خطّة سموتريتش

تحليل: حلُّ "الإدارة المدنية" بالضفة يهدف إلى تحويلها جزءًا لا يتجزأ من "إسرائيل"

 تحليل: حلُّ
تقارير وحوارات

                                  خطّة سموتريتش

   تحليل: حل "الإدارة المدنية" بالضفة يهدف إلى تحويلها جزءًا لا يتجزأ من "إسرائيل"

غزة/ سماح المبحوح:

يوماً بعد الآخر يحوّل اليمين المتطرف الإسرائيلي حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة إلى جحيم لا يُطاق، حيث يسعى وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش لحلّ "الإدارة المدنية" المسؤول عنها في الضفة الغربية، كجزء من خطّته لتطبيق "السيادة" الإسرائيلية على الضفة الغربية وجعل صلاحياتها بيد المستوطنين.

ويعتزم وزير المالية "الإسرائيلي" المتطرف بتسلئيل سموتريتش، حلّ "الإدارة المدنية" المسؤول عنها في الضفة الغربية، كجزء من خطّته لتطبيق "السيادة" الإسرائيلية على الضفة الغربية.

وكشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن أنّ سموتريتش أعرب خلال حديث مع مسؤولين كبار في "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال، عن أمله في أن يكون هو من ينفّذ هذه الخطوة التي وصفها بـ "الفرصة التاريخية".

وأوضح أنه يأمل في تحقيق إنجاز كبير مع الإدارة الأميركية الجديدة؛ لتحقيق التطبيع الكامل مع "إسرائيل"، ونقل الوزارات الحكومية إلى الضفة الغربية.

كما أعلن عن مصادرة أكثر من ٢٤ ألف دونم من الأراضي الفلسطينية، لصالح الاستيطان في الضفة الغربية.

وأشارت الصحيفة إلى أن إغلاق وحدة "الإدارة المدنية" التابعة لجيش الاحتلال هي خطوة بالغة الأهمية تمهيداً لتنفيذ مخطط الضم، بادّعاء أنها "تقدم خدمات مدنية" لحوالي 250 ألف فلسطيني في المناطق "ج"، التي تشكل مساحتها 60% من مساحة الضفة الغربية، وتخضع لسيطرة مدنية وأمنية إسرائيلية بحسب اتفاق أوسلو.

الجدير بالذكر أن المستوطنين يسيطرون على 3.5 % من أراضي الضفة الغربية، لكن حكومة بنيامين نتنياهو ضاعفت ثلاث مرات تقريباً مساحات الأرض الخاضعة لنفوذهم، بحيث أصبح مجموع هذه الأراضي 10%.

كما يوجد مساحة تُقدر بـ 50 % خاضعة مباشرة للجيش "الإسرائيلي"، في حين تخضع مساحة 40%  من الضفة للسلطة الفلسطينية، تنتهك بلا هوادة.

والمعروف أن هناك نحو 600 ألف مستوطن يعيشون في مستوطنات الضفة الغربية، و250 ألف فلسطيني يعيشون في البلدات والقرى المحاطة بالمستوطنات ويخضعون لسيطرة الجيش والإدارة المدنية الإسرائيلية.

والخطوة التي يبادر إليها سموتريتش الآن هي إلغاء جهاز "الإدارة المدنية" ونقل جميع مسؤوليات الحكم في الضفة الغربية إلى الحكومة الإسرائيلية ووزاراتها ودوائرها الحكومية؛ ما يعني بشكل عملي ضمها إلى السيادة الإسرائيلية.

وأضافت الصحيفة أن إغلاق "الإدارة المدنية" هو عملياً "ضمّ رسمي" للضفة الغربية، بادعاء أن الوزارات الإسرائيلية "ستُضطَر إلى منح خدمات لسكان هذه المنطقة.

وكان سموتريتش، قد قال في وقتٍ سابق إنّ "تطبيق السيادة الإسرائيلية" على الضفة الغربية يتطلّب تغييرًا جذريًا في النظام الحالي، لافتًا إلى أنّ المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية البالغ عددهم نحو 500 ألف مستوطن (بدون شرق القدس)، لا يجب أن يعتمدوا على خدمات الإدارة المدنية التي وصفها بأنها "غير ملائمة".

وعمل سموتريتش، منذ توليه منصب الوزير في وزارة الأمن والمسؤول عن الاستيطان والمستوطنين و"الإدارة المدنية" على وضع مخطط الضم وتحويله إلى مخطط قابل للتنفيذ."

مخاطر كبيرة

المختص بشؤون الاستيطان سهيل خليلية، يؤكد خطورة إلغاء سموتريتش "الإدارة المدنية" في الضفة الغربية، مشدداً على أن سموتريتش يحاول إعادة ترتيب الجغرافيا السياسية للضفة الغربية، ومنح مجالس المستوطنات "دولة" أو "حكمًا ذاتيًا" فيها، ومنحهم الإمكانات اللازمة لتعزيز هذه "الدولة".

وأوضح خليلية في حديثه لـ"الاستقلال" أن مشروع "الدولة" أو "الحكم الذاتي" للمستوطنين يتجلى في عملية تسليح المستوطنين التي يقوم عليها المستوطن الآخر في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، من خلال عمله وزيراً للأمن القومي، وتوليه المسؤولية عن جهاز الشرطة بصلاحيات موسعة، حصل عليها بموجب اتفاقه مع نتنياهو.

وبيّن أن "الإدارة المدينة" هي هيئة عسكرية كاملة، أي جزء من هيكلية جيش الاحتلال تتحكم بشكل مباشر في أمور التخطيط والتنظيم والتراخيص، كذلك مسؤولة عن حل النزاعات القضائية بين حكومة الاحتلال والشعب الفلسطيني، مشدداً على أن إلغاءها يعني نقل صلاحياتها للمستوطنين.

وأشار إلى أنه ما بين مخطط ضم الضفة الغربية وبداية تسليم صلاحيات "الإدارة المدنية" لمجالس المستوطنات، يحاول سموتريتش أن يبعث برسالة للعالم أن ما يحدث في الضفة ليس احتلالاً، إنما هو نزاع بين مستوطنين يهود وفلسطينيين.

ووفقاً لخليلية، فإن خطورة ما سيقوم به سموتريتش تكمن كذلك في الوضع المأساوي الذي ستشهده المنشآت والمنازل الفلسطينية خلال الفترة القادمة، من خلال زيادة عملية الهدم، على عكس ما ستشهده المشاريع الاستيطانية.

وقال إن: "سموتريتش عيّن شخصاً مقرباً منه يُدعَى (هيلل روث) في منصب نائب له في الإدارة المدنية، بدعوى متابعة البناء غير القانوني في المناطق "ج"، وهو يندرج تحته مراقبة أيّ بناء غير قانوني سواءً من الفلسطينيين أو المستوطنين، إلا أن ما يحدث هو تجاهل البناء الاستيطاني، وملاحقة البناء الفلسطيني".

وأضاف أن: "عمليات متابعة عمليات البناء في المناطق "ج" تتم بالتعاون مع منظمة ريغافيم الاستيطانية، التي كان سموتريتش أحد مؤسسيها قبل توليه وزارة المالية، وأصبحت تقاريرها تجد استجابة كبيرة من الإدارة المدنية والجيش في عهده".

وأكد أن عمليات الهدم للمنازل والمنشآت الفلسطينية التي نفذتها "الإدارة المدنية" وجيش الاحتلال في عام 2023، وهو العام الأول لسموتريتش في الحكومة، طالت 1175 عملية هدم، مقابل 954 عملية هدم في عام 2022.

وأشار إلى أنه حتى منتصف شهر أيلول/سبتمبر من العام الجاري، بلغت عمليات الهدم 1234 عملية، أي أنها أكبر من عمليات الهدم في العام الماضي 2023 بأكمله، ما يؤكد أن عمليات هدم المنازل والمنشآت تسير في اتجاه تصاعدي سنويًا، وستزداد وتيرتها مع إلغاء "الإدارة المدنية".

جحيم لا يُطاق

بدوره، يرى الباحث والمختص بالشأن السياسي الإسرائيلي أنس أبو عرقوب، أن سموتريتش يسعى من خلال إغلاق "الإدارة المدنية"، إلى تحويل الضفة الغربية جزءاً لا يتجزأ من "إسرائيل" بخطوات تدريجية.

وقال أبو عرقوب لـ "الاستقلال" إن: "تأثير هذه الإدارة على الفلسطينيين عميق ومقعد، حيث ستساهم في توسيع المستوطنات وتعزيز نظام الفصل العنصري الذي تفرضه "إسرائيل".

وأضاف: "تعمل الإدارة المدنية الإسرائيلية من خلال ثمانِ دوائر تُسمّى (مديريات التنسيق والارتباط) منتشرة في مختلف مناطق الضفة الغربية، وهو ما يتيح للاحتلال السيطرة على جميع جوانب الحياة الفلسطينية".

وأشار إلى أن الإدارة المدنية تتولى عدة مهام رئيسية في المناطق الفلسطينية المحتلة، منها تنظيم البناء والهدم، وإصدار التصاريح للفلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر، وتوفير البنية التحتية للمستوطنات مثل: شق الطرق وربطها بالمياه والكهرباء.

ولفت إلى أن الإدارة المدنية تعتمد على نظام مركزي يعيق حياة الفلسطينيين اليومية، ويحد من قدرتهم على اتخاذ قرارات حيوية بدون موافقتها، ما يحول حياتهم لجحيم لا يُطاق.

وبحسب أبو عرقوب فإن أكبر تغيير حملته حكومة نتنياهو للواقع في الضفة الغربية كان تغيير الهيكلية الإدارية في الإدارة المدنية، التي كانت تتبع لجيش الاحتلال، وتتولى إدارة الشؤون غير العسكرية للأراضي المحتلة، وأصبحت الآن بعد التغيير الجديد تتبع بشكل مباشر لسموتريتش، الذي تولّى مهام وزير فيها، وعيّن إلى جانبه مستوطنين مقربين منه.

وأكد أن حصول سموتريتش على صلاحيات رئيسية في "الإدارة المدنية" نقل فعلياً ملف الاستيطان في الضفة الغربية إليه، الذي بادر لتقليص الإجراءات المتبعة لإنشاء مستوطنات أو وحدات استيطانية.

التعليقات : 0

إضافة تعليق