بعد اتفاق وقف إطلاق النار

الاحتلال يتنصل من التزاماته.. غزة تئن تحت وطأة استمرار المعاناة

الاحتلال يتنصل من التزاماته.. غزة تئن تحت وطأة استمرار المعاناة
تقارير وحوارات

غزة / معتز شاهين:


على الرغم من توقيع اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان من المفترض أن يخفف من معاناة المواطنين المتضررين من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة إلا أن الواقع على الأرض يختلف تمامًا عن التوقعات، في ظل الوضع المأساوي الذي ما زال يعيشه المواطنون.

 

أحد أهم المطالب التي كانت تترقبها العائلات المتضررة هو توفير كرفانات سكنية أو خيام للعيش فيها مؤقتًا، وإعادة تأهيل المستشفيات، خاصة في ظل الظروف المناخية القاسية التي شهدتها المنطقة خلال فصل الشتاء.

 

ومع استمرار تجاهل الاحتلال لهذه المطالب، بات الوضع يزداد تعقيدًا حيث عبر عدد من المواطنين المتضررين عن خيبة أملهم من عدم التزام الاحتلال ببنود الاتفاق، مؤكدين أن هذا التلكؤ زاد من معاناتهم وأدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية.


ويقول هؤلاء في أحاديث منفصلة مع صحيفة "الاستقلال": "انتظرنا تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بفارغ الصبر من أجل أن تتغير أوضاعنا ، لكن يبدو أن الأمر مجرد وعود بلا قيمة، والظروف القاسية التي نعيشها تزداد يومًا بعد يوم".


في هذا السياق، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يتلكأ في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وخاصة فيما يتعلق بتنفيذ البروتوكول الإنساني رغم وضوح بنوده وتحديد الاحتياجات والأولويات المطلوبة والنص بشكل واضح على مواقيت محددة.


وذكر المكتب الحكومي في بيانه أن الحاجة الفعلية لسكان قطاع غزة من المأوى تصل إلى 200 ألف خيمة و60 ألف بيت متنقل إلا أن ما تم إدخاله لم يتجاوز 10% من الخيام، ولم يدخل أي بيت متنقل، مما يعني أن مئات الآلاف من المواطنين يواجهون فصل الشتاء القاسي دون مأوى مناسب.


استياء كبير


هذا التعنت في تنفيذ الاتفاق أدى إلى تصاعد الاستياء بين المواطنين الذين كانوا يأملون أن يوفر لهم الاتفاق بداية جديدة تساعدهم في إعادة بناء حياتهم إلا أن ما يحدث على الأرض، كما يقول محمود العرايشي (36 عامًا)، يؤكد أن الاحتياجات الأساسية مثل السكن والمعدات اللازمة لإزالة الأنقاض، لم تجد لها مكانًا ضمن أولويات تنفيذ الاتفاق.


ويضيف العرايشي، الذي دُمر بيته بشكل كلي، لمراسل "الاستقلال": "كنا ننتظر بفارغ الصبر أن يوفر لنا الاتفاق كرفانات تحمينا من البرد والمطر، لكننا ما زلنا نعيش في العراء تحت الأمطار القاسية"، مشددًا على أن الاحتلال لم ينفذ أيًا من التزاماته.


"ويتساءل: إلى متى سنظل في هذه الظروف؟ كنا نأمل في رفع الركام وإعادة بناء حياتنا، لكن لم يحدث شيء حتى الآن."


واستكمالًا للمعاناة التي تفاقمت نتيجة عدم التزام الاحتلال بنص الاتفاق؛ يعيش عدد من المرضى والجرحى حالة صعبة بسبب عدم إعادة تأهيل المستشفيات في قطاع غزة، وإدخال الوقود اللازم لتشغيل الأجهزة فيها، الأمر الذي فاقم من معاناتهم.


خطر حقيقي


وفي هذا الصدد، يقول أحمد سعد الله (40 عامًا)، المصاب بشظية في إحدى قدميه: "لم يكن أحد يتوقع أن نتعرض لهذا الظلم حتى في ظل وقف إطلاق النار, فالمستشفيات لا تعمل بشكل جيد بسبب نقص الوقود وفقدان بعض الأصناف من الأدوية، ونحن كمرضى نواجه خطرًا حقيقيًا"، لافتًا إلى أن عدم التزام الاحتلال بإعادة تأهيل المستشفيات جعل معاناته تتضاعف.


ويضيف سعد الله لـ "الاستقلال": "لقد أصبت أثناء نزوحي من شرق مدينة دير البلح، بعد اقتحام قوات الاحتلال للمنطقة، وكانت آمالي في أن توفر المستشفيات العناية اللازمة لي، لكننا نواجه نقصًا كبيرًا في الموارد الطبية بسبب عدم الالتزام بإعادة تأهيل المستشفيات، ما يجعلني أشعر بأن حياتي ليست ذات قيمة."


على صعيد متصل، ذكر المكتب الإعلامي الحكومي في بيانه السابق أن الاحتلال لا يزال يمنع إدخال المعدات والأجهزة الطبية، والوقود اللازم للمستشفيات الميدانية، ولم يلتزم بإخراج الجرحى والمرضى. وقد توفي 100 طفل مريض جراء المماطلة في إخراجهم، فيما توفي 40% من مرضى الكلى بسبب عدم قدرة المستشفيات على إجراء غسيل الكلى.


كما نبه المكتب في بيانه إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يمنع بشكل تام إدخال بقية مستلزمات الإيواء من المولدات الكهربائية وقطع غيارها وألواح الطاقة الشمسية والبطاريات والأسلاك وخزانات المياه، ويمنع التنسيق لإدخال مستلزمات الترميم الجزئي لشبكات المياه والصرف الصحي في شمال القطاع، كما أخبرتنا مؤسسات وجهات دولية.


وبينما تتواصل المعاناة الإنسانية على الأرض، يبقى المواطنون في حالة من الإحباط، يطالبون بتطبيق فوري لجميع بنود الاتفاق التي من المفترض أن توفر لهم حياة كريمة وآمنة، حيث ما زالوا يعانون من ويلات الحرب وآثارها المدمرة، يرفضون أن تكون حياتهم مجرد أرقام في حسابات سياسية أو تفاهمات لم يتم الوفاء بها.

التعليقات : 0

إضافة تعليق