غزة/ معتز شاهين:
في وقتٍ يشهد فيه قطاع غزة والشرق الأوسط توترات متصاعدة، أثار الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الجدل بتصريحاته الأخيرة التي توعد فيها بـ "جحيم" غير مسبوق في المنطقة إذا لم يتم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة قبل تنصيبه في 20 يناير القادم.
ويرى كُتّاب ومحللون سياسيون أن هذه التصريحات تندرج ضمن سياق الاستهلاك الإعلامي، وأن ترامب القادر على "الرجل الخطير" يسعى دائمًا لإبراز نفسه ك اتخاذ خطوات غير متوقعة.
وشكك المحللون في أحاديث منفصلة مع صحيفة الأربعاء، في قدرة ترامب على ممارسة "الاستقلال" أو إنهاء الحروب في "إسرائيل" ضغوط فعالة على الشرق الأوسط، مؤكدين أن وعوده السابقة كانت مجرد شعارات انتخابية.
وكان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد قال في تصريحات سابقة إنه إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى في قطاع غزة قبل تنصيبه في 20 يناير/كانون في الثاني المقبل، فستكون هناك "جحيم" في الشرق الأوسط.
وذكر ترامب في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: "سيتلقى المسؤولون ضربات أشد من أية ضربات تلقاها شخص في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية الطويل والحافل.. أطلقوا سراح الأسرى الآن".
تصريحات شعبوية
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عزام أبو العدس أن تصريحات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب قد يشتعل إذا لم يُفرج عن الأسرى في » جحيم « حول غزة، تبدو أقرب إلى الاستهلاك الإعلامي، إذ تندرج الرجل « ضمن نمط ترامب في تصوير نفسه على أنه القادر على اتخاذ خطوات غير متوقعة، دون أن » الخطير يكون لها انعكاس واقعي واضح.
وقال أبو العدس لـ "الاستقلال"، إن ترامب يسعى دائمًا لاستثمار صورته كشخصية غير قابلة للتنبؤ، ويعتمد على تهديدات تصعيدية لإبراز هذه الصورة، مشيرًا إلى أن تهديداته تجاه المنطقة، بما في ذلك حركة حماس، تندرج ضمن تصريحاته الشعبوية التي تهدف لترويج فكرة "الرجل الذي لا يمكن التنبؤ به".
وشكك في قدرة ترامب على الضغط على إسرائيل لإنهاء الحرب على قطاع غزة، لا سيما في ظل غياب التهديدات الجادة بفرض عقوبات أو استخدام وسائل ضغط فعالة ضدها، مبينًا أن الواقع على الأرض يجعل من الصعب تصديق أن الولايات المتحدة يمكن أن تقدم أكثر مما فعلته حتى الآن، بعد أكثر من عام من الدعم العسكري غير المحدود لإسرائيل.
وفيما يتعلق بتصريحات ترامب الحالية ووعوده خلال فترة ولايته بإنهاء الصراعات في الشرق الأوسط، يوضح أبو العدس أن هذه الوعود كانت، في الغالب، موجهة لتحقيق مكاسب انتخابية، خصوصًا لدى العرب والمسلمين داخل الولايات المتحدة وخارجها. لكنه يرى أن ترامب فشل في إنهاء حروب كبرى، مثل الحرب الأوكرانية، حيث أن إنهاءها بشروط تخدم روسيا قد يضعف التحالفات الأمريكية.
بعنجهية واستعلاء
وأكد الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن تصريحات دونالد ترامب التي توعد فيها بجعل الشرق الأوسط يشهد "جحيمًا" غير مسبوق إذا لم يتم إطلاق سراح الأسرى في غزة قبل تنصيبه، تعكس نهجًا يتسم بالعنجهية والاستعلاء، موضحًا أنه يريد إيصال رسالة ليهود أمريكا و(تل أبيب).
وقال الصباح لصحيفة "الاستقلال" الأربعاء، إن هذه التصريحات تثير تساؤلات عن طبيعة التهديدات التي يلمح إليها ترامب، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة سبق أن استخدمت قنابل ذرية في تاريخها، متسائلًا: هل يمكن أن يتجاوز ترامب هذا السجل؟
وأضاف أن ترامب يتعامل مع الشرق الأوسط وكأنه ملكية أمريكية، ويرى أن التعامل مع شعوب المنطقة على أساس قضايا مثل أسرى الاحتلال لدى المقاومة يعكس نظرة استعلائية تهدد ليس فقط الشرق الأوسط بل البشرية جمعاء.
وذكر الصباح أن ترامب يتصرف وكأن الولايات المتحدة هي قدر إلهي للبشرية، وهو تصور يتطلب موقفًا عالميًا قويًا لردعه، بدلاً من الخضوع لاستبداد "بقر راعي"، وفق تعبيره.
وعن تناقض تصريحات ترامب مع وعوده السابقة بإنهاء الحروب في الشرق الأوسط، يقول الصباح إن هذه الوعود لم تكن سوى شعارات خالية من المضمون، موضحًا أن ترامب لم يحدد كيف سينهي الحروب، لكنه أظهر بوضوح أنه يعتقد أن السطوة والعنجهية يمكن أن تفرض الاستسلام على الشعوب.
وبين المحلل السياسي أن الهدف من تصريحات ترامب هو حث زعماء العالم على ممارسة ضغوط على حركة حماس والمقاومة في غزة؛ من أجل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، مردفًا: "إذا لم تضغطوا على حماس وتسلموا الأسرى، فإنكم ستدفعون الثمن."
التعليقات : 0