هدم المدارس.. جريمة "إسرائيلية" مستمرة بحق التعليم لتجهيل الفلسطينيين وتهجيرهم

هدم المدارس.. جريمة
تقارير وحوارات

غزة / سماح المبحوح:

منذ قيامها على أنقاض الأرض الفلسطينية، في العام 1948، تمارس سلطات الاحتلال "الإسرائيلي" سياسات تجهيلية عدّة بحق الفلسطينيين في محاولة منها؛ لتعزيز السيطرة عليهم، عبر حرمانهم من مصادر المعرفة والوعي والعلم والتي تعتبر المدارس والمؤسسات التعليمية إحدى مصادرها الرئيسة.

 

ولذلك، دأبت سلطات الاحتلال على تنفيذ عمليات تدمير ممنهجة للمؤسسات التعليمية سيّما في المناطق والتجمعات البدوية؛ بهدف زيادة نسبة الجهل بين الفلسطينيين، ودفعهم للهجرة القسرية عن بيوتهم وقراهم.

 

وفي أحدث عمليات الاستهداف للمنشآت التعليمية الفلسطينية، هدمت سلطات الاحتلال مدرسة ابتدائية للأطفال الفلسطينيين في منطقة عين سامية بالضفة الغربية، قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي الجديد، وفق ما ذكر الخميس مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية. 

 

ووفقًا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، فقد تم هدم ثلاث مدارس في جميع أنحاء الضفة الغربية في الأشهر الـ 12 الماضية، مما أثر على 78 طالبًا.

 

وأشارت في بيان صحفي، إلى أن قرابة 58 مدرسة في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة مهددة بالهدم من قبل سلطات الاحتلال.

 

يذكر، أن المدرسة التي تم هدمها في "عين سامية" تخدم تلاميذ من العائلات الفلسطينية القليلة المتبقية في مجتمع الرعي في المنطقة، بعد تهجير معظم السكان هناك على وقع عنف المستوطنين وتناقص أراضي الرعي.

 

ومنذ عام 2022، سجل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية تهجير ما لا يقل عن 477 فلسطينيًا من سبع مجتمعات رعوية، ثلاثة من هذه المجتمعات فارغة الآن.

 

وتقوم الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني حاليًا بتقييم الاحتياجات العاجلة لـ 60 مجتمعًا من مجتمعات الرعي بالضفة التي تواجه تحديات مماثلة. 

أهداف عدة

مدير وحدة مراقبة الاستيطان في معهد الأبحاث التطبيقية "أريج" سهيل خليلية رأى أن سلطات الاحتلال تعمل وفق مخطط منظم ومدروس لاستهداف قطاع التعليم بمناطق الضفة والقدس المحتلتين.

 

وأوضح خليلية في حديثه لـ "الاستقلال" السبت، أن سلطات الاحتلال تسعى من خلال هدم المدارس بمناطق الضفة والقدس المحتلتين؛ لنشر الجهل بين أبناء الشعب الفلسطيني، ودفع الأهالي في المناطق المستهدفة للهجرة القسرية. 

 

وبيّن أن سلطات الاحتلال تدرك تماماً أن التعليم يمثل حاجة مهمة للشعب الفلسطيني، فهو يعد رمزاً للوعي والثقافة؛ ولذلك فهي لا تريد للشعب الفلسطيني رقياً ونهضة ووعيا بحقوقه.

 

وأشار إلى أن أكثر المناطق المستهدفة والمهددة مدارسها بالهدم، هي مناطق "ج" خاصة التجمعات البدوية، كعين سامية شرق مدينة رام الله، ومناطق الأغوار وجنوب الخليل، والخان الأحمر ومحيط التجمع الاستيطاني معاليه أدوميم بالقدس.

 

وشدد على أن سلطات الاحتلال تحاول الحد من الدعم المالي لقطاع التعليم من الدول المانحة، خاصة في مدينة القدس، بحجة أن المناهج لا تتلاءم مع سياساتها. 

 

ولفت إلى أن هدم سلطات الاحتلال في شهر مايو الماضي لمدرسة التحدي "5" الأساسية المختلطة في منطقة "جيب الذيب" في بيت معمر شرق بيت لحم، والتي كانت تضم 60 طالبا من الصف الأول حتى الرابع، وجميعهم من عشيرة الزواهرة، موضحا أن المدرسة تعرضت للهدم المرة الأولى عام 2017، وأعيد بناؤها في العام ذاته.

 

ونبّه إلى أن قوات الاحتلال هدمت مؤخرا، مدرسة التجمع البدوي في منطقة عين سامية، مؤكدا أن غالبية المدارس التي هدمت والتي يخطط الاحتلال لهدمها تم إنشاؤها من خلال أهالي الطلاب. 

حرب مفتوحة

المشرف العام في منظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو في فلسطين، حسن مليحات، أكد أنهم وثقوا منذ بداية العام الجاري 2023، قرابة 600 انتهاك بحق التجمعات البدوية، من بينها 120 انتهاكاً بحق المدارس والطلاب في مناطق "ج" وشرق القدس.

 

وأوضح مليحات في حديثه لـ "الاستقلال" السبت، أن قوات الاحتلال تقوم بحملة شرسة ضد التجمعات البدوية بما فيها المدارس، حيث تسعى لترحيل السكان وإحلال بدلا منهم المستوطنين، بهدف سرقة أراضيهم.

 

وشدد على أن التجمعات البدوية تتواجد في مناطق تمتاز بالموارد الطبيعية والأحواض المائية، وأراضي زراعية خصبة، لذلك تزداد أطماع الاحتلال للاستيلاء عليها، في مخالفة واضحة للقانون الدولي الذي يمنع ترحيل السكان الأصليين من أراضيهم.

 

يشار إلى أنه بموجب "نظام روما الأساسي" المنشئ لـ "المحكمة الجنائية الدولية"، فإن هدم الممتلكات على نطاق واسع وبشكل غير مشروع و"ترحيل أو نقل" الأشخاص في الأراضي المحتلة هي جرائم حرب.

 

ورأى أن سلطات الاحتلال تقود حرباً مفتوحة وتقوم بارتكاب مجازر ضد التجمعات البدوية، مستهدفة قطاع التعليم فيها وقطاع الزراعة ورعي المواشي والثروات المائية وغيرها، كما أن التجمعات تخوض صراع مفتوح مع الاحتلال والمستوطنين.

 

وبشأن هدم مدرسة تجمع عين سامية، أشار إلى أن قوات الاحتلال اقتحمت بمساندة جرافة وآليات أخرى، منطقة التجمع البدوي في عين سامية، وهدمت أجزاء من المدرسة، وفككت غرف الصفوف المتنقلة (كرافانات) وصادرتها.

 

ولفت إلى أن مدرسة عين سامية كانت تخدم التجمع البدوي قبل تهجيره وتجمعات أخرى، ويتم تدريس الطلبة فيها من رياض الأطفال حتى الصف السادس وعددهم 50 طالباً، وأقيمت المدرسة على أرض خاصة تبرع بها مواطن فلسطيني من بلدة كفر مالك شرق رام الله بتاريخ 15 يناير (كانون الثاني) 2022، بتنسيق مع وزارة التربية والتعليم وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وبتمويل أوروبي من خلال إحدى المؤسسات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية.

التعليقات : 0

إضافة تعليق