غـزة / معتز شاهين:
فاقم التوتر الأمني السائد في مخيم «عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين (عاصمة الشتات الفلسطيني)، جنوب لبنان، من معاناة اللاجئين هناك، بعد أن دفع المئات منهم إلى النزوح من المخيم، بسبب تصاعد حدة الاشتباكات، حيث توجه غالبيتهم إلى مدينة «صيدا». وشهد المخيم اشتباكات مسلحة السبت الماضي، إثر اغتيال قائد الأمن الوطني الفلسطيني، أبو أشرف العرموشي، و4 من مرافقيه، برصاص مسلحين نصبوا كميناً له، وأدت الاشتباكات لاحقاً إلى مقتل 11 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 40 آخرين.
وعلى أثر ذلك، أعلنت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، عن تعليق جميع خدماتها في مخيم "عين الحلوة"، بشكل مؤقت، وتوجهت إلى فتح مدارسها لإيواء العائلات النازحة بمساعدة متطوعين.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن الأحداث المؤسفة في "عين الحلوة" تُضاعف معاناة اللاجئين الفلسطينيين، الأمر الذي يستدعي معالجة جذرية وسريعة لعدم تكرار مثل هذه الاحداث.
وشدد مدير المكتب الإقليمي للمرصد في لبنان محمد المغبط، على أنه لا ينبغي أبدًا أن تبقى حياة اللاجئين الضعفاء في مخيم "عين الحلوة" رهنًا لأعمال عنف هوجاء قد تتجدد في أية لحظة، داعياً جميع الأطراف بأن تتحلى بالمسؤولية وتدرك أنّ لا شيء أهم من سلامة اللاجئين في المخيم.
ويرى الخبير في شؤون اللاجئين الفلسطينيين من بيروت علي هويدي، ان الاشتباكات المسلحة المندلعة في مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين تزيد معاناتهم الإنسانية وتنعكس بشكل مباشر على احتياجاتهم الاقتصادية والاجتماعية بسبب توقف الحياة لعدة أيام.
وقال هويدي في حديثه مع "الاستقلال"، الخميس، إن اللاجئين الذين نزحوا من "عين الحلوة" بلغ عددهم ما يقارب 5000 آلاف لاجئ، ومعظمهم موجودون في مدارس وكالة "الاونروا"، عدا الذين فضلوا النزوح عند أقاربهم، وتقدم لهم بعض المساعدات الإنسانية العاجلة.
واستعرض، الوضع الإنساني في "عين الحلوة" نتيجة الاشتباكات، واصفاً إياه بالسيئ للغاية نتيجة الأضرار التي لحقت في البنية التحتية، وشبكتي الكهرباء والمياه وتضرر معظم الطرقات العامة.
وذكر هويدي: "يجري الآن إحصاء الأضرار وإعداد خطة من أجل عملية ترميم ما يمكن ترميمه في المستقبل"، داعياً إلى تشكيل خلية مستعجلة من مؤسسات المجتمع المدني، والفصائل الفلسطينية، واللجان الشعبية، ووكالة الاونروا من أجل الوقوف على احتياجات اللاجئين، وتذليل كل العقبات لتسهيل عودتهم الى "عين الحلوة" دون أي معيقات.
ولفت، إلى أن هناك مخاوف لدى اللاجئين من العودة الى "عين الحلوة" وهم الآن بانتظار الإعلان بشكل رسمي عن تثبيت وقف إطلاق النار بشكل بكامل حتى لا تحدث خروقات.
وأشار هويدي، إلى أن اللاجئ الفلسطيني في لبنان يعامل معاملة استثنائية لا حقوق اقتصادية ولا اجتماعية من الدولة المضيفة بالإضافة إلى تراجع خدمات "الاونروا" وارتفاع نسبة الفقر حتى وصلت 80%، مشدداً على أن الاشتباكات تزيد من تفاقم الأوضاع هناك.
وكشف، أن مخيمات اللاجئين في لبنان لم يجرِ عليها أي توسعة منذ عام 1948، وأنه يُحظر على اللاجئ الفلسطيني إدخال مواد بناء سواء للترميم او إعادة الإعمار للمخيم، مردفاً: "تأتي هذه الاشتباكات لتزيد الطين بلة على مستوى الفقر والبطالة وعلى مستوى احتياجات اللاجئين".
وأعلنت هيئة العمل الفلسطيني المشترك في لبنان بعد اجتماع ضم ممثلين عن كافة الفصائل الفلسطينية في مقر سفارة فلسطين ببيروت عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة.
وقال أمين سر حركة فتح في لبنان فتحي أبو العردات إن الاتفاق يقوم على سحب المسلحين، وتكليف لجنة تحقيق لكشف المتورطين في مقتل قائد الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا.
وكانت وسائل إعلام لبنانية أفادت في وقت سابق، الثلاثاء، بتجدد الاشتباكات في عدد من أحياء مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في مدينة صيدا بجنوب لبنان، وذلك بعد فترة هدوء أعقبت اتفاقا لوقف إطلاق النار.
ومخيم "عين الحلوة"، يقع في جنوب لبنان، أُنشئ عام 1948من قبل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهدف إيواء نحو 15 ألف لاجئ فلسطيني تم تهجيرهم من قرى الجليل في شمال فلسطين أيام النكبة إثر قيام دولة الاحتلال "الإسرائيلي.
ويقع المخيم على بعد 3 كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة صيدا، على قطعة أرض استأجرتها الدولة اللبنانية من قبل اللجنة الدولية للصلیب الأحمر عام 1949، تبلغ مساحتها كيلو متر مربعاً، ويضم 10 مدارس، وعيادتين تابعين للأونروا، بالإضافة إلى مستشفيين صغيرين للعمليات البسيطة والمعقدة أحيانا.
وسكن اللاجئون في الخيام حتى عام 1952 وبعد أن اهترأت، قام اللاجئون ببناء مساكن اسمنتية بمساعدة وكالة الغوث الدولية، وسمي بـ «عين الحلوة» نسبة إلى المياه العذبة التي كانت موجودة حين إنشائه.
ويعد سكان "عين الحلوة" فاقدين للمواطنة اللبنانية، ويسمى "عاصمة الشتات الفلسطيني".
التعليقات : 0