غزة / الاستقلال
إلى الذين امطتوا صهوة الجواد وباعوا أغلى ما يملكون مراضاة لله تعالى، لا يرجون من الدنيا إلا أن يكون الله راضٍ عنهم فصدقوا الله فصدقهم الله فنالوا أعظم الدرجات.
نشأة الشهيد حسام
ولد شهيدنا القائد المجاهد حسام محمود الخطيب (أبو سليم) في أسرة ملتزمة ومحافظة وقابضة على دينها، فترعرع في بيت متواضع صغير متربياًعلى العطاء في سبيل الله، حيث تعلم منه معنى الحب في الله والصبر والإيثار.
منذ نعومة أظافره كان شهيدنا أبو سليم من السابقين للخيرات وكان محافظاً على الصلوات الخمس في المسجد، مواضباً على صلاة الجماعة في كل حل وترحال، هكذا هي سمة الشهداء الأعظم منا جميعاً.
وتربى شهيدنا المجاهد في المساجد وتعلم منها تعاليم القرآن وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- واشتد ساعده في محاريب المساجد، حيث بدأ دراسته الابتدائية في مدرسة النصيرات الابتدائية للاجئين وكان من المتفوقين في دراسته بحمد الله ومنته، ثم انتقل الى مدرسة النصيرات الإعدادية للاجئين، أما مرحلة الثانوية فقد درس شهيدنا في مدرسة خالد بن الوليد وكان من المتفوقين، أما المرحلة الجامعية فقد انتقل شهيدنا إلى جامعة الأقصى ودرس الخدمة الاجتماعية وتخرج منها سنة 2010م.
عمل أبو سليم رحمه الله في ميادين عديدة في حياته في حركة الجهاد الاسلامي بدءاً بالرابطة الإسلامية حيث كان مسؤولاً كبيراً فيها، ثم انتهى به المطاف كقائد ميداني بارز مظفر في الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
بين أهله وذويه
تميز الشهيد حسام بالبر والطاعة لوالديه في كل الأمور ، وكان يتصف بالمزاح والضحك والكرم الشديد ، يعطف ويحن على الصغير ، ويوقر ويحترم الكبير ، محافظاً على صلة رحمه بشكل متواصل ، متسامح مع الآخرين ، ومتواضع جدا في معاملة الغير ، حريص على زيارة المرضى ، والمشاركة في تشييع جنازة الشهداء .
وكان رحمه الله حسن المعاملة ، حنوناً متسامحاً طالباً لرضا الجميع ، مسارعاً حريصاً على مساعدة الغير ، كتوم السر سباقاً في حل المشاكل ، يصل أرحامه بالزيارات والاتصالات ، توصياته اليومية لإخوته وأخواته بالصلاة حاضرة والمداومة على قراءة الأذكار ، يذكرهم دوماً بصيام النوافل ، كريم جداً مع أخوته وأخواته ، يسعى لربط أواصر العائلة مع بعضها البعض ، يحب ملاقاة أصدقائه من فترة لأخرى.
انضمامه للجهاد
انضمَّ شهيدنا–رحمه الله- لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في مطلع 2002م ، ثم الرابطة الإسلامية حتى أصبح من روادها المميزين في قطاع غزة و من ثم التحق بصفوف سرايا القدس الجناح العسكري و قد أبلى بلاءً حسناً فلم يترك ثغراً إلا و شاركه فيه فلم يترك باباً من أبواب الجهاد إلا وطرقه، فقد أبدى الشهيد سمعاً وطاعة منقطعة النظير، مبادراً في الخير فنال حب إخوانه في العمل العسكري و السياسي، و قد حصل على العديد من الدورات العسكرية.
في درب الحديد والسلاح لم يتخلف أبو سليم عن معركة أو مشهد، بل كانت تشهد له على ذلك كل معركة و منها معركة السماء الزرقاء والبنيان المرصوص و سيف القدس، وكل حفنة تراب في مخيم النصيرات .
وقال عنه إخوانه في الميدان أنه كان إذا تحدث فكأنما الطير على رؤوس الجند ، وإذا مشى فكأنما رجل له هيبة ، كان حازماً صارماً ينادي في الجند دوماً يستحثهم على القتال ، لكنه في ذات الوقت كان ألين الناس على جنده، وأكثرهم تفقّداً لهم وحرصاً على حاجاتهم وإنصافاً لضعيفهم وتقويماً لقويّهم .
ربح البيع أبا سليم منذ أن انضم لسرايا القدس قبل 20 عاماً من رحيله، تميز في التعبئة والتوجيه، وفي حسن اختيار عدد من العناصر لصفوف المجاهدين في سرايا القدس ، له من اسمك نصيب، فنعم الحسام أنت ، رائع الصفات والأخلاق، و محمود السيرة والسريرة، همتك عانقت النجم بسموها.
كان معطاءً يحب الشهداء ويتأثر بهم، وكان يقضي ليالي رباطه بالتسبيح والدعاء لإخوانه بأن يمكنهم الله من عدوهم ، ليكون بذلك نعم الجندي والقائد العامل لرفعة دينه الحريص على إعلاء راية الإسلام لتجاوز عنان السماء رقياً وارتفاعاً في عزة الإسلام والمسلمين.
رحيل رجل الوفاء
لا ينقص الأجل المسطر في الكتاب ولا يزيد، هكذا هي الحياة لقاء وفراق، فلا بد أن يكون يوماً للحقيقة، يوما للقاء الله، يوماً للرحيل إلى دار الخلود والبقاء.
ارتقى مجاهدنا القائد البطل يوم السبت 11 مارس 2023م إثر مرضٍ عضال، ليمضي إلى ربه بعد حياةٍ مباركةٍ حافلةٍ بالعطاء والجهاد والتضحية والرباط في سبيل الله، نحسبه من الشهداء الأبرار الأطهار ولا نزكي على الله أحداً.
ونسأل الله أن يتقبله في الشهداء، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يرزق أهله جميل الصبر وحسن العزاء، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
التعليقات : 0