بلدة "حوارة".. نموذج مقاومة "حي" أمام "إرهاب" المستوطنين

بلدة
تقارير وحوارات

 نابلس / معتز شاهين:

من جديد تعود بلدة حوارة الواقعة في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، لتتصدر المشهد المقاوم، ولتبرهن أنها عصية على الانكسار، وأن عدوان جنود الاحتلال ومستوطنيه لا يقابلهم سوى المزيد من الصمود والثبات والمقاومة، أمام جرائمهم المستمرة بحق المواطنين الفلسطينيين الأبرياء.

 

وتتصدر البلدة الواقعة جنوب نابلس، منذ العام الجاري، المشهد المقاوم في الضفة المحتلة، حيث سجلت أكثر من 255 عملاً مقاوماً، تخللها 28 عملية إطلاق نار، و3 عمليات دهس، أسفرت عن خمسة قتلى في صفوف المستوطنين وجنود الاحتلال، وفق مركز المعلومات الفلسطيني "معطى.

 

 وأرجع مختصون، تصاعد العمل المقاوم في "حوارة"، أثر تصاعد هجمات المستوطنين المتطرفين ضد منازل المواطنين وممتلكاتهم بشكلٍ يومي، إلى جانب اعتداءات الاحتلال وعمليات اعدام مباشرة لعدد من الشبان.

 

وأكد المختصون في أحاديث منفصلة مع صحيفة "الاستقلال"، أن تصاعد العمليات الفدائية تدلل بشكل قاطع على تمسك الفلسطيني بحقه المقاوم، للدفاع عن نفسه وصد جرائم الاحتلال.

 

وفي وقتٍ سابق، قَدم رئيس جهاز الشاباك "الإسرائيلي" رونين بار، تحذيراً لرئيس حكومة الاحتلال "بنيامين نتنياهو" بشأن تصاعد إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.

 

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن بار قوله: إن "الإرهاب اليهودي يؤجج الإرهاب الفلسطيني"، حسب تعبيره.

 

والسبت، قُتل "إسرائيليان" (29 عاما، و60 عاما)، في عملية إطلاق نار، نفذها فلسطيني في "حوارة" قرب نابلس، قبل أن يتمكن من الانسحاب من المكان، حيث يجري جيش الاحتلال حتى كتابة التقرير عمليات بحث عنه، اقتحم خلالها عدة بلدات فلسطينية، بينها بيتا.

 

معادلة الرد

 

وأكد الكاتب والمحلل السياسي د. هاني العقاد، أن تصاعد العمليات الفدائية الفلسطينية في بلدة "حوارة" جنوب نابلس جراء تصاعد جرائم المستوطنين وجيش الاحتلال ضد المواطنين، وكذلك مرتبط بالأطماع "الإسرائيلية" لضم البلدة لمستوطنات الاحتلال.

 

ية حوارة الاخيرة، حملت رسالة قوية للاحتلال مفادها، أن كل محاولاته لن تنجح في كسر إرادة الفلسطيني في التمسك بحقه المقاوم والدفاع عن نفسه وصد جرائم الاحتلال.

 

وقال: "كلما صعد الاحتلال من جرائمه كلما دَفع ذلك المقاومة الفلسطينية أن تبحث عن عمليات نوعية تكون موجعة ترد فيها الصاع صاعين للاحتلال وتكون الضربة بالضربة ".

 

وأضاف العقاد، أن جيش الاحتلال بات يدرك جيداً أن أي هجوم للمستوطنين على "حوارة" سيُفجر عمليات فدائية جديدة، لذلك منع المستوطنين، أول أمس السبت، من تنفيذ هجمات على البلدة، محذراً في الوقت ذاته من أن يكون ذلك تكتيكاً لهجمات أخرى، مما يتوجب من أهالي البلدة أن يكونوا على حذر شديد.

 

وأوضح المحلل السياسي، أن جيش الاحتلال لا يستطيع في المرحلة الحالية أن يخوض غمار مواجهة مع الفلسطينيين، نتيجة الازمة الداخلية لديه بسبب ما يًعرف بـ "الإصلاحات القضائية"، لذلك هو يكبح جماح المستوطنين حالياً، ولكنه متى سنحت الفرصة له سيطلق يدهم لارتكاب ما يحلو لهم من جرائم في "حوارة" وغيرها.

 

جرائم بغطاء

 

من جهته، الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور، يعتقد أن استفزازات المستوطنين، واعتداءاتهم اليومية ضد الفلسطينيين، وسياسة حكومة الاستيطان عوامل تدفع الى تصاعد العمليات الفدائية في الضفة.

 

وأرجع منصور لـ "الاستقلال"، تصاعد جرائم المستوطنين في "حوارة" خلال العام الجاري، إلى ما توفره حكومة الاحتلال المتطرفة، من غطاء سياسي وقانوني وحماية كاملة لهم، الأمر الذي دفعهم إلى التمادي أكثر في اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين.

 

وقال: " في ظل حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة يَتحكم بها غلاة المستوطنين أصبح وقف هذه العمليات بالأمر المستحيل ولا يمكن السيطرة عليها". 

 

وأشار منصور، إلى أن بلدة "حوارة" كانت تُعرف بأنها المنطقة الهادئة، واليوم تعد نموذجاً من النماذج التي حولها المستوطنون الى بؤرة مشتعلة تَشهد عمليات مقاومة نوعية.

 

وأوضح، أن منظومة أمن الاحتلال باتت تدرك أن تصاعد العمليات الفدائية هو نتاج جرائم وإرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين، ما يثبت أنها تأتي في إطار الدفاع عن النفس ومحاولة لردع المستوطنين عن ارتكاب جرائم جديدة.

 

الاحتلال وأدواته

 

وفي يوم 26 فبراير/شباط 2023، نفذ مقاومون فلسطينيون عملية فدائية قتلوا فيها مستوطنين اثنين في وسط الشارع الرئيسي لبلدة "حوارة" الواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها.

 

وعقب العملية، احتشد أكثر من مستوطن إسرائيلي قدموا من المستوطنات المحيطة بالبلدة والجاثمة على أراضيها، وخاصة من مستوطنتي "يتسهار" و"هار براخا"، ومع دخول ساعات المساء هاجموا البلدة وأحرقوا ممتلكاتها ومنازل مواطنيها ومركباتهم، في مشهد مكرر ذكّر الفلسطينيين بمآسي أيام النكبة عام 1948 وما ارتكبته العصابات الصهيونية آنذاك من مجازر بحقهم.

 

وخرجت دعوات لمحو بلدة حوارة أطلقها غلاة المستوطنين المتطرفين، مثل وزير مالية إسرائيل بتسلئيل سموتريتش، وهو ما طالب به أيضا دافيدي بن تسيون نائب رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، وأيده في ذلك وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

 

ومجددا تداول نشطاء في اليمين "الإسرائيلي" المتطرف من مستوطني الضفة الغربية المحتلة، الأحد، منشورًا يدعو لمحو بلدة حوارة الفلسطينية من الوجود، حيث جاء فيه "لنمحو حوارة فورًا".

 

وبلدة حوارة هي واحدة من 56 قرية وبلدة تتبع مدينة نابلس، ويعني اسمها باللغة السريانية "البياض" أو "الأرض البيضاء"، وسُميَّت بذلك لبياض تربتها المعروفة باللهجة الفلسطينية بـ"الحُوَّر".

التعليقات : 0

إضافة تعليق