مصادرة مكبّرات الصوت من مساجد الداخل المحتل.. إشعالٌ لفتيلِ الحرب الدينية

مصادرة مكبّرات الصوت من مساجد الداخل المحتل.. إشعالٌ لفتيلِ الحرب الدينية
تقارير وحوارات

مصادرة مكبّرات الصوت من مساجد الداخل المحتل.. إشعالٌ لفتيلِ الحرب الدينية

غزة/ سماح المبحوح:

في الوقت الذي تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف وتدمير مساجد قطاع غزة خلال حربها المستمرة منذ أكثر من عام، تعمل حكومتهم المتطرفة على إسكات صوت المساجد أيضاً في مناطق الداخل الفلسطيني المحتل، عبر قرارات تستفز مشاعر الفلسطينيين.

ومؤخراً، أصدر وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير تعليمات للشرطة بمصادرة مكبرات الصوت من المساجد، خاصة بالمدن المختلطة (التي يسكنها عرب ويهود)؛ بزعم أنها "تسبّب إزعاجاً للسكان المحليين، وهو الأمر الذي ندّد به نواب عرب في الكنيست، واصفين إياه بـ"محاولة إشعال حرب دينية".

والقرار سيسمح للشرطة بدخول المساجد ومصادرة معدات الصوت إذا تم استخدامها لبث الأذان، بالإضافة إلى فرض غرامات على المساجد التي تقوم بذلك.

وفي منشور عبر شبكة "إكس"، أعرب الوزير المتطرف إيتمار بن غفير والمثير للجدل عن "فخره" بهذه الخطوة، مؤكداً أنها ستساهم في القضاء على "الضوضاء المفرطة" التي يسببها الأذان، والتي يراها وفقًا له "تهديدًا لسكان إسرائيل".

وأضاف: "معظم الدول الغربية وبعض الدول العربية تفرض قيوداً على الضوضاء، بينما تسود الفوضى في هذا الشأن داخل "إسرائيل"، وتابع: "الصلاة حق أساسي، لكن لا يمكن أن تأتي على حساب جودة حياة السكان"، على حد قوله!

ومن أبرز المنددين بالقرار، النائب العربي أحمد الطيبي، عضو كتلة "الجبهة – العربية للتغيير" الذي قال: إن "بن غفير مصمّم على إشعال حرب دينية من خلال استغلال أجواء الحرب؛ لإرضاء جمهور ناخبيه وقمع المجتمع العربي وملاحقة المواطنين العرب.

وأضاف الطيبي، في بيان: "هذه المرة وصل بن غفير إلى المؤذنين والمساجد، سنناضل ضد هذا القمع والإسلاموفوبيا"".

خطوات تصعيدية

النائب العربي السابق عن حزب التجمع الوطني الديمقراطي في الكنيست الإسرائيلي واصل طه، أكد رفضهم قرار بن غفير القاضي بمصادرة مكبرات الصوت الخاصة بمساجد الداخل المحتل، مشدداً على اتخاذهم جملة من الخطوات التصعيدية رفضاً للقرار.

وقال طه في حديثه لـ"الاستقلال": "لم ولن نرضى بالتصرفات العنجهية الصادرة عن اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولن نسمح بتماديهم والمسّ بحرية العبادة الفردية والجماعية الخاصة بنا كمسلمين".

وأضاف:" القرار يأتي خلافاً لما قامت عليه "إسرائيل"، حيث ينص أحد قوانين وثيقة الاستقلال الخاصة بهم على حرية الديانات والعبادة للأفراد والجماعات"، مشيراً إلى أن ذلك يُعد سبباً قوياً أمام المحاكم لإفشال القرار.

وأوضح إلى أنهم سيلجأون للمسار القانوني، وسيرفعون قضية بمحكمة العدل العليا؛ لإسقاط القرار، وفي حال فشلوا في ذلك سيلجأون للنضال الشعبي لوقف ممارسات اليمين المتطرف، أيضاً للمحافل الدولية.

وبيّن أن القرار هو محاولة للتعدي عليهم ومنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية كعرب ومسلمين داخل مدنهم وقراهم، مؤكداً أنه في حال تنفيذ القرار فإنه سيشعِل فتيل المواجهات.

تداعيات خطيرة

محمود مواسي عضو لجنة المتابعة العليا بالداخل الفلسطيني المحتل، حذر من التداعيات الخطيرة لقرار المتطرف العنصري بن غفير الهادف لإسكات صوت الأذان في مساجد مدن الداخل المحتل بمبررات واهية.

وشدد مواسي لـ "الاستقلال" على اتخاذهم مجموعة من الخطوات التصعيدية في حال تنفيذ القرار، على غرار هبة الكرامة في مايو/أيار 2021 التي تعتبر المواجهة الأبرز لفلسطينيّي الداخل، والتي تجلّت في انتفاضة شعبية وحّدت ساحات فلسطين التاريخية؛ نصرةً للقدس والمسجد الأقصى وتحدياً لسياسات الاحتلال العنصرية، وتزامنت مع عدوان شرس على قطاع غزة.

 وأشار إلى رفعهم الأذان في كل بيت بمناطق الداخل المحتل في حال تمّت مصادرة مكبرات الصوت الخاصة بالمساجد، إضافة لعودة التظاهرات المنددة بذلك، محملاً حكومة الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية ما سيجري من أحداث في مناطق الداخل؛ دفاعاً عن أحد أركان الدين الإسلامي.

وأكد على عدم سماحهم بتمرير القرار وجملة القرارات التعسفية التي تلحِق الضرر بالمجتمع العربي، والتي تهدف لإضعاف أهله والمسّ بمشاعرهم كمسلمين، موضحاً استمرار عملهم الدؤوب للمحافظة على مقدساتهم الإسلامية ودينهم وعقيدتهم وثوابتهم.

إشعال حرب دينية

دان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، خطيب المسجد الأقصى المبارك، الشيخ محمد حسين، قرار ما يُسمى بوزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير بالاستيلاء على مكبرات الصوت الخاصة ببث الأذان من المساجد بذريعة أن الأذان يزعج المواطنين اليهود، وبفرض غرامات في الحالات التي لا يمكن الاستيلاء على السماعات فيها.

وقال حسين في بيان صادر عن دار الإفتاء الفلسطينية، إن القرارات تأتي ضمن سياسة التعسف والقمع الإسرائيلي والتدخل في شؤون العبادة، والاعتداء على الشعائر الدينية في الأراضي الفلسطينية بأكملها.

وأكد أن نداء (الله أكبر) الذي تصدح به مآذن المساجد لن يُسكَت مهما حاولت سلطات الاحتلال فرض الغرامات والعقوبات؛ لأنه مرتبط بالعقيدة والإيمان، وهو من العبادات والشعائر الإسلامية المتوارثة، وليس كما يصوره الاحتلال على أنه نداءُ إزعاج.

 وأضاف أن: "تفكير سلطات الاحتلال يمثل تدخلاً سافراً في عبادة من عبادات المسلمين وشعيرة من شعائرهم، محذراً من إشعال حرب دينية في المنطقة برمتها".

وطالب المجتمع الدولي، دولاً وحكومات وهيئات ومنظمات متخصصة، بضرورة التدخل لوقف هذه الاعتداءات على المساجد في الأراضي الفلسطينية بأكملها، ومنع سلطات الاحتلال الإسرائيلي من التدخل في عبادات المسلمين وشعائرهم؛ لأنها حق للمسلمين في فلسطين وشتى بقاع الأرض، واصفاً هذا القرار بالعنصري، ومخالفاً للقوانين والأعراف والشرائع السماوية.

ويُعرف إيتمار بن غفير بمواقفه المتشددة وتصريحاته العدائية ضد الفلسطينيين، التي أثارت جدلاً واسعاً وانتقادات داخل "إسرائيل" وخارجها.

ومع العدوان الإسرائيلي الذي بدأ على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعّد بن غفير تصريحاته التحريضية، داعياً إلى إعدام الأسرى الفلسطينيين، وضم الضفة الغربية بالكامل، وإعادة الاستيطان في القطاع.

كما أعلن عن رفضه القاطع لأية صفقة تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية في غزة، مهدداً بالانسحاب من الحكومة وتفكيكها إذا تم إبرام مثل هذه الصفقة.

التعليقات : 0

إضافة تعليق