القدس المحتلة / معتز شاهين:
لم تتوقف مخططات الاحتلال الرامية لأسرلة المنهاج الفلسطيني في مدينة القدس المحتلة بطريقة غير مسبوقة، فهي تسير اليوم على "قدم وساق" بعد مصادقة كنيست الاحتلال، الخميس بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يستهدف التعليم ويقيد منهاج التعليم الفلسطيني بالقدس.
وطالب أعضاء كنيست من حزب "الليكود" باشتراط منح ترخيص عمل لمدارس بأن تكون "متلائمة مع المنهاج الدراسي الإسرائيلي"، ما يدل على أن المستهدف هي مدارس بالقدس.
وأكد مختصون بشؤون القدس، أن استهداف الاحتلال للمنهاج الفلسطيني ومدارس القدس، قائم منذ بداية الاحتلال، ولكنها ازدادت وتيرتها مع وصول حكومة "نتنياهو" الفاشية إلى سدة الحكم.
وبين هؤلاء خلال أحاديث منفصلة مع "الاستقلال" الأحد، أن هناك مخاطر محدقة على الوعي الفلسطيني، نتيجة المحاولات "الإسرائيلية" المتكررة للسيطرة على الذاكرة الفلسطينية، ما يتطلب من السلطة الفلسطينية أن تقف عند مسؤوليتها في دعم وإسناد المؤسسات التعليمية بالقدس.
ويسعى الاحتلال إلى فرض الرواية "الإسرائيلية" من خلال تدريس تاريخ مزيف وتراث مشوه لأفكار صهيونية، متعمدًا حذف كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحق العودة والمقاومة، الأمر الذي ترفضه المدارس المقدسية وطلابها وأولياء أمورهم.
إجراءات قمعية
وأكد عضو هيئة العمل الوطني في القدس أحمد الصفدي، أن الاحتلال وبعد تشكيل حكومة "بنيامين نتنياهو" التي تُعتبر أكثر من سباقاتها تطرفاً، شنت منذ توليها الحكم، عدة إجراءات قمعية وتعسفية ضد المنهاج الفلسطيني والمؤسسات التعليمية برمتها بالقدس.
وقال الصفدي لـ "الاستقلال" الأحد، إن الاحتلال استهدف بالآونة الأخيرة مدرستين (الإيمان والإبراهيمية) بالقدس، ورهن منح تجديد تراخيص عملهما بتدريس المنهاج "الإسرائيلي" بدلًا من الفلسطيني، الأمر الذي رفضه أولياء الأمور جملة وتفصيلا، ما دفع مدارس القدس إلى خوض إضراب موحد حيال ذلك.
وأضاف: "حاول ما يسمى بوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزراء من حكومته إصدار قرار عسكري عبر كنيست الاحتلال؛ لمراقبة معلمِي القدس وآلية تعيينهم، الأمر الذي وصفه المعلمون بالخطير نتيجة أنه يقود العملية التعليمية بالقدس ويكمم أفواههم".
وأشار، إلى أن حرب الاحتلال تطال المؤسسات التعليمية كافة بالقدس ليس فقط المدارس، حيث أوقف مؤخرًا الاعتراف بطلبة جامعة القدس، ضمن سياسة العصا والجزرة، إلى جانب الترهيب والتخويف من خلال الاعتقال والضرب والتنكيل، والإغراءات المالية.
وحول طرق المواجهة، أوضح عضو هيئة العمل الوطني، أن الاحتلال يستهدف المنهاج الفلسطيني بالداخل الفلسطيني المحتل، كما هو بالقدس، ولذلك هناك تنسيق دائم بين الهيئة الوطنية بالقدس، ولجنة المتابعة العربية في الداخل الفلسطيني؛ للتصدي لهذه القوانين الجائرة.
وتابع الصفدي: "هناك تنسيق بين المؤسسات الحقوقية في المنطقتين؛ لتوفير إطار قانوني للمدارس والمعلمين لحمايتهم وقطع الطريق أمام محاولة الاحتلال الاستفراد بالمعلمين وترويعهم".
ودعا، السلطة الفلسطينية القيام بدورها المنوطة به والفصائل الوطنية، بأن تخصص موازنة من أجل دعم التعليم بمدينة القدس المحتلة لوأد محاولة الاحتلال ابتزاز مدارس القدس بالمال.
كما دعا إلى تعميق دور اتحاد المعلمين الفلسطينيين بالقدس، ليشمل جميع المظلات ومدارس البلدية حتى يكون هناك إطار حامٍ للمعلمين كافة، إضافة إلى تعميق دور أولياء الأمور خاصة وأنهم رأس الحربة في الدفاع عن المنهاج الفلسطيني بُحكم تمتعهم بالصفة القانونية لاختيار ما يتعلمه أبناؤهم في المدارس.
استهداف قديم
المختص بشؤون القدس والمحلل السياسي راسم عبيدات، أوضح، أن استهداف الاحتلال للمنهاج الفلسطيني ومدارس القدس، قائم منذ بداية الاحتلال، ولكنه ازدادت وتيرته مع وصول حكومة "نتنياهو" الفاشية إلى سدة الحكم.
وقال عبيدات لـ "الاستقلال"، الأحد، إن الاحتلال شكل 17 لجنة للتعامل مع سكان مدينة القدس المحتلة، منها 11 لجنة يرأسها ضباط ورجال أمن سابقون جُل مهامهم أمنية، و6 لجان هدفها أسرلة المنهاج التعليمي بالقدس.
وأَضاف، أُوكلت مهام تعيين المعلمين في مدارس القدس لخمسة أجهزة أغلبها أمنية وهي (الشرطة، جهاز الشاباك، مكتب رئيس الوزراء، مكتب بلدية الاحتلال، دائرة المعارف الإسرائيلية)، ما يكشف الاستهداف الواضح لمدارس القدس بهدف تقييد تدريس المنهاج الفلسطيني.
وذكر عبيدات، أن الاحتلال خصص ميزانية تقارب الـ 2 مليار و100 مليون شيكل لتهويد مختلف القطاعات في مدينة القدس، حسب خطة على امتداد خمس سنوات ما بين (2018 – 2022)، حيث جاء على رأس الاستهداف تهويد وأسرلة النظام التعليمي في القدس بشكل كامل.
وأشار، إلى أن هناك مخاطر محدقة على الوعي الفلسطيني، نتيجة المحاولات "الإسرائيلية" المتكررة للسيطرة على الذاكرة الجمعية تحقيقًا لمقولة مؤسس دولة الاحتلال، وأول رئيس وزراء لها "ديفيد بن غوريون" (بأن الكبار يموتون وأن الصغار ينسون).
واستهجن المحلل السياسي، ضعف دور السلطة الفلسطينية في دعم وإسناد العملية التعليمية بالقدس، مشدداً على دور الجهات الرسمية في تخصيص صناديق خاصة لدعم المؤسسات التعليمية بالقدس ما من شأنه إفشال كل محاولات الاحتلال بتوسيع المنهاج "الإسرائيلي" على حساب الفلسطيني.
التعليقات : 0