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى, وهذا نتاج اجتماع العقبة الأمني, وحكومة الصهيونية الدينية تسعى لاصباغ الصراع مع الفلسطينيين بالصبغة الدينية, وتعطي ابعاداً عقائدية لهذا الصراع, كي تجند يهود العالم في كل مكان للدخول في هذه المعركة بهدف «الحسم», لكن الفلسطينيين يسطرون ملحمتهم من جنين الى نابلس الى حوارة وحورة وصوريف, حتى تكتمل الملحمة.

 

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق