غزة / معتز شاهين:
أعتبر محللان بالشأن السياسي أن تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، الذي أدلى بها مساء الاثنين، كشفت زيف تصريحات رئيس وزراء الاحتلال "بنيامين نتنياهو" التي زعم فيها أن "جهات خارجية تتحكم بزمام المبادرة بالضفة"، مؤكدين أن ما يحدث بالضفة إرادة فلسطينية حقيقية.
وأوضح المحللان في حديثيهما مع صحيفة "الاستقلال" الثلاثاء، أن السيد نصر الله، أعاد فرض معادلات الردع مع الاحتلال، وأدخل "نتنياهو" في مأزق جديد، وهو مأزق التحدي في الرد الموجع على أي عملية اغتيال تنفذها "إسرائيل" في الساحة اللبنانية لقيادات فلسطينية.
وقال السيد نصر الله إنه يرفض أي تغيير في قواعد الاشتباك المتبعة بين حزب الله و"إسرائيل" منذ عام 2006، مشدداً على أن أي اغتيال يتم على الأراضي اللبنانية سيكون له رد فعل قوي. حديث السيد نصر الله جاء خلال كلمة له مساء الاثنين بمناسبة ذكرى "التحرير الثاني" للسلسلة الشرقية وجرود البقاع في عام 2017، من الجماعات الإرهابية.
وجدد السيد نصر الله، ما تعهد به سابقا بأن "أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطول لبنانيا أو فلسطينيا أو سوريا أو إيرانيا أو غيرهم بالتأكيد سيكون له رد الفعل القوي، ولن نسمح بأن تفتح ساحة لبنان للاغتيالات، ولن نقبل على الإطلاق تغيير قواعد الاشتباك القائمة".
كما شدد على أن التهديدات الإسرائيلية "لا تجعل المقاومة تتراجع"، مضيفا "لا التهديد ولا تنفيذ التهديد سيضعف المقاومة، بل سيزيدها عنادا وعزما".
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال إن حكومته ستجعل من يمول الهجمات على "إسرائيل" يدفع ثمنا باهظا، وفق تعبيره، موجهاً رسالة تهديد لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، ومن قبله الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة، وعضو المكتب السياسي للحركة ومسؤول دائرتها العسكرية القائد أكرم العجوري، بتنفيذ عملية اغتيال ضدهم.
إرادة المقاومة فلسطينية
وأكد الكاتب والمحلل السياسي د. قسام الزعانين، أن تصريحات السيد حسن نصر الله، أعادت توجيه بوصلة الحديث إلى وجهتها الصحيحة، مفنداً حديث "نتنياهو" بأن المقاومة تتلقى تعليمات مباشرة من إيران، حيث أكد أن المقاومة بالضفة هي إرادة فلسطينية حقيقية.
وأكد الزعانين لـ "الاستقلال": أن تصريحات أمين عام حزب الله جاءت لتفضح "نتنياهو"، بعد الفشل الأمني في السيطرة على مجريات الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، ومحاولة وأد المقاومة هناك، وكشف زيف أقواله بأن جهات خارجية تتحكم بزمام المبادرة بالضفة.
وقال: "السيد نصر الله بعث برسالة أربكت الحسابات "الإسرائيلية" بشأن تهديداتها باغتيال شخصيات فلسطينية بارزة في قيادة المقاومة مُقيمة في الخارج"، مشدداً على أن هذه الرسالة أدخلت "نتنياهو" في مأزق جديد، وهو مأزق التحدي بين المقاومة اللبنانية وبين تصريحات "نتنياهو" العنترية.
كما أعاد السيد نصر الله فرض معادلات الردع مع الاحتلال والتي تم ترسيمها وتأكيدها عام 2006، حينما أكد على عدم سماح حزب الله بعودة سياسة الاغتيالات على ساحة لبنان، وأن الرد على ذلك سيكون كبيرا وموجعاً كما حدده في خطابات سابقة. وفق الزعانين.
وذكر أن تصريحات نصر الله، ستنعكس على حدة التهديدات "الإسرائيلية" داخل حكومة نتنياهو، التي ارتفعت وتيرها في الآونة الأخيرة، حيث سيكون ما بعدها ليس كما قبلها.
وعن شكل المرحلة المقبلة، يرى المحلل السياسي، أن هناك عدة سيناريوهات مغايرة عما كان ممكن أن يحدث منها توسيع العمليات العسكرية في الضفة الغربية، أو تنفيذ عمليات اغتيال دون المستوى العالي، سواء في الخارج أو في قطاع غزة، دون أن يستبعد أن توجه "إسرائيل" ضربة للقطاع تكون أكبر من تصعيد وأقل من حرب، حتى لا تخرج الأمور عن نطاقها.
وحدة ساحات وجبهات
بدوره، اتفق الكاتب والمحلل السياسي د. شريف الحلبي، مع سابقه بالقول، إن تصريحات السيد نصر الله جاءت لتوضح وتكشف زيف تصريحات "نتنياهو" التي زعم فيها أنه "لا يحارب منظمات بالضفة الغربية وإنما يحارب دولة"، مشدداً على أن ما تشهده الضفة الغربية من تصاعد للمقاومة هو صناعة فلسطينية.
وأضاف الحلبي لـ "الاستقلال"، أن شرف تأسيس الكتائب المقاتلة المنتشرة في الضفة الغربية يعود لحركة الجهاد الإسلامي وبجانبها فصائل المقاومة، وهذا بات معروفاً للجميع بدليل دماء الشهداء القادة التي روت ثرى الوطن، ومنهم الشهيد القائد طارق عز الدين الذي اغتالته "إسرائيل" بدعوى مسؤوليته عن إدارة عمليات المقاومة بالضفة.
وأوضح، أن تأكيد الأمين العام لحزب الله، على دعم المقاومة اللبنانية للمقاومة الفلسطينية، يأتي في سياق الثمرة التي حققتها المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها سرايا القدس، وهي ثمرة "وحدة الساحات" ومن ثم "وحدة الجبهات".
وأشار الحلبي، إلى أن تهديدات نصر الله بالرد على أية جريمة اغتيال "إسرائيلية" تطال شخصيات فلسطينية مُقيمة على أراضيها، هو تأكيد على المعادلة التي باتت تجمع قوى المقاومة وأن موقف المقاومة في لبنان لن يتوقف عند الدعم والتأييد وإنما منخرط في الصراع مع الفلسطينيين، وهذه تعد نقطة قوة للمقاومة الفلسطينية.
وفي معرض إجابته عن كيفية تعاطي الاحتلال مع تهديدات حزب الله، أكد المحلل السياسي، أن الاحتلال يعي تماماً مصداقية السيد حسن نصر الله، ولذلك فإن تصريحاته الأخيرة سيكون لها وقع كبير داخل أروقة المؤسسة الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية"، وأنها تأتي في سياق تأكيد الجدية، خاصة وأن نصر الله ألزم نفسه بالرد على أية عملية اغتيال على الأراضي اللبنانية تطال قادة المقاومة، وبالتالي عملية الرد باتت رهن إقدام العدو على أية حماقة هناك.
وتابع الحلبي: "تهديدات نصر الله ستجعل الصورة معقدة أمام الاحتلال، خاصة وأنه كان يعتقد أن أية مواجهة يستطيع أن يجعلها مضبوطة سواء في الجغرافية أو قوة النار، لكن مع تهديدات حزب الله السابقة والحالية، ومنها إعادة الكيان إلى العصر الحجري، ستكون الأمور أصعب وقد تتدحرج إلى مواجهة واسعة".
التعليقات : 0