غزة / معتز شاهين:
أكد محللون ومختصون بالشأن السياسي، إن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل» الذي دخل حيز التنفيذ فجر أمس الأربعاء جاء نتيجة الضغوط العسكرية التي مارسها حزب الله على «إسرائيل» و شكلت عامل ضغط كبيراً خاصة في الجبهة الشمالية، مما دفع (تل أبيب) إلى قبول الاتفاق بشكل سريع.
ويرى المحللون في أحاديث منفصلة مع «الاستقلال» أمس الأربعاء، أن عدم التوصل الى اتفاق في قطاع غزة يجعلها محور التركيز الأساسي، ليس فقط كعنوان للتصعيد العسكري، بل أيضًا كعنوان محتمل لأي حل سياسي مستقبلي.
ودخل فجر أمس الأربعاء، اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والاحتلال الإسرائيلي حيز التنفيذ، لينهي المعارك بين الجانبين التي استمرت منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.ومع بدء سريان وقف إطلاق النار، بدأ عدد كبير من مركبات اللبنانيين من العودة إلى مناطقهم بالجنوب، في حين أعلن الجيش اللبناني أنه يتخذ الإجراءات اللازمة لاستكمال انتشاره في الجنوب، مع بدء سريان وقف إطلاق النار.
وقال الجيش، في بيان عبر منصة إكس: «مع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، يعمل الجيش على اتخاذ الإجراءات اللازمة (لم يحددها) لاستكمال الانتشار في الجنوب».
وأوضح أن «هذه الخطوة تأتي وفق تكليف الحكومة اللبنانية، وتنفيذ مهمات الجيش بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان اليونيفيل ضمن إطار القرار 1701.
معادلة غزة
يرى الكاتب والمحلل السياسي عاهد فروانة أن توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل» جاء نتيجة لتلقي الأخيرة جملة ضربات قوية من حزب الله، والتي بدورها ستفتح الباب أمام تداعيات استراتيجية على المستويين العسكري والسياسي.
وقال فروانة ل «الاستقلال»، الأربعاء، إن الضغوط العسكرية التي مارسها حزب الله على «اسرائيل» شكلت عامل ضغط كبيراً خاصة على الجبهة الشمالية، مما دفع (تل أبيب) إلى قبول وقف إطلاق النار مع لبنان بشكل سريع.
وأضاف أن «إسرائيل كانت بحاجة إلى تخفيف الضغط العسكري على الجبهة الشمالية لتركيز جهودها على جبهات أخرى، لا سيما في غزة، مما جعل الاتفاق مع لبنان خطوة ضرورية لتقليل الخسائر العسكرية وضمان عدم تصاعد التوتر في هذه المنطقة».
وأشار فروانة إلى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أبدى مرونة عالية من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان لكنه ما يزال يعرقل الاتفاق بغزة، مبيناً أن السبب يعود إلى عدة عوامل استراتيجية وعسكرية، أبرزها أن غزة تُعتبر نقطة الصراع الأساسية بين «إسرائيل» والفصائل الفلسطينية، حيث تتسم بأبعاد أمنية وسياسية معقدة.
وشدد، أن توقيع الاتفاق في غزة له تعقيدات كثيرة، حيث يُعتبر أي اتفاق مع الفصائل كتنازل سياسي قد يُنظر إليه إسرائيليا كضعف، ما قد يضعف موقف نتنياهو وحكومته أمام الرأي العام الإسرائيلي.
ونبه فروانة الى أن توقيع الاتفاق سيترك تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الوضع في غزة، حيث قد يتيح لإسرائيل إعادة نشر قواتها والتركيز بشكل أكبر على جبهة غزة، مما قد يزيد من حدة التصعيد العسكري في القطاع.
خطوة استباقية
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي عصمت منصور إن اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي ولبنان يحمل أبعادًا متعددة تتجاوز الساحة اللبنانية، حيث يترتب عليه تداعيات مباشرة وغير مباشرة.
وأضاف منصور لـ»الاستقلال»، الأربعاء، أن خروج لبنان من دائرة الصراع يشكّل ضغطًا أقل على « إسرائيل»، الأمر الذي يمنح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو هامشًا أوسع للتحرك سياسيًا وعسكريًا، وقد يدفعه ذلك إلى اتخاذ موقف أكثر تشددًا تجاه غزة.
وأشار إلى أن تخفيف التوتر مع لبنان سيؤدي إلى إخلاء عدد كبير من الجنود من الجبهة الشمالية، مما يتيح لإسرائيل إعادة نشر قواتها في غزة وتعزيز الضغوط الميدانية هناك.
وأردف: «بقاء غزة خارج الاتفاق يجعلها محور التركيز الأساسي، ليس فقط كعنوان للتصعيد العسكري، بل أيضًا كعنوان محتمل لأي حل سياسي مستقبلي»، مشدداً على أن هذا الواقع يفتح الباب للتساؤلات حول أسباب نجاح التوصل إلى اتفاق مع لبنان، في حين ما تزال غزة غارقة في التصعيد، مما يثير تساؤلات داخلية ودولية حول الأطراف المسؤولة عن ذلك.
ويرى منصور أن لجوء الاحتلال الإسرائيلي إلى إبرام اتفاق سريع مع لبنان، في مقابل استمرار التصعيد في غزة، يعود إلى عدة اعتبارات استراتيجية وسياسية، أبرزها أن الوضع على الجبهة اللبنانية كان يشكل تهديدًا مباشرًا للعمق الإسرائيلي، خاصة مع انخراط حزب الله في عمليات متصاعدة.
وأوضح أن» إسرائيل» تدرك أن الساحة اللبنانية معقدة سياسيًا وأمنيًا، ومن مصلحتها احتواء الوضع هناك بسرعة لتجنب تدخلات أطراف إقليمية أخرى، مثل إيران. وبالتالي، جاء الاتفاق كخطوة استباقية للسيطرة على الموقف.
وأكد المحلل السياسي أن الواقع الميداني والسياسي في لبنان فرض نفسه على قرار حزب الله بقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع» إسرائيل»، موضحاً أن الحزب لم يعد في موقع المبادر لفتح الجبهات، خاصة في ظل كثافة النيران التي غيّرت معادلة الحرب وعدد القتلى في صفوف جنود جيش الاحتلال.
التعليقات : 0