أهدت تفوقها لعائلتها والمقاومة

الطالبة "هدا حميد".. حلم التفوق في "التوجيهي" بات حقيقة

الطالبة
تقارير وحوارات

الاستقلال/ ولاء جبريل:

التاسعة صباحًا، الهدوء يسود أجواء البيت، وعيون أفراد العائلة التي لم تغفُ طوال الليل، ترقب عقارب الساعة مرة، وشاشة الهاتف مرة أخرى، في انتظار رسالة نصية تحمل معها فرحة النجاح بالثانوية العامة.

 

اهتز الهاتف قبل ثوان معدودة من التاسعة، حبست الطالبة هدا محمد حميد من الفرع الأدبي أنفاسها وحدقت عيناها في شاشة هاتفها، لتنهال دموعها بالبكاء ويعلو صوتها معلنة نتيجتها " 99.4.. 99.4" لتكون من المتفوقين بالثانوية العامة على مستوى الوطن وكما أرادت.

 

شعور لا يمكن وصفه، وكأن تعب عام كامل لم يكن، لا أنسى حين بدأ العام الدراسي كيف كنت أشعر بأني قد دخلت مرحلة لا يمكن الخروج منها، ها أنا مررت وتفوقت وحصدت ما أريد"، تقول الطالبة هدا حميد في مقابلة أجرتها معها "الاستقلال".

لم يكن سهلًا

تعيد الطالبة حميد شريط ذكرياتها إلى عام مضى، وتستذكر مواقف عديدة وتعود إلى ظروف مختلفة شكلت بالنسبة لها عوامل خوف وقلق وارتباك خلال العام الدراسي، إلا أنها في ذات الوقت تفتخر بتجاوز الصعاب.

 

وتقول الطالبة حميد إن الظروف الصحية التي مرت بها والدتها التي تعتبرها الداعم الأول لها وسفر والدها التي تعتبر مدللته، من أهم الأشياء التي ولّدت لديها هواجس الخوف والقلق خلال دراستها.

 

وتضيف حميد: "مرض أمي جعلني أعيش حالة من القلق خلال دراستي، غير أن طبيعة عمل أبي تفرض عليه السفر المتواصل، فقد كان خارج غزة خلال فترة تقديم الاختبارات".

 

وأشارت الطالبة المتفوقة إلى أن، العام الدراسي كان عام يمزج بين الخوف وضغط الدراسة، معتبرة أن ما مرّت به خلال العام من عثرات زادتها قوة وإرادة ودفعها نحو الإصرار على التفوق.

انفجار يسبق المنبه

تواصل الطالبة حميد إعادة شريط ذكرياتها، لتتوقف عند يوم تعتبره من الأيام السوداء خلال دراستها، فهدا التي اعتادت على ضبط ساعة المنبه عند الساعة الرابعة فجرًا من كل يوم للاستيقاظ إلى الدراسة، استيقظت في التاسع من مايو على صوت انفجار سبق المنبه وخطف ثلاثة من المقربين لوالدها وأسرتها.

 

تروي هدا وتقول:" سمعت صوت انفجار، استيقظت بهلع وبعد وقت قصير تلقيت خبر اغتيال الاحتلال الإسرائيلي لثلاثة من قادة المقاومة وهم خليل البهتيني وجهاد غنام وطارق عز الدين، وهم مقربين من العائلة".

 

وتكمل المتفوقة حميد:" الحدث انعكس سلبًا على دراستي، خاصة أن الشهيد خليل البهتيني من المقربين للعائلة، تألمت كثيرًا على فقدانه، غير أن العدوان "الإسرائيلي" استمر على غزة نحو 4 أيام، ولم أدرس خلالها".

رغم الظروف الصعبة واصلت حميد دراستها بل ازدادت إصرارًا على التفوق، وتكمل القول: "لأجل الشهداء، ولأنهم هم من حرسوا الوطن وقدموا أرواحهم لأجل فلسطين، صمّمت على مواصلة الدراسة والتفوق".

طريق التفوق

واعتبرت هدا، أن دعم عائلتها هو العامل الأساسي الأول في نجاحها، والذي شكّل حافزًا لها، لتكون أقوى من الظروف التي مرت بها، بعد الوعكة الصحية التي أصابت والدتها، وسفر والدها للعمل بالخارج.

 

واستذكرت هدا، دور والديها في دعمها على طول العام، فوالدها رغم انشغاله الطويل عنها، إلا أنه لم يكن يُفرط في دعمها خلال فترة الامتحانات، ومتابعته لدراستها خلال سفره بالخارج وكأنه يلازمها في البيت.

 

وعن والدتها التي لم تدّخر جهدًا، حيث كانت رغم وعكتها الصحية وعملها كمعلمة وانشغالها، إلا أنها كانت متابعة وداعمة كبيرة لها خلال فترة دراستها.

 

ولم تكن هدا، تتبع خطة معينة لدراستها، قائلة:" الفكرة في الكيف وليس في الكم"، حيث يمكنها متابعة شؤون حياتها كالمعتاد بعد الانتهاء من دراستها، في مجالسة عائلتها والخروج معهم بشكل طبيعي.

إهداء وطموح

وتهدي هدا، نجاحها إلى والديها وعائلتها، وإلى أرواح الشهداء وعوائلهم، وكل الملتزمين والمؤمنين بمشروع المقاومة، التي وصفتهم بأنهم الخط الأول في توفير الأمن ومقارعة المحتل.

 

وتطمح هدا حميد، في أن تكون سفيرة فلسطين، من خلال دراسة اللغة الإنجليزية، وتمثيل فلسطين في المحافل الدولية، للحديث عن قضيتها وإيصال صوت الفلسطينيين هناك.

 

وتضيف: نحن نقاوم المحتل في كل ميدان، وأنا أريد دراسة اللغة الإنجليزية وإتقانها لفضح جرائم الاحتلال أمام العالم، شعبنا شعب مظلوم وعلينا رفع الظلم عن أنفسنا في كل الطرق والوسائل".

مبالغة تكبح آمال الطلاب

والدة الطالبة حميد والتي رافقتها أيام الدراسة رغم مرضها، تعبّر عن فخرها بتفوق ابنتها في الثانوية العامة.

 

وتقول الوالدة حميد لـ"الاستقلال": "هدا رفعت رأسي عاليًا، فرضي الله عنها، وبارك الله لها على ما حصدت، وبارك لها في حياتها القادمة".

 

 ووجهت والدة حميد رسالة إلى الأهالي بأن يوفروا الأجواء المناسبة لأبنائهم، بعيدًا عن المبالغة والتهويل واعتبار هذه المرحلة مرحلة مصيرية، مشيرًة إلى أن (التوجيهي) ما هو إلا حصيلة أعوام سابقة ومعلومات متراكمة.

وأضافت، كلما تمتع الطالب بهدوء وراحة نفسية ودعم العامل النفسي له، كلما كانت النتيجة مرضية.

التعليقات : 0

إضافة تعليق