إقالة عباس المحافظين: قرار يكتنفه الغموض.. وتساؤلات حول الدوافع

إقالة عباس المحافظين: قرار يكتنفه الغموض.. وتساؤلات حول الدوافع
تقارير وحوارات

غزة/ سماح المبحوح :

أجمع محللان سياسيان على أن قرار رئيس السلطة محمود عباس بإقالة المحافظين في الضفة الغربية وقطاع غزة، مفاجئ وغير مسبوق، مؤكدين على أن القرار يكتنفه الغموض وعدم الوضوح، مع وجود ترجيحات لأسباب ودوافع قد تقف وراء ذلك.

 

ورجح المحللان في أحاديث منفصلة مع لـ "الاستقلال" السبت، أن الدوافع التي تقف وراء القرار، قد تكون انصياع لمطالب شبابية في حركة فتح لدمجهم في مناصب صنع القرار، أو لتقدم المحافظين بالعمر، أو قد تكون لعدم قدرتهم على تعزيز مكانة السلطة في الشارع الفلسطيني.

 

وأقال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الخميس، 12 محافظًا من أصل 16 من محافظي السلطة في الضفة الغربية وقطاع غزة معا.

 

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "وفا" أن قرار الإحالة للتقاعد شمل محافظ جنين أكرم الرجوب، ومحافظ نابلس إبراهيم رمضان، ومحافظ قلقيلية رافع رواجبة، ومحافظ طولكرم عصام أبو بكر، ومحافظ بيت لحم كامل حميد، ومحافظ الخليل اللواء جبرين البكري، ومحافظ طوباس يونس العاصي، ومحافظ أريحا والأغوار جهاد أبو العسل.

 

وشمل القرار أيضًا، إحالة محافظ شمال غزة صلاح أبو وردة، ومحافظ غزة إبراهيم أبو النجا، ومحافظ خان يونس أحمد الشيبي، ومحافظ رفح، أحمد نصر، فيما استثنى قرار الإحالة للتقاعد 3 محافظين وهم محافظ القدس عدنان غيث، ومحافظة رام الله والبيرة، ليلى غنام، ومحافظ سلفيت عبد الله كميل.

 

وأشارت إلى أنه أصدر مرسومًا رئاسيًا بتشكل لجنة رئاسية، تضم شخصيات قيادية ذات اختصاص لاختيار مرشحين لشغل منصب محافظي المحافظات الشاغرة، وتنسيبها للرئيس لإصدار قرار بشأنها.

 

وعبر أكثر من محافظ شملهم قرار الإقالة عن انزعاجه من طريقة إخراج موضوع الإقالة من دون إبلاغهم به رسمياً، إلا أنهم شددوا على احترامهم للقرار.

 

وكان المجلس الثوري لحركة "فتح" أوصى عباس قبل عامين بإجراء تغييرات واسعة على مستوى محافظي المدن الفلسطينية، وسفراء دولة فلسطين، كذلك حكومة رئيس الوزراء محمد اشتية.

 

لكن تلك التوصية بقيت دون تنفيذ منذ اتخاذها في يوليو (تموز) من عام 2021، سوى سد الشاغرين في حكومة اشتية، وهما منصبا وزيري الداخلية والأوقاف والشؤون الدينية.

ضخ دماء جديدة

ورجح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن يكون قرار عباس بإحالة المحافظين للتقاعد، يأتي بدافع "ضخ دماء جديدة في السلطة"، فجميعهم تجاوز سن التقاعد القانوني، وأيضا عدم رضا الجمهور عن أداء المحافظين.

 

وقال عوكل لـ "الاستقلال" إن قرار إحالة المحافظين للتقاعد، يأتي لعدم تأديتهم الدور المطلوب منه وهو تحسين شعبية السلطة وحركة فتح بالشارع الفلسطيني.

 

وأكد أن القرار على الرغم من أنه جاء متأخرا، إلا أنه بات ضرورياً لإصلاح وضع السلطة، مشيرا إلى أن تغيير المسؤولين أمر طبيعي.

 

ولفت إلى أن استطلاعات الرأي العام تشير إلى تراجع لافت في مكانة السلطة الفلسطينية والأجهزة الحكومية في الشارع، وتزايد تأييد فصائل المقاومة المسلحة، في ظل ارتفاع حدة الجرائم "الإسرائيلية" خصوصا في الضفة الغربية المحتلة، وبالتالي فإن القرار محسوب.

 

وأكد مع ما كشف عنه عبد الإله الأثيرة مستشار رئيس حكومة رام الله محمد اشتيه، خلال تصريحات صحفية، عن وجود تغييرات واسعة في السلطة قريباً، تشمل "ضخ دماء جديدة للسلطة" على حد وصفه.

 

 ولفتّ الأثيرة أنه "سيجري في المرحلة المقبلة تغييرات كبيرة في سلطة رام الله، ستشمل تغيير حكومة اشتيه وتشكيل حكومة جديدة"، مضيفا:" التغييرات كبيرة وواسعة وستشمل السفراء والمحافظين والوزراء ورئيس الحكومة وعدد من الشخصيات الرسمية".

 

وأفادت صحيفة عبرية، أول أمس الجمعة، نقلًا عن مصادر فلسطينية مطلعة، بأن "قرار الرئيس محمود عباس، إحالة معظم محافظي الضفة الغربية وقطاع غزة للتقاعد، جاء بعد فشلهم في مواجهة المسلحين". في إشارة إلى تنامي ظاهرة المقاومة في شمالي الضفة الغربية المحتلة، وزيادة وتيرة العمل المقاوم هناك.

أسباب عدة

بدوره، رأى الكاتب السياسي أحمد رفيق عوض أن قرار عباس إقالة المحافظين الـ 12 بالضفة وغزة، قرار يكتنفه الغموض، فلا يوجد حتى اللحظة، أسباب ودوافع حقيقية واضحة وراء القرار، مشيرا إلى وجود تقديرات لأسباب عدة دفعته لذلك.

 

وأوضح عوض لـ "الاستقلال" أن من بين الأسباب قد تكون قصور بعمل المحافظين وانتقادات حول عملهم، أو فشل السياسات، وربما بسبب تقدمهم بالعمر وبقائهم لمدة طويلة بأماكنهم، وأيضا إحداث تغيير بالحكومة وعمل ترتيبات سياسية قادمة، كذلك ضخ دماء جديدة بالمناصب والمراكز.

 

ورجح أنه من ضمن الأسباب أيضا، تنفيذ مطالب وضغوط القيادات الشابة بحركة فتح، بدمجهم في مناصب صنع القرار، لتحسين أداء السلطة، وأن يكون لهم دور حقيقي في إدارة بلدهم بعقلية وأفكار جديدة، مشيرا إلى أن الخطوات والإجراءات السياسية والأمنية ليس لها سبب واحد، إنما جملة من الأسباب التي تنتهي بالوصول لقرار التغيير.

 

وتوقع أن يتم خلال الفترة القادمة، تعيين محافظين جدد محتملين، ضمن معايير مهمة، منها الكفاءة والقدرة على تنفيذ المهام والتعامل مع الجمهور والمزايا الشخصية وغيرها، بناء على ترشيحات اللجنة التي تم تشكيلها.

 

وبحسب القانون الفلسطيني فإن المحافظ "هو أعلى سلطة تنفيذية ورئيس الإدارة العامة في محافظته"، ويعمل على "الحفاظ على الأمن العام والأخلاق والنظام والآداب والصحة العامة وحماية الحريات العامة وحقوق المواطنين".

 

كما يعمل المحافظ على "حماية الأملاك العامة والخاصة وتحقيق الأمن في محافظته يعاونه في ذلك قادة الشرطة والأمن العام في المحافظة".

التعليقات : 0

إضافة تعليق