قبيل اعلان النتائج

"طلبة التوجيهي".. قلق وترقب لـ "رسائل الفرح"

تقارير وحوارات

غزة/ أسيل السردي:

بقلق وترقب تنتظر هدا حميد الطالبة بمدرسة بشير "الريس" الثانوية للبنات نتائج الثانوية العامة "التوجيهي" المقرر إعلانها غداً الخميس، وفي نفس الوقت يتزين منزلها لاستقبال فرحة حصاد جهود استمرت على مدار 12 عامًا، كحال آلاف الطلاب.

 

وأعلنت وزارة التربية والتعليم في فلسطين، أنه سيتم الإعلان عن نتائج الثانوية العامة غداً الخميس (20 تموز/ يوليو)، في تمام الساعة التاسعة صباحًا.

 

وكغيرها من طلاب التوجيهي، تعيش الطالبة حميد لحظاتٍ صعبة هي وعائلتها، تحبس فيها أنفاسها وتتجمد فيها عقارب الساعة، يمر الوقت بطيئًا وكأنه يسير على ظهر سلحفاة، تنتظر حلول الخميس ووصول "رسالة الفرح" على هاتفها المحمول، لتكسر حالة الصمت ويضج البيت بأهازيج الفرح، ويمتلئ بالجيران والأقارب.

 

وتقول الطالبة حميد لـ"الاستقلال""مر العام الدراسي بمزيج من الأمل والرجاء والخوف، غير أن الإيمان بالله وتوفيقه كان يحملني لأبعد مما أتمنى وزادني حرصا من أجل تحقيق حلمي، أما حالتي الآن، هي خوف طبيعي لأي طالب وطالبة مع اقتراب النتائج وكلي أمل بتوفيق الله".

 

أما عن دور الأهل في تخفيف حدة التوتر، تقر والابتسامة ترتسم على صوتها: "منَّ الله علي بعائلة جميلة منظمة متعلمة متدينة، الأب من عشاق العلم والتعليم وحاصل على الكثير من أساسياته العليا، وأمي معلمة لغة عربية وعاشقة لبيتها فكانت حريصة على متابعتي ودعمي".

 

العلامات التي تتمنى هدا تحقيقها تؤهلها لأن يكون اسمها من أوائل فلسطين، لكن توقعاتها تنحصر بمعدل 98%.

فقد وفرحة منتظرة

هنا، في كل مرة كان الطالب بالفرع العلمي يوسف إبراهيم داود يفتح كراسه الدراسي تطل عليه صورة شقيقه الشهيد الطفل عادل (14 عاما) من محافظة قلقيلية الذي قتلته قوات الاحتلال الإسرائيلي في 7 أكتوبر/ تشرين أول 2022؛ فتنبش ذكريات تحضرها الدموع.

 

منذ استشهاد شقيقه "عادل" لم يستطع يوسف تجاوز ألم الفقد، لكنه تحامل على نفسه حتى يدخل الفرح على قلب والدته، محاولا محو حزنٍ استوطن داخل البيت بإعدام شقيقه.

 

ويروي الطالب داود لـ" الاستقلال" عبر الهاتف من قلقيلية، أن والدته هي الأخرى التي كانت ترى في نجاح نجلها "فرحة كبرى" ستدخل البيت، لم تتوقع أن تسبقها صدمة حزن تمزق قلبها فتطفئ "الشغف والحماس الذي كانت تزرعه في بيتها".

 

تقول: "أتمنى أن ينجح يوسف، ليهدي النجاح لروح شقيقه عادل، وأرواح الشهداء جميعا، حتى يجبرنا المولى عز وجل ويعوض صبرنا".

 

وتسترجع ذكريات الشقيقين معًا: "معاناة كبيرة أن يفقد الأخ أخاه، يفتقد الطفولة التي عاشوها معا، ومراحل عمرهم تقاسموا خلالها الطعام والملابس والألعاب وتفاصيل كثيرة".

 

الجميع يترقب النتائج

" تمر هذه الأوقات بشكل طبيعي، لأنه قدمت بشكل جيد وواثق بأن النتائج ستكون مبشرة لي" هذا ما قاله الطالب أمير منير هارون من مدرسة شهداء النصيرات الثانوية وسط قطاع غزة.

 

عند سؤاله عن "كيف تمر هذه الأوقات داخل المنزل؟"، يُجيب هارون وهو ينقل صورة من الداخل قائلاً: "الجميع يترقب النتائج وينتظرون هذه الفرحة، بعد فترة من التعب وتوفير الهدوء والأجواء والاستقرار داخل المنزل، تعاملوا معي بشكل طبيعي دون ضغط". وحتى اللحظة لم تقع عين الطموح بداخله على تخصص يمكن أن يكون "مهنة المستقبل له" فهذه الخطوة تحددها نتيجة التوجيهي، وإن كان يرى أن التخصصات غير متاحة في جامعات غزة.

 

مرحلة مصيرية

وتسود ثقافة أن مرحلة التوجيهي هي مرحلة "مصيرية" في حياة الطالب، أي بعد 12 عاماً من الدراسة، ويعد "التوجيهي" رحلة شاقة ومرهقة للطالب طوال العام، ثم يبدأ مرحلة ما بعد "التوجيهي" بكثير من الخوف والترقب ولا تقتصر على الطالب بل تمتد إلى أهله فنجدهم متشوقين للنتيجة ويعتبرونها أياما عصيبة وصعبة ونقطة فاصلة في حياتهم. وفق المختص الاجتماعي والنفسي إياد الشوربجي. ويقول لـ"الاستقلال": "نجد غالبية الأهالي لا يفارقهم التفكير والقلق الذي يسيطر عليهم، وأحيانا هاجس الفشل والخوف يراودهم، بالإضافة أن بعض الناس يعطي اهتماما كبيرا لنظرة الناس للنتيجة فتتشابك معهم أفكار عديدة كالخوف ونظرة الناس والطموح، والمعدل الذي يؤهل للتخصص".

 

ويعتبر الشوربجي عيش الأهل في "دومة القلق والخوف والتوتر" أمرا خطيرا، يصبح الطالب عرضة للإصابة ببعض الأمراض الصحية والنفسية فالتوتر والقلق والخوف يجعل هناك صعوبة من الدخول في النوم أو حدوث صداع وفقدان شهية وألم "مغص" نتيجة الانتظار والقلق.

 

وبين أن المشاعر تصبح مختلطة بين خوف وإحباط في المقابل هناك تصيبهم حالة تفاؤل بالحصول على معدل مرتفع.

 

وشدد أنه على الأهل أن يكونوا ناصحين لأبنائهم ويحاولوا قدر الإمكان التخفيف من حدة هذه الأجواء، والأفضل عدم إعطاء الموضوع أكبر من حجمه، فالقلق والتوتر لا يغير شيئاً ولا يفيد بل يزيد الأمور تعقيدا. وتابع: "نجاح الطالب أو إخفاقه ليس نهاية العالم، وعلى الأهل أن يوضحوا للأبناء أنه هذا ما قدره الله حينما يتحقق النجاح، وعند الاخفاف بث الروح المعنوية لهم بأنه ليس نهاية العالم، وأنه لا زال هناك فرصة، وأن يقف الطالب عند نقاط ضعفه ويحاول معالجتها".

 

من الأشياء التي ينصح بها الشوربجي الأهالي للتغلب على القلق، اشغال أنفسهم وأوقات فراغهم بأمور بعيدة عن النتائج، الخروج بزيارات عائلات ورحلات مع الأهل والأصدقاء للتنزه، وأخذ قسط من الراحة، وبث الشعور بالتفاؤل.

 

وبحسب الشوربجي فإن "التفكير السلبي" سيحطم المعنويات ويشعر الطالب بالقلق والتوتر فبالتالي دور الأهل ضروري في بث منحهم شعورا بالراحة والطمأنينة والهدوء النفسي، حتى عندما تصدر النتائج إذا كانت مرضية فهذا شيء جميل وفرحة للأهل والطالب، وإذا كانت العكس على الأهل تجنب معاتبة أبنائهم أو معاقبتهم ومنحهم فرصة لتصحيح درجاتهم، واستدراك الأمر لإلحاقهم بالتخصصات المطلوبة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق