تشكل أعباء مالية على العروسين

​ الأعراس الفلسطينية.. طقوس جديدة دافعها التفاخر والمباهاة

​ الأعراس الفلسطينية.. طقوس جديدة دافعها التفاخر والمباهاة
تقارير وحوارات

غزة/ ضحى الداعور:

دخلت في الآونة الأخيرة العديد من الطقوس الجديدة على الأعراس الفلسطينية لم تكن معهودة من قبل، وأضحت ظاهرة في الوقت الحالي كنوع للتباهي والتفاخر، ما يوقع الشباب المقبلين على الزواج في مصيدة التكاليف الباهظة والديون المتراكمة.

«الحنّاء، الزّفة، الدبكة، حمّام العريس، سهرة العروس، المناسف، طقوس كانت ترافق دخول العرسان عُشّ الزوجيةٍّ، على الأهازيج الشعبية، «يا حلالي يا مالي»، وحمل العريس على الحصان مكللاً بالأوراق النقدية، ومكبرات الصوت على الجرّار في الزفة، ودنانير للعروس من الصديقات والمهنئات، كلها عادات وطقوس تكاد تكون قد اختفت من الأعراس الفلسطينية في الوقت الحالي.

 

وتعد الأعراس الفلسطينية من أبرز المناسبات الاجتماعية في ثقافة الشعب الفلسطيني، حيث تعكس تراثاً غنياً يمتد لعدة قرون، وتجسد الأعراس رموزاً وقيماً تعبر عن روح الفرح والاحتفال، ولكن في الوقت الحالي باتت تأخذ طابعًا يبعدها عن شكلها الحقيقي، وعن مضمونها التراثي.

  مواكبة التطور

العروس وردة محمد التي تزوجت قبل عام من الآن عبرت عن إعجابها وتقبلها الشديدين بالطقوس الجديدة التي باتت ترافق الأفراح الفلسطينية، باعتبارها ظاهرة عصرية تواكب الموضة وتعطي معنى للسعادة والفرحة المبهجة وتترك ذكرى جميلة لدى العروسين وذويهم.

 

وحرصت العروس وردة على إقامة مراسم كتب الكتاب داخل بيت والدها، وسط أجواء مزينة بالإضاءات والديكور والزينة، لافتة إلى أنها فعلت ذلك كما فعلت أختها التي تزوجت من قبلها.

 

وأصرت على أن يتم تنظيم حفل زفافها في أفخم قاعات الأفراح الموجودة في قطاع غزة، كما أنها قامت بتجهيز هدايا مغلفة بأشكال والوان مختلفة لصديقاتها باعتبارها طقوساً جديدة تتماشي مع التطور الحاصل في الوقت الحالي.

 

ولفتت إلى أنها حرصت على إقامة جلسة تصوير لها يوم الفرح في شاليه مخصص للعروسين، استطاعت الوصول إليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

واهتمت وردة بتفاصيل جهاز عروسها التي تم نقلها بأفخم موديلات الحقائب المزينة بأجمل العبارات، لأنها أصبحت عادة ملزمة للمقبلين على الزواج.

الموروثات القديمة

في المقابل ما زالت العديد من العائلات الفلسطينية تحافظ على العادات والتقاليد الفلسطينية الأصيلة للأعراس، باعتبارها جزءاً أصيلا من العادات والتقاليد للشعب الفلسطيني، وترفض بعض الطقوس التي دخلت على ثقافتنا الفلسطينية في الآونة الأخيرة.

 

الحاجة السبعينية عائشة رزق أصرت على أن تتبع في حفل تزويج أبنائها الأربعة العادات والتقاليد الحقيقية والاصلية للشعب الفلسطيني التي توراثها منذ مئات السنوات.

 

وقالت الحاجة رزق لـ "الاستقلال" إن هناك العديد من العادات والتقاليد الدخيلة على الثقافة الفلسطينية التي لا تتوافق مع عادات وتقاليد أبائنا وأجدادنا التي تربينا عليها، فضلا عن تشكليها عبئاً مالياً كبيراً على العريس خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة".

 

أوضحت الحاجة أن الأفراح قديما، كانت تبدأ باختيار العروس من قبل أم العريس أو أخته، في حين العريس لا يرى العروس إلا قبل يوم من العرس، أما خلال الفترة الحالية مع اتساع مستوى الثقافة والتعليم تغيرت هذه العادة وأصبح بإمكان العريس اختيار شريكة حياته بمفرده.

 

وترى الحاجة عائشة أن مهر العروسة كان سابقا "على قد الحال" ويتم وضعه بمظروف ورقي، حيث كانت البساطة في كل تفاصيله، أما الآن أصبح يوضع داخل صناديق مزينة ومزخرفة وبأشكال متنوعة باهظة الثمن.

 

وبينت أنه كان قديما يتم نقل أغراض العروسة بما يعرف بجهاز العروس عبر حقائب عادية بحضور العروسة وأمها فقط، أما اليوم يتم تجميع عدد كبير من النساء للذهاب لتعليق الجهاز بأفخم موديلات الحقائب المزينة بأجمل العبارات التي أصبحت تتحول الى وليمة غذاء أو عشاء وهذا فيه تكليف كبير للعريس.

 

وأضافت "إنه لم يكن في السابق معروف لدينا وجود صندوق للعروس كبير توضع فيه الحناء والمكسرات والحلوى، حيث كانوا في القدم يأخذون الحناء فقط".

 

وتروي الحاجة عن ليلة الحناء التي كانت تسبق ليلة الزفاف بيوم، حيث تتجمع النساء في بيت أهل العروس ويتم جلب امرأة مخصصة لنقش الحناء على أيدي العروس وأيدي الحاضرات، ويتفاعلن بالغناء والأهازيج والزغاريد، حيث ترتدي العروس ثوباً فلسطينياً وتقوم بتوزيع صرر من الحناء على الحاضرات، ولكن اليوم تحولت ليلة الحناء لفرح ثانٍ بتكاليف كبيرة سواء من حجز صالة وجلب الكثير من الحاجيات.

تباهٍ وتفاخر

المختص الاجتماعي درداح الشاعر أكد أنه تم دخول العديد من الطقوس القادمة من الغرب على الأعراس الفلسطينية الأصلية التي تم توارثها عبر الأجيال منذ مئات السنوات من خلال الآباء والأجداد، لافتا إلى أن أسباب استخدام تلك الطقوس الدخيلة نوع من أنواع التباهي والتفاخر بين الناس.

 

وعدّ الشاعر في حديث لـ" الاستقلال" العادات والتقاليد في الأفراح أنها جزء لا يتجزأ من التراث الشعبي الفلسطيني، مشددا على أهمية التمسك بالعادات والتقاليد التراثية الفلسطينية كونها جزء من الهوية لأي شعب من الشعوب.

 

وأضاف" أن الالتزام بالعادات والتقاليد في الأعراس، يؤدي الى الترابط والتماسك الاجتماعي، ويساعد على إحداث نوع من المحبة والمودة والتعاون بين أفراد الشعب الواحد ويجعل المجتمع أكثر تحضراً وتمسكاً وتقدماً.

 

وأشار إلى أن أي تغيير ثقافي يحدث في الثقافة الفلسطينية لن تدوم ويتوقف ذلك على مدى أصالة الثقافة الفلسطينية ومستوى تمسك الأفراد بثقافتهم وأصالتهم، لافتا إلى أن اتباع الطقوس الغريبة في الاعراس الفلسطينية يؤثر تأثير سلبياً على الثقافة والعادات والقيم الفلسطينية مما يؤدي الى ابتعاد عن الموروث الثقافي الأصيل.

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق