الاستقلال/ محمد عبد العزيز:
لم يتوقف قادة الاحتلال منذ العدوان الأخير على مدينة جنين ومخيمها، عن الدعوة لضرورة تمكين السلطة في شمالي الضفة المحتلة وخاصة في جنين، بالإضافة إلى تقديم العديد من المزايا والتسهيلات وصولًا إلى إنهاء حالة المقاومة. فمنحت حكومة الاحتلال، وفق ما كشف العديد من التقارير في الصحف والمواقع العبرية، السلطة الفلسطينية العديد من الامتيازات والتسهيلات في محاولة للإبقاء عليها في شمال الضفة، الأمر الذي يرى فيه مراقبون محاولة لاستخدام السلطة كجسر لوأد حالة المقاومة.حاجز أمام تطور المقاومة.
عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين د. أسعد جودة يرى أن الاحتلال يريد من السلطة أن تقف حاجزاً بينه وبين المقاومة، خاصة بعد تنامي الحالة المقاومة في شمال الضفة المحتلة.
وقال جودة في حديث لـ"الاستقلال" السبت: "الاحتلال يسوّق أن وجود المقاومة بات مهددًا للسلطة وعاملا مساعداً في تآكلها، لذا اتخذ قرارات في شرم الشيخ والنقب والعقبة، بعدم السماح بانهيار السلطة".
وأضاف، "وجود السلطة بالنسبة للاحتلال مهم جداً لمواجهة التحديات التي تواجهه، سواء من إيران أو لبنان، أو المقاومة في قطاع غزة والضفة المحتلة، ولذلك فهو (الاحتلال) يعمل على الحفاظ عليها، ويمد العون لها، وهو ما تردد على لسان أكثر من مسؤول "إسرائيلي" بينهم نتنياهو ووزير الحرب".
وأشار جودة إلى أن حكومة الاحتلال وحلفاءها يعتقدون أن السلطة ورقة استراتيجية لصالحهم، ومن خلالها يمنع نهوض أي وحدة فلسطينية قائمة على خيار المقاومة، مضيفًا "لا يمكن لشعب تحت الاحتلال أن يقبل سلطة يمثل بقاؤها مصلحة للاحتلال، هذه المعادلة التي وصل لها شعبنا".
وذكر أن الاحتلال وخلال اجتماعات شرم الشيخ والعقبة والنقب كان واضحا في حديثه أن السلطة أصبحت ضعيفة في شمال الضفة، مقابل المقاومة التي قويت شوكتها، على غرار كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس.
وأكد جودة "نحن في خطر كبير إذا ما استمرت السلطة في التنسيق والملاحقة للمقاومين واعتقالهم، غير مهتمة لما يحصل من موت وقتل على الحواجز وتصفية للقضية الفلسطينية، وهذا يدعونا للتحوط من الوصول لا قدر إلى اقتتال فلسطيني كما يريد الاحتلال".
زرع بذور الفتنة
ما جاء على لسان جودة، عززه الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض الذي أوضح أن الاهتمام من قبل حكومة الاحتلال بالسلطة الفلسطينية وتقويتها جاء لعدة أسباب أهمها الفشل الذي مني به في أعقاب معركة "بأس جنين".
وقال عوض لـ"الاستقلال" السبت: "الاحتلال أدرك بعد معركة جنين أنه لا يستطيع السيطرة على المقاومة في الضفة المحتلة، وبالتالي هو يريد ضرب الفلسطينيين مع بعضهم البعض".
وأشار إلى أن التسهيلات المقدمة، يريد الاحتلال من خلالها الحفاظ على أمنه، بعيدًا عن العودة لاحتلال الضفة وفق المعنى القديم، من خلال إعطاء الأمور الإدارية والمالية والصحية والتعليمية للفلسطينيين، وبالتالي هو بحاجة إلى سلطة تنوب عنه في ذلك.
وأضاف عوض "الاحتلال يعتقد أن بقاء السلطة يعفيه من الانتقاد والحرج الدولي، وأيضًا يعتقد أنه عندما يعطي طرفاً ويحرم آخر يقوم بسياسة فرق تسد، وبالتالي تريد استغلال هذه الخطة".
وجدد الكاتب عوض التأكيد على ما قاله جودة بأن حكومة الاحتلال، تريد أن تجعل السلطة الفلسطينية حاجزًا بينها وبين المقاومين والمواطنين، وتكون على قدر ما يريد ووفق الدور والوظيفة التي يريدها.
امتيازات بهوامش وهمية
ويكمل عوض قائلاً: "حكومة الاحتلال تريد السماح للسلطة بحدود وهوامش، وتتصرف على أنها صاحبة القرار والسياسة، وما تعطيه من صلاحيات تكون ضمن شروط وظروف لبقاء تحرك السلطة في الهامش الذي تريده".
ولفت إلى أن ما يجري ليس مزايا ولا تقوية للسلطة، بقدر ما هو تأكيد لدور ترغب حكومة الاحتلال من السلطة أن تؤديه، مضيفًا "هذا برأيي تحديد لدور السلطة دون أن تعطى مزايا لها".
وذكر عوض أن ما تقدمه حكومة الاحتلال للسلطة يعتبر أمراً معيباً، كونها تعطيها مجالات، وتشترط عليها أشياء أخرى، لتظهر هي من تحدد الدور بالتحديد، وتجرد السلطة من أن تمثل مصالح الفلسطينيين.
وتابع "ما ظهر ينم عن وجود اتفاق سري بين السلطة و"إسرائيل" حول ما هي المهام التي تقوم بها السلطة، بالتالي نحن أمام مرحلة خطيرة جدًا، وعلى السلطة أن تكون متنبهة لكل ما يقال".
امتحان صعب
وأجمع كل من جودة وعوض على أن السلطة أمام اختبار صعب، ولا سيما في المرحلة الحالية التي تبعت تطور العمل المقاوم في الضفة والقدس والداخل المحتل، كذلك قبيل أيام قليلة من الاجتماع المرتقب للأمناء العامين.
يقول جودة "على السلطة قراءة المشهد، والاستثمار بالفرصة التاريخية التي لن تعوض ولن يأتي الزمان بمثلها من تلاحم للمقاومة، وقوة الحاضنة الشعبية للمقاومة، وغزة أصبحت قوية والضفة مشتبكة والقدس صامدة".
وأضاف "المشروع الصهيوني وقوة الردع تتآكل والحالة الفلسطينية برغم الموت والدمار تتماسك، وإذا أرادت السلطة أن تكون عنوانًا متماسكًا مع قوى المقاومة فلتتحول من سلطة تخدم الاحتلال كما يريدها إلى سلطة تحمي ظهر المقاومة".
يكمل عوض "نحن كفلسطينيين نرغب بألا تقع السلطة بالمحاذير والمؤامرات "الإسرائيلية"، وألا تكون على قدر الخطة الإسرائيلية، وأن تحقق شروطها، ونعتقد أن بقاء السلطة خيار الفلسطينيين وإرادتهم وليس بإرادة الإسرائيلي". وأضاف "نريد من السلطة أن تكون ممثلة لمصالح الفلسطينيين وليس لمصالح وخطط الإسرائيليين على الإطلاق".
التعليقات : 0