العمال الفلسطينيين في عيدهم العالمي واقع مر

العمال الفلسطينيين في عيدهم العالمي واقع مر
رأي الاستقلال

قلم/خالد صادق :

 

تلاشت ظاهرة العمال الفلسطينيين واختفت تماما بفعل ممارسات الاحتلال الصهيوني التعسفية بحق الشعب الفلسطيني حيث كان هناك عاملان مهمان استغلتهما إسرائيل لإنهاء ظاهرة العمال, وتحويلهم من عمال عاملين يدرون دخلا على اسرهم ومجتمعهم الى جيوش من البطالة التي تبحث عن عمل في أسواق لا تستوعب هذا الكم الكبير من العمال الفلسطينيين, فقد بلغ عدد العمال الفلسطينيين العاملين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م قبل انتفاضة الحجارة عام 1987م حوالى 190 الف عامل فلسطيني, واستخدم الاحتلال العمال الفلسطينيين لمعاقبة الشعب الفلسطيني بحرمانهم من العمل تدريجيا الى ان وصل عدد العمال العاطلين عن العمل الى رقم صفر من الذين كانوا يعملون داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م, فقد تم تسييس قضية العمل والعمال واستخدامها كوسيلة ضغط على الفلسطينيين لوقف انتفاضتهم السلمية ضد الاحتلال الصهيوني, واخضاعها لسياسته الاجرامية التي كان عنوانها الكبير سياسة «العقاب الجماعي» لقد انهى الاحتلال ظاهرة العمال من خلال فرض الحصار على قطاع غزة, والمستمر منذ خمسة عشر عاما الى وقتنا هذا, واغلاق المعابر التجارية بين فترة وأخرى, وحرمان المصانع والورش من المواد الخام, واستهدافها بشكل ممنهج في كل عدوان يشنه الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة, كما منع الاحتلال الصهيوني دخول عشرات الاف العمال ورجال الاعمال وأصحاب المصانع والورش والتجار والمزارعين الى الأراضي المحتلة عام 1948م, وتسويق منتجاتهم هناك, وعزل قطاع غزة لسنوات طويلة عن محيطه الخارجي, ومنع ضخ الأموال من الخارج الى القطاع, وقام باغلاق عديد البنوك وفرض قيود عليها, وقصف محلات صرافة, ومنع قوافل المساعدات من الدخول الى قطاع غزة, حتى البحر اغلقه في وجه الصيادين لسنوات, ثم حدد مساحة الصيد لهم بثمانية اميال وفي أوقات وساعات محددة, وكان يقوم بملاحقة الصيادين واستهدافهم مباشرة, واغراق مراكبهم, وقتلهم واعتقالهم وتقييد حركتهم.    

 

وقد تم اختيار الأول من أيار، تخليدا لذكرى من سقط من العمال، والقيادات العمالية، التي دعت إلى تحديد ساعات العمل بثمانية ساعات يوميا، وتحسين ظروف العمل، لكن العمال في قطاع غزة الذي يعاني من ارتفاع كبير في نسبة الفقر والبطالة لا يتمتعون بأبسط قواعد العمل, حيث يعملون لاكثر من اثني عشرة ساعة متواصلة باجر زهيد يتراوح ما بين 15 الى 35 شيكلا يوميا, وذلك لندرة توفر فرص عمال في قطاع غزة تحديدا, فالجهاز المركزي للإحصاء، قال في بيان حول الواقع العمالي في فلسطين لعام 2022، أصدره بمناسبة اليوم العالمي للعمال (الأول من أيار)، أن عدد العاطلين عن العمل وصل الى 367 ألفا عام 2022، وحسب وزارة التنمية الاجتماعية في غزة، فإن مؤشرات الفقر في قطاع غزة هي الأعلى على مستوى العالم، وذكرت الوزارة أن نسب الفقر والبطالة في قطاع غزة وصلت إلى ما يقرب من 75%، كما أن 70% من سكان قطاع غزة غير آمنين غذائياً. وأكدت أن الحصار الذي تفرضه «إسرائيل» على قطاع غزة منذ العام 2006 وتقييد حركة المواطنين والبضائع، إضافة إلى العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة أنشأ واقعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً معقداً وصعباً. وقالت وزارة العمل في قطاع غزة إن مناسبة يوم العمال العالمي تأتي هذا العام في ظل ظروفٍ بالغة الصعوبة، يواجه فيها الشعب الفلسطيني والعمال إجراءاتٍ إسرائيليةٍ تعسفية، تتمثل في تشديد الحصار وإغلاق المعابر ومنع الحركة والتضييق على العمال في كافة القطاعات، وهو ما أوصل معدلات البطالة لمستوياتٍ غير مسبوقةٍ. وأشارت الوزارة إلى أن نسبة البطالة في محافظات قطاع غزة بلغت نحو 45 بالمئة، منها 74 بالمئة في صفوف الشباب، في حين بلغ مجموع المتعطلين عن العمل نحو 250.000 باحث عن عمل، منهم 140,480 من العمال المتعطلين المسجلين على نظام معلومات سوق العمل الفلسطيني الخاص بوزارة العمل، فهلا أدركتم حجم الكارثة.

 

وزارة العمل ادانت الاعتداءات الإسرائيلية التي أودت بحياة العديد من العمال، كان آخرهم جريمة المستوطنين بحق العامل أمين وردة، والتي أودت بحياته قبل أيام قليلة مطالبة بتوفير الحماية اللازمة للعمال، وضمان توفير بيئة عملٍ آمنة ولائقة لهم. وطالبت الوزارة من جميع الجهات ذات العلاقة الضغط على الاحتلال من أجل زيادة عدد العمال المسموح لهم بالعمل في الداخل المحتل، وتسهيل حركة مرورهم على المعابر والحواجز، وتحويل تصاريح الاحتياجات الاقتصادية إلى تصاريح مشغل، بحقوقٍ عماليةٍ كاملة. كما طالبت بالضغط على الاحتلال لوقف الانتهاكات بحق المزارعين العاملين في الأراضي الزراعية في قطاع غزة، ووقف انتهاكاته بحق الصيادين، والعمل على زيادة مساحة الصيد، ولكن تبقى كل هذه المناشدات الموجهة للمجتمع الدولي بمؤسساته المختلفة، غير ملزمة «لإسرائيل» التي تمارس سياسة العقاب الجماعي بحق الفلسطينيين بشكل ممنهج، وتصر على ان يبقى الاقتصاد الفلسطيني مرتبطا بها، واستجابة المجتمع الدولي الحالية تركزت، كما حدث في السابق، على تنظيم حملة لتقديم مساعدات إنسانية وإعادة بناء قطاع غزة, دون إيجاد أي حل لمشكلة البطالة او العمالة التي تتفاقم بشكل كبير, فيوم العمال العالمي بات مناسبة لتذكير العمال بهمومهم ومعاناتهم, دون إيجاد حلول لهم, وعموما وحسب خبير اقتصادي فان الإخفاق في معالجة الواقع السياسي والاقتصادي الذي يعيشه سكان القطاع المحاصر لن يؤدي إلا لتكريس الوضع الراهن للاحتلال، كما سيؤدي على الأرجح إلى مزيد من «العنف».

التعليقات : 0

إضافة تعليق