القدس المحتلة / معتز شاهين:
لم تدخر سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" جهداً في تفريغ مدينة القدس المحتلة من السكان الأصليين، لإيجاد مساحة لتُوطين المستوطنين في منازلهم، في خطوة صنفها مختصون بالشأن المقدسي بجرائم حرب ترتكبها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين.
وتُسخر "إسرائيل" الذرائع والقوانين والأسباب بهدف تهجير المقدسيين عن منازلهم للوصول إلى سيطرة ديموغرافية كاملة على المدينة المقدسة، الأمر الذي يُعتبر خرقاً للقانون والمعاهدات الدولية، على اعتبار أن القدس أرضاً محتلة ويحظر إجراء تغيير عمراني وديموغرافي عليها.
ويَتهدد التهجير القسري عائلة صب لبن التي تقطن في البلدة القديمة من مدينة القدس، وذلك بعد انتهاء مهلة حددها الاحتلال لها من أجل إخلاء منزلها لصالح المستوطنين، الأمر الذي دفع منسقة الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة لين هاستينغز، إلى إطلاق تحذير حول تعرض مقدسيين لخطر الإخلاء القسري من منازلهم في شرقي القدس.
وقالت المنسقة الأممية، في تغريدة نشرها مكتب الاتحاد الأوروبي عبر صفحته الرسمية في "تويتر": إن "نحو 150 عائلة فلسطينية في شرقي القدس مُهددة بخطر الإخلاء والتهجير القسري" من سلطات الاحتلال "الإسرائيلي"، مؤكدةً أن هذه الممارسة المدمرة تتعارض مع القانون الدولي، ويجب أن تنتهي.
جريمة حرب
وأكد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات د. حسن خاطر، أن سلطات الاحتلال تشن حرباً حقيقية على المقدسيين بوسائل عديدة وخطيرة، أكثرها ايلاما هدم البيوت من أجل تهجير أهلها، الأمر الذي ينطوي في إطار جرائم الحرب بمفهوم القانون الدولي.
وقال خاطر في حديثه لـ "الاستقلال"، الاثنين، إن الاحتلال يتذرع بالقانون بادعاء أن المباني المخلاة بالقدس مخالفة للقانون، وأنها تُهدم بقرارات من محاكم الاحتلال، ولكن في حقيقة الامر يعتبر جزءاً أساسياً من سياسة الاحتلال التي تهدف من ورائها الى تهجير المقدسيين واخراجهم من المدينة المقدسة.
وأَضاف: "الاحتلال يستهدف اليوم منزل عائلة صب لبن في القدس القديمة، ويسعى إلى اخلاء منزلها لصالح المستوطنين" مشيراً إلى أن ذلك الأمر لم يقف إلى هذا الحد، فقد سبقها تهجير عشرات العائلات المقدسية، ما يكشف أن المقدسيين أمام سلسلة طويلة ومنظمة ومخططة مسبقا للتهجير من منازلهم".
وأوضح خاطر، أن ثلثي منازل مدينة القدس بها قرارات هدم، وهذا يكشف سياسة الاحتلال بمنع النمو الديموغرافي والعمراني في مدينة القدس، وذلك تماشياً مع مخططاته الرامية إلى إنقاص نسبة المقدسيين إلى 15% على أقصى حد، في حين تصل نسبة المقدسيين الآن إلى 40%.
وأستذكر، تصريحات المنسقة الأممية التي كشفت فيها عن وجود مئات المقدسيين المعرضين لخطر الإخلاء القسري بسبب عنصرية الاحتلال، لافتاً إلى أن هناك تعاطفاً كبيراً على مستوى الشعوب والمجتمع الدولي مع مأساتنا في القدس والاراضي الفلسطينية، ويجب العمل على تسخيره لصالح المقدسيين لإفشال مخططات تهجيرهم.
وأشار خاطر، إلى وجود رصيد كبير وكافٍ من القرارات الدولية الداعمة للقضية الفلسطينية، معبراً عن استيائه لغياب العمل السياسي والدبلوماسي لمواكبة جرائم الاحتلال ومواصلة متابعتها على مستوى المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية.
وشدد الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات، أن سياسية التهجير القسري بمدينة القدس بحاجة إلى مواجهة على أعلى المستويات، داعياً الجهات الرسمية إلى وضع رؤية سياسية واضحة واهداف استراتيجية لمحاكمة الاحتلال، حتى يتم وقف طحن مئات العائلات المقدسية جراء هذه السياسة الخطيرة.
حرب ديموغرافية
بدوره قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، إن سلطات الاحتلال تُسخر كل الذرائع والقوانين والأسباب لتهجير المقدسيين عن منازلهم للوصول إلى سيطرة ديموغرافية كاملة على المدينة المقدسة، الأمر الذي يعتبر خرقاً واضحاً للقانون والمعاهدات الدولية واعتداء صارخاً على الشعب الفلسطيني.
وأضاف الهدمي لـ "الاستقلال"، الاثنين، أن الاحتلال يتعامل مع المقدسيين بازدواجية المعايير، نتيجة أنه يخلي المقدسيين من منازلهم لتوطين اليهود فيها بدعوى أنهم يملكون وثائق لتلك المنازل، في المقابل العديد من المقدسيين أبرزوا وثائق ملكيتهم لمنازلهم سيطر مستوطنين عليها عنوة، دون أن تنظر لتلك الوثائق"
وأشار، إلى أن الاحتلال يبحث عن العقار المقدسي الذي يرى فيه نقطة ضعف قانونية ليصنع ادعاء "ملكية يهود له"، مبيناً أن الاحتلال سن قانون ما يسمى بـ "تصحيح الملكية"، الهدف الأساسي منه هو البحث عن تلك الثغرات في ملكيات المقدسيين وعقاراتهم لطرد المواطنين المقدسيين من منازلهم.
أدوات الاحتلال
وأوضح الهدمي، أن الاحتلال لديه أدوات مختلفة لتنفيذ التهجير القسري في القدس، من أبرزها سن القوانين والتخطيط العنصري ومصادرة الأملاك والترحيل وخلق ظروف معيشية قاسية.
ولفت، أن المقدسيين هم أكثرية ديموغرافية بالقدس، حافظوا على الهوية المقدسية، من خلال التصدي لمخططات الاحتلال التهويدية بصدورهم العارية، الأمر الذي لم يرق للاحتلال ووضع لذلك مخططات تهدف إلى جعل تقليل نسبة المقدسيين في القدس ليصبحوا أقلية هامشية.
وأستهجن رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، دور السلطة الفلسطينية إزاء ما يحدث في مدينة القدس وترك المقدسيين وحدهم في مواجهة سياسة الاحتلال بالتهجير القسري عن منازلهم، داعياً إياها إلى الخروج من حالة الصمت والتحرك بشكل جدي دوليا على اعتبار ما يقوم به الاحتلال خرقاً للقوانين والأعراف الدولية.
التعليقات : 0