تحليل: المقاومة بالضفَّة في تطوَّر مُتسارع والاحتلال فشل بفرض معادلاته

تحليل: المقاومة بالضفَّة في تطوَّر مُتسارع والاحتلال فشل بفرض معادلاته
تقارير وحوارات

الضفة المحتلة – غزة/ قاسم الأغا:

اتَّفق سياسيون ومراقبون على أنَّ الاحتلال "الإسرائيلي" فشل في تغيير أو فرض معادلات جديدة على المقاومة الفلسطينية، ولا سيما بالضفَّة المحتلة، مؤكِّدين أنَّ العمليات الفدائية النوعية الأخيرة أثبتت من جديد مدى فشل منظومة الاحتلال الأمنيَّة والعسكريَّة.

 

ورأى السياسيون والمراقبون أنَّ إعادة تفعيل الاحتلال لسياسة الاغتيالات الجسدية للمقاومين عبر الجوّ في الضفَّة المحتلَّة؛ يعكس مدى التطور النوعي للمقاومة، وإقرار ضمني بفشل كل "العمليات العسكريَّة" للاحتلال وما تخللها من أساليب وأدوات متعدِّدة خلال المراحل الماضية؛ لتحقيق هدفه باجتثاث الانتفاضة المسلَّحة الممتدة إلى مختلف مدن وبلدات ومخيمات وقرى الضفَّة. 

 

وأكد المتحدِّث باسم حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين طارق سلمي أنَّ انتفاضة شعبنا الفلسطيني الممتدَّة في كل السَّاحات لن تتوقف مهما اقترف العدوّ من جرائم واعتداءات؛ حتَّى دحره وقُطعان مستوطنيه، وتحقيق النَّصر الموعود.

 

وقال "سلمي" من غزة لصحيفة "الاستقلال": "هذا العدو واهم إنْ ظنَّ أنَّ باستطاعته وقف هذه الانتفاضة"، مشدِّدًا على أنَّ اغتياله ثلاثة مقاومين بجنين باستخدام طائرات حربيَّة مسيَّرة جريمة جبانة تُثبت فشله وعجزه في مواجهة المقاومة المتصاعدة بالضفَّة المحتلَّة.

 

وأضاف: "كما تُعدُّ هذه الجريمة محاولة يائسة من العدوّ لترميم صورته المنهارة أمام أبطال سرايا القدس والمقاومة، التي لقنته أقسى الضربات، ولا سيَّما في كمين جنين وعملية (مستوطنة عيلي) بنابلس".

 

وكانت "كتيبة جنين" في سرايا القُدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زفَّت الأربعاء الماضي، المقاومين الثلاثة الذين ما زالت قوات الاحتلال تحتجز جثامينهم، وهم: "الشَّهيد القائد الميداني: صهيب عدنان الغول (٢٧ عامًا) قائد إحدى تشكيلات كتيبة جنين - سرايا القدس، والشَّهيد: محمد بشار عويس (٢٨ عامًا) أحد قادة كتائب شهداء الأقصى، والشَّهيد: أشرف مراد السعدي (١٧عاماً) أحد مجاهدي  كتيبة جنين - سرايا القدس".

 

نَقْلة نوعيَّة

 

 من جهته، قال الكاتب والمُحلِّل السياسيّ جمعة التايه، إنَّ المقاومة بالضفَّة الفلسطينيَّة انتقلت نقلة نوعية؛ ما دفع بالاحتلال للعودة لتفعيل معادلات وسياسات، أحدثها اغتياله ثلاثة مقاومين بقصف صاروخي من طائرة حربيَّة مسيَّرة، استهدف مركبتهم على شارع الناصرة شمالي جِنين المحتلَّة.

 

وأضاف "التايه" من رام الله المحتلَّة لصحيفة "الاستقلال": "بعد كمين جنين البطولي، وعملية مستوطنة (عيلي)؛ أخذت المقاومة منحىً متقدِّماً من جهة الأداء ونوعيَّة العمليات الفدائية، وانتقلت من الدِّفاع إلى المبادرة في الاشتباك والمواجهة؛ ما يربك حسابات العدوّ، رغم التطور الهائل لديه بالقدرات العسكرية والوسائل التكنولوجية".

 

وتابع: "لذلك المطلوب من المقاومة وكتائبها وتشكيلاتها العسكرية المنتشرة بالضفَّة المحتلَّة مزيدًا من الحذر واليقظة ورفع مستوى الحسّ الأمنيّ وعدم إهمال المقاومين أمنهم الشخصيّ؛ لقطع الطريق أمام تحقيق الاحتلال أهدافه بتكبيد المقاومة الخسائر".

 

ولم يستبعد الكاتب والمحلل السياسي تنفيذ الاحتلال تهديداته بشنِّ عدوان عسكري أوسع بالضفة المحتلَّة، خصوصًا في شمالها، مشيرًا إلى أنَّ "هذا السيناريو تعزَّز في أعقاب كمين جنين الاسْتثنائي، وما أظهرته كتيبة جنين في سرايا القدس، من ملحمة بطولية فاجأت قُوَّات الاحتلال وكبدَّته خسائر فادحة على الجانبين المادي والبشري والمعنوي".

 

وبيَّن أنَّه بُعَيْد كمين جنين "المُعقَّد جدًّا وغير التقليدي" وفق تقييم الاحتلال بكل مستوياته، ستكون كل السيناريوهات على الطاولة لديه، وهذا ما جاء على لسان أقطاب الائتلاف اليمين الحاكم في الكيان، لافتًا في الوقت ذاته إلى أنَّه "سيدفع ثمنًا كبيرًا حال انزلاقه لهذا الخيار، وسيدفع لانضمام ساحات وربما جبهات أخرى للمواجهة". 

 

وقال: "ذهاب الاحتلال لذلك الخيار سيوسِّع جبهة المقاومة، لتشمل كل مناطق الضفة المحتلة، مرورًا بقطاع غزة، وصولًا إلى جبهة جنوب لبنان وغيرها".

 

مأزق حقيقي

 

أمَّا الكاتب والمُحلل السياسي خالد مَعالي، فرأى أنَّ "الاحتلال يعيش في مأزق حقيقي، على وقع تصاعد المقاومة بالضفَّة المحتلَّة، واتِّساع عملياتها بأداء نوعي، خصوصًا في عملتيّ بأس الأحرار (كمين جنين)، وإطلاق النَّار في (مستوطنة عيلي)".

 

وقال "مَعالي" من نابلس المحتلَّة لصحيفة "الاستقلال": "الاحتلال خسر المعركة مع المقاومة بالضفَّة؛ لذلك بدأ باللجوء نحو إعادة تفعيل سياسة الاغتيالات عبر طائراته الحربيَّة المُسيَّرة، وهذا دليل أيضًا على أنَّ كل إجراءاته السابقة من إعدامات ميدانية واقتحامات للمدن واعتقالات وملاحقات وغيرها باءت بالفشل الذَّريع".

 

وأشار إلى أنَّ "المقاومة تتقدم وبدأت تبادر بضرب الاحتلال في مقتل؛ مما أفقدته اتِّزانه، وأغرقت "نتنياهو" و"بن غفير" و"سموتريتش" بحالة من الهستيريا والجنون، ما دفعهم للمطالبة من المستوى الأمني والعسكري بالتَّصعيد أكثر فأكثر في الضفَّة المحتلَّة".

 

وتابع: "المقاومة التي تلقِّن العدو الدُّروس القاسية عبر عملياتها المُخطَّطة والمدروسة؛ قادرة على أن تكسرَ كلَّ المعادلات والسياسات التي يحاول فرضها، بما فيها العودة إلى الاغتيالات الجسديَّة عبر الجوّ".

 

وعَبَّر الكاتب والمحلل السياسي عن اعتقاده بأنْ تشهد الضفة المحتلة "اشتعالًا في وجه الإرهاب الدموي المتصاعد والمتكامل بين قُوَّات الاحتلال وسوائب مستوطنيه"، مبيِّنًا أن "المقاومة تفرض نفسها بقوَّة على الأرض وعامل الزمن يجري في مصلحتها، وبالتالي هنالك تفاؤل كبير بقدرتها على لجم اعتداءات الاحتلال، وإحباط مخطَّطاته الاستيطانية، وربَّما إسقاط ائتلاف (نتنياهو) الأكثر تطرُّفا وإرهابًا".    

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق