عملية "كدوميم" البطوليَّة.. المقاومة تُراكم إنجازات "ثأر جنين" والاحتلال يحصد الفشل

عملية
تقارير وحوارات

الضفة المحتلة – غزة/ قاسم الأغا:

أجمع محلِّلون سياسيون فلسطينيون على أنَّ عملية إطلاق النار البطوليَّة التي وقعت عصر أمس الخميس في مستوطنة "كودميم" بين نابلس وقلقيلة شمالي الضفة الغربية المحتلة، دليل على فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه من وراء عدوانه العسكري الأخير على جنين ومخيمها شمال الضفة المحتلة، مشِيرِين إلى أنَّ معركة "بأس جنين" وما قبلها وما بعدها من عمليات بطولية؛ عمَّقت أزمة الكيان الداخلية على الأصعدة كافَّة.

 

ورجَّح المحلِّلون والسياسيون في مقابلات منفصلة مع صحيفة "الاستقلال" أنْ تشهد الضفَّة الفلسطينية المحتلة مزيدًا من عمليات المقاومة الأكثر نوعيَّة وعمقًا، خصوصًا في الوقت الذي يعجز فيه كيان الاحتلال عن توقع ضرباتها؛ نتيجة عدم تمركزها في جغرافيا فلسطينية محددة؛ ما يزيد من تآكل ما تُسمى "قوَّة الردع" لدى الكيان.

 

وعصر أمس الخميس، قُتل جندي بلواء "جفعاتي" في جيش الاحتلال وأُصيب آخر بجروح "خطرة" في عملية إطلاق نار على أطراف مستوطنة "كودميم" الواقعة على الطريق بين نابلس وقلقيلية، في الضفة الفلسطينية المحتلَّة.

 

وباركت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وفصائل المقاومة العملية التي نفذها الشَّهيد القسَّامي " أحمد ياسين غيظان" من قرية قبيا غرب رام الله، مشدِّدين على أنَّها "رد طبيعي ومشروع على جرائم الاحتلال بحق أهلنا في عموم الضفة وجنين خاصة، وتعبير عن تصعيد المقاومة في مواجهة التغوُّل الاستيطاني".

 

وتأتي عملية "كدوميم" عقب عدوان الاحتلال على مدينة جنين ومخيَّمها، والذي أدى لاستشهاد 12 فلسطينيًا وإصابة المئات، وتدمير مئات المنازل، قبل أن تجبره كتيبة جنين في "سرايا القدس" والمقاومة على الاندحار في مساء اليوم الثاني للعدوان.

رسائل للكيان

الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الفلسطيني د. أسعد جودة، رأى أنَّ عملية إطلاق النَّار في مستوطنة "كدوميم" التي يسكنها الوزير المتطرف في كيان الاحتلال "بتسلئيل سموتريتش" "تحمل رسائل سياسية وأمنية، مفادها أنَّ المقاومة قادرة على الوصول لأي مدى داخل الكيان". 

 

وقال جودة في مقابلة مع "الاستقلال"، أمس الخميس، إنَّ معركة "بأسْ جنين" عزَّزت لدى شعبنا الفلسطيني بمختلف مكوناته وشرائحه بأنَّ المقاومة باتت مستقبله ومصيره ولا عودة عنها، مشيرًا إلى العمليات النوعيَّة التي نفذتها المقاومة بالأيام الأخيرة في "تل أبيب"، ومستوطنة "كدوميم"، وانعكاساتها السلبيَّة على الكيان بمستوياته المختلفة.

 

وبيَّن أنَّ العمليات المتلاحقة تأكيد على أنَّ "قرار قيادة المقاومة إشعال الضفة المحتلة في وجه الاحتلال وجيشه ومستوطنيه كان حكيمًا"، لافتًا إلى أنَّ "الضفة مرشَّحة لتشهد مزيدًا من العمليات الفدائيَّة النوعيَّة، وأنَّه سيكون لمعركة بأس جنين ما بعدها". 

 تمدُّد المقاومة

من جهته، عَدَّ المُحلِّل السياسي المختص في الشأن "الإسرائيلي" عدنان الصبَّاح، عمليَّة "كدوميم" دليل جديد على فشل العملية العسكريَّة لقوات الاحتلال في جنين ومخيّمها، والتي كانت تهدف لاجتثاث المقاومة وكسر أمواج العمليات الفدائية في مختلف مناطق الضفة الفلسطينية المحتلَّة، لافتًا إلى أنَّ الاحتلال الذي يزرع الموت؛ سيردُّ إليه ليقطف رؤوس جنوده وقطعان مستوطنيه المجرمين.

 

وقال الصبَّاح في مقابلة مع "الاستقلال"، أمس الخميس، إنَّ هذه عملية "كدوميم" البطوليَّة تحمل رسائل مهمَّة عدَّة، منها أنَّ المقاومة باتت ممتدة ومتمركزة في كل جغرافيا فلسطين المحتلَّة، وليست منحصرة في مناطق بالضفَّة؛ "الأمر الذي يعمِّق الفشل الذريع منظومة الأمنيَّة والاستخباريَّة كيان الاحتلال".

 

وأضاف: "هذه العملية تأتي لتؤِّكد مجدَّدًا أنَّ المقاومة مستمرَّة، وهي أشدُّ بأسًا وقُوَّة، خصوصًا بُعيْد انتصارها في معركة جنين الأخيرة (بأسُ جنين)، وهي التي تُحدِّد متى وأين وكيف ستضرب الاحتلال من جديد"، مبيِّنًا أن ما تشهده الجغرافيا الفلسطينية من تصاعد للعمل المقاوِم ولا سيَّما في الآونة الأخيرة؛ أربك كل حسابات الكيان ومعادلاته الواهية.

 

وأشار المُحلِّل السياسي المختص في الشأن "الإسرائيلي" إلى أنَّ عمليات المقاومة في الشهور والأسابيع الأخيرة اتَّسمت بـ "النوعيَّة واللَّا متوقعة"، "إذ تركَّزت على استهداف جنود ومغتصبين"، مرجِّحًا أنْ تشهد هذه المرحلة مزيدًا من العمليات الفدائية، التي تضرب كيان الاحتلال في العمق، وهي تشكِّل جزءًا من نتائج مشروعه الأكثر فاشية وعنصرية وإرهابًا تجاه شعبنا الفلسطيني وأرضه ومقدَّساته وحقوقه.

متوالية فشل

بدوره، اتَّفق المُحلِّل السياسي المختص في الشأن "الإسرائيلي" أنس أبو عرقوب، مع سابقَيْه على أنَّ عملية "كدوميم" مؤشِّر جديد على فشل عدوان الاحتلال الأخير على جنين ومخيِّها وعجزه أمام بسالة المقاتلين، مشيرًا إلى أنَّ هذه العملية تحمل رسائل للاحتلال بأنَّه ليس بإمكانه استئصال المقاومة.

 

وأضاف أبو عرقوب في مقابلة مع "الاستقلال"، أمس الخميس، أنَّ عمليَّة إطلاق النار بمستوطنه "كدوميم" تعكس فشل الاحتلال ومنظومته الأمنيَّة والعسكريَّة والاستخباريَّة في وقف اتسَّاع دائرة العمليات الفدائيَّة، بالرغم من حالة الانْتشار والاسْتنفار الكبيرين لقُوَّات الاحتلال وكتائبه ووحداته المختلفة بالضفَّة المحتلة.

 

وأوضح أنَّ إجراءات الاحتلال العدوانية تجاه شعبنا الفلسطيني لم تتوقف، وعليه فإنَّ تكراره للإجراءات ذاتها ستؤدي إلى ذات النتائج المتمثَّلة بمواصلة عمليات المقاومة واتِّساعها وتطور أساليبها، وهذا سيلقي بتداعيات على "بنيامين نتنياهو" وائتلافه الحكومي المتطرِّف.

 

ونبَّه إلى أنَّ "نتنياهو" كان يسوِّق أنَّ العدوان الأخير على قطاع غزة، واستهدافه حركة الجهاد الإسلامي خصوصًا، ضاعف قدرة "إسرائيل" الرادعة للمقاومة، ولاسيمَّا في الضفة الغربية؛ لكن ذلك سرعان ما تبدَّد وقد أثبته المقاتلون بالنَّار مؤخَّرًا في جنين، وإلحاقهم خسائر بشرية في صفوف جيش الاحتلال، واستمرار إطلاق المقاومة في غزة للصواريخ، إضافة إلى مواصلة عملياتها في "تل أبيب" و"كدوميم" وما سبقهما.

 

وذكر المُحلِّل السياسي المختص في الشأن "الإسرائيلي" أنَّ "المستوطنين باتوا يفقدون أمنهم الشخصي، ونتنياهو سيدفع ثمن ذلك، إذ أظهرت آخر استطلاعات رأي بأنَّ ثقة جمهور المستوطنين فيه تتراجع، وهذا يأتي بعد عجزة في إيقاف عمليات المقاومة وردع الفلسطينيين عن مواصلة تنفيذها".      

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق