الاستقلال/ سماح المبحوح:
على الرغم من اعتراف مؤسسات المجتمع الدولي بحقوق الشعب الفلسطيني، إلا أن قادة الاحتلال "الإسرائيلي" يصرون كل يوم على ترجمة سياسة التمييز العنصري في أقوالهم وأفعالهم، حيث أدلى بن غفير مؤخراً بتصريحات عنصرية ومعادية تتعلق بحرية تنقل الفلسطينيين بالضفة الغربية.
وقال وزير الأمن القومي "الإسرائيلي" إيتمار بن غفير في مقابلة عبر القناة 12 العبرية إن "حقه وحق زوجته وأولاده بالتنقل في "يهودا والسامرة" (التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية) أهم من حق العرب في التنقل"، مصيفا: "حقي في الحياة يأتي قبل حقهم في الحركة.. هذا هو الواقع". على حد زعمه.
ودانت الولايات المتحدة تصريحات بن غفير، وقالت في بيان صادر عن وزارة خارجيتها:" ندين بشدة التعليقات التحريضية وكل الخطابات العنصرية، وإن مثل هذه الرسائل ضارة بشكل خاص عندما تصدر من أولئك الذين يشغلون مواقع قيادية ولا تتناسب مع تحقيق تقدم في مراعاة حقوق الإنسان للجميع".
وفي الوقت ذاته، أيّد رئيس وزراء الاحتلال "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو تصريحات بن غفير بشأن حرية تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة زاعماً أن "إسرائيل تمنح أقصى قدر من حرية الحركة لكل من المستوطنين والفلسطينيين".
وأضاف نتنياهو في بيان أن القوات "الإسرائيلية" وضعت تدابير أمنية خاصة في الضفة الغربية لمنع وقوع عمليات إطلاق النار، زاعما أن "هذا ما قصده الوزير بن غفير".
ويرأس بن غفير إلى جانب منصبه كوزير، حزب "عوتسما يهوديت" القومي المتطرف أو حزب "القوة اليهودية" الذي يتبنى سياسات عنصرية معادية للعرب، وله تصريحات سابقة بالتحريض على العنصرية ودعم الإرهاب.
كما دان الاتحاد الأوروبي بشدة تصريحات بن غفير، مؤكدا أن المستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي، وتشكل عقبة أمام السلام وتهدد بجعل حل الدولتين غير قابل للتطبيق.
ودعا الاتحاد الأوروبي "إسرائيل" إلى السماح بتحسين ملموس في حرية التنقل والوصول للفلسطينيين، والسماح بتسريع البناء الفلسطيني، والسماح بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة (ج) والتوقف عن تعكير ظروف العيش للفلسطينيين فيها.
تمييز عنصري شامل
الباحث في الشأن "الإسرائيلي" نهاد أبو غوش أكد أن تصريحات بن غفير بشأن تنقل الفلسطينيين بالضفة تؤكد ممارسة دولة الاحتلال نظام التمييز العنصري "الأبارتهايد" ضد الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه.
وقال أبو غوش في تصريحات لـ "الاستقلال" السبت، إن تصريحات بن غفير جزء يسير من نظام التمييز العنصري الشامل الذي تفرضه دولة الاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني، إذ يعكس سياستها الممنهجة والمنظمة التي تحرمه من حقوقه الإنسانية والمدنية والسياسية".
وأضاف: "الفلسطيني مستهدف بكافة مناحي حياته، حيث تفرض عليه قوانين عنصرية مشددة بالسكن والتنقل والحركة والسفر والحصول على الوثائق الرسمية، وصولا لحقه في تقرير مصيره والحرية والاستقلال وبناء دولته".
وشدد على أن تصريحات بن غفير دليل واضح وصريح على المخططات المحاكة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وإخراجهم خارج الضفة الفلسطينية المحتلة، أو محاصرتهم في كانتونات على غرار كانتونات النظام العنصري البائد في جنوب إفريقيا، أو معسكرات الاعتقال الجماعي لأبناء الأرض الأصليين، إبان الغزو الأبيض لأميركا الشمالية.
وأشار إلى أن البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة تضاعف وسجل أرقامًا قياسية جديدة منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو قبل نحو 6 أشهر.
ولفت إلى أنه من مطلع العام الجاري 2023، صادقت حكومة نتنياهو على إقامة أكثر من 13 ألف وحدة استيطانية مقابل 10 آلاف وحدة تمت المصادقة عليها في عام 2020، ما ينعكس بشكل بشع على حياة الفلسطينيين من حيث التنقل والحركة وسرقة أراضيهم وصولا لقتلهم بفعل المستوطنين المحيطين بهم.
تحد للمجتمع الدولي
بدوره، أكد الخبير بشؤون الاستيطان صلاح الخواجا أن تصريحات بن غفير المشار إليها سابقاً، تعبّر عن تحد واضح وصريح للمجتمع الدولي الذي لا يعترف بشرعية المستوطنات ولا بوجود الاستيطان.
وشدد الخواجا في حديثه لـ "الاستقلال" السبت، أن بن غفير يؤكد هوية دولته والإجراءات القائمة عليها، وهي تشريد الفلسطينيين وممارسة سياسة التطهير العرقي والسيطرة على المناطق الفلسطينية.
ونوّه إلى أن شارع 443 الذي تم بناءه من أراضي منطقة عناتا للاستخدام العام، لكن على أرض الواقع بني ليربط مستوطنات الـ 48 بالقدس، كما شارعا 6 و90 اللذان يربطان المستوطنات ببعضها البعض ويستخدمان كجزء من المنظومة الأمنية للفصل بين القرى والبلدات المحيطة بمدينة رام الله وسط الضفة.
ولفت إلى أن أخطر الشوارع وهو رقم "6" الذي يعزل شمال الضفة ووسطها، وشارع رقم "1" الذي يربط شرقي القدس بغربها، حيث يفصل جنوب الضفة عن وسطها.
وأوضح أن الاحتلال يسيطر على 65% من مناطق "ج" بالضفة الغربية المحتلة، منها 18% تقع خلف الجدار ويسيطر عليها سيطرة كاملة، و7% مخصصة لمخططات هيكلية للمستوطنات، و3% مناطق تدريب عسكري ومعسكرات لقوات الاحتلال، إضافة لأكثر من 2% طرق رابطة بين المستوطنات.
وبين أن دولة الاحتلال تسيطر على حوالي 85% من مياه الضفة، إضافة لمخطط يحاك لسرقة ينابيع طوباس والعوجا والآبار التي ينتفع بها مربو الثروة الحيوانية، كذلك وجود خطة للاستيلاء على 2500منطقة أثرية بمناطق "ج" بالضفة من أصل 3000.
التعليقات : 0