رأي الاستقلال (2859)

"إسرائيل" تقايض السلطة على الخيانة مقابل تقويتها وتعزيز دورها

رأي الاستقلال

بقلم / رئيس التحرير أ. خالد صادق

باتت "إسرائيل" تتعامل مع السلطة الفلسطينية على انها جزء من مشروعها الاستعماري لتمكينها من السيطرة على الضفة الغربية المحتلة, وضمها الى ما تسمى بدولة "إسرائيل", ما يسمى بالكابينت الصهيوني تبني مقترح رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني المجرم بنيامين نتنياهو، بالعمل على منع انهيار السلطة الفلسطينية، عبر خطوات وتسهيلات اقتصادية، وانه ستكون هناك خطة مالية لإنقاذ السلطة تشمل ضمان قروض، وتسوية ديون، وخصمًا على الوقود ومدفوعات ضرائب مسبقة, على أنّ تلتزم السلطة بوقف أنشطتها ضد "إسرائيل" في الساحة القانونية والسياسية الدولية، ووقف التحريض في وسائل الإعلام وفي منظومة التعليم، ووقف رواتب عائلات منفذي العمليات الفدائية، ووقف البناء الفلسطيني في المناطق المصنفة "ج" بموجب اتفاقية أوسلو, والاستمرار في التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال, وتعزيز اشكال التعاون الأمني من خلال شروع السلطة بخطوات تقويض الفعل المقاوم ومحاصرته وملاحقة المقاومين الفلسطينيين واعتقالهم وقمعهم, وفرض السيطرة الأمنية على المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية في الضفة, والأخطر من كل ذلك ان "إسرائيل" تكون بذلك قد حولت مسار القضية الفلسطينية من الخلاف على قضايا سياسية واستحقاقات على الاحتلال التقيد بها وتنفيذها, الى مجرد قضية إنسانية لتحسين أوضاع السلطة اقتصاديا, ويجب ان نلاحظ ان "إسرائيل" تتحدث عن تحسين الأوضاع الاقتصادية للسلطة وليس للشعب الفلسطيني, لأنها تقايض شخصيات بعينها من المتنفذين داخل السلطة, تعلم تماما ان ما يعنيهم تحقيق مكاسب شخصية, وليس مصلحة الشعب الفلسطيني, وهى تدرك ان الشعب الفلسطيني لا يقايض على ثوابته, ولا يقبل بأي حال من الأحوال ان يساوم على حقوق ناضل وضحى من اجلها الشعب الفلسطيني على مدار سنوات طوال, فالفلسطيني لا يساوم ولا يهادن ولا يتنازل عن حقوقه وهو يقاوم.  

 

نعم خيار المقاومة لا بديل عنه، وهو أقصر الطرق للوصول الى الاهداف، والاحتلال لا يفهم الا لغة القوة، وهو لا يمنح أي استحقاق لشعبنا الفلسطيني بالمجان، انما تنتزع منه الحقوق انتزاعا، لذلك لن يستطيع احد خداع شعبنا الفلسطيني, الذي لا يمكن ان يقدم كل هذه التضحيات مقابل تحسين أوضاعه المعيشية, انما يسعى لتحرير وطنه من براثن الاحتلال, ونيل حريته واستقلاله, "إسرائيل" واهمة ان كانت تظن انها يمكن ان تحول مسار القضية الفلسطينية الى المسار الاقتصادي فقط, والتخلي عن حقوق شعبنا في ارضه ومقدساته, حتى وان كانت تتظاهر "إسرائيل" انها تلقى معارضة من الصهيونية الدينية على الخطوات الاقتصادية التي تنوي تقديمها للسلطة, الا ان هذا لا ينطلي على احد, فتصريحات ما يسمى بوزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، أنه لن يسمح بتحويل أي أموال للسلطة الفلسطينية، وانه لن يقدم أي تسهيلات للفلسطينيين ولن يكون هناك أي شيء من هذا القبيل .. وقوله نحن نرفض أي خطوات بهذا الشأن، ولن يتم تحويل أغورة واحدة للسلطة.. ولن يكون هناك أي اعفاء من الديون.. وانهم سيدفعون كل ما عليهم" الغرض منها خداع السلطة وإظهار ان "إسرائيل" تلقى معارضة لخطواتها الاقتصادية، ورغم ذلك تمضي في هذا المسار رغم معارضة الصهيونية الدينية، لكن الواقع غير ذلك تماما، فإسرائيل تحتجز أموال الضرائب لديها، وهي تساوم على الافراج عنها مقابل تحديد دور "خياني" للسلطة يجب ان تلعبه، فهل هذا انجاز؟، رئيس الوزراء محمد اشتية، قال إن "الأموال المحتجزة لدى إسرائيل هي أموالنا ويجب على إسرائيل تحويلها لنا دون ابتزاز أو شروط"،  المشكلة ان "إسرائيل" تتعامل باستخفاف مع السلطة وتستهزأ بتلك القرارات منها, وتستخف بردة فعلها لأنها تعلم ان السلطة ليس لديها اية خيارات للضغط على "إسرائيل" وانها لن تسلك أي مسارات سوى مسار التسوية لذلك تستخف بها وتهينها.

 

هذه الخطوة الإسرائيلية جاءت بعد دعوة السلطة لاجتماع مع الفصائل الفلسطينية في القاهرة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني, وجاءت بعد تصريحات لا يمكن البناء عليها لرئيس الإدارة الامريكية جو بايدن ينتقد فيها نتنياهو وحكومته, وهى تهدف لإفشال الحوار الفلسطيني قبل ان يبدأ, وبما ان السلطة تمارس سياسة القمع والاعتقال وملاحقة المجاهدين من أبناء حماس والجهاد الإسلامي, وتكثف من حملتها ضدهم في اعقاب عدوان جنين, فإننا نلمس ان السلطة تحمل عوامل بعثرة الجهد الفلسطيني قبل ان يبدأ, فلا يمكن ان يكون هناك لقاء وحوارات في ظل الاعتقالات والملاحقة والعقوبات التي تفرضها السلطة الفلسطينية على قطاع غزة, واعلم تماما ان حماس والجهاد الإسلامي رحبتا باللقاء والحوار مع السلطة, وانهما لم يضعا اية شروط لحضور اللقاء في القاهرة, لكن الحوار سينتهي كما كل الحوارات التي سبقته, لان أي حوار يحتاج الى أرضية خصبة وحسن نوايا, ودون ذلك لن ينجح, وشعبنا الفلسطيني تتعلق انظاره بلهفة نحو تلك الحوارات, وفشل الحوار المتوقع يحبط شعبنا وينعكس سلبا عليه, ولزاما على السلطة قبل بدء الحوار في القاهرة ان تفرج عن المعتقلين السياسيين من أبناء حماس والجهاد الإسلامي, وان توقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الصهيوني فعلا وليس قولا, وان لا تستند في حواراتها مع الفصائل الفلسطينية لقرارات الرباعية الدولية, كما اشترط من قبل رئيس السلطة محمود عباس, وعلى السلطة ان تعلم ان القضية الفلسطينية لا تحتاج لحلول اقتصادية وتحسين الوضع المالي للسلطة كما تروج "إسرائيل", فهي قضية عادلة تحتاج لحلول جذرية تخلصنا من الاحتلال وتتوج بالحرية والاستقلال.

التعليقات : 0

إضافة تعليق