غزة/ سماح المبحوح:
أصاب قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والقاضي بإلغاء مخصصات الأسرى الشهداء والجرحى ونقلها من وزارة التنمية الاجتماعية وتحويلها إلى المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي عائلاتهم بالصدمة، لكونه يعمل على مسح وشطب تضحيات أبنائهم بجرة قلم.
وأصدر رئيس السلطة الفلسطينية عباس، الاثنين الماضي، مرسومًا رئاسيًا يقضي بإلغاء القوانين المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، مع نقل إدارة البرنامج وقاعدة بياناته من وزارة التنمية الاجتماعية إلى المؤسسة الوطنية للتمكين الاقتصادي.
أثار المرسوم الرئاسي، غضباً وجدلاً داخلياً كبيراً، خاصة بين الأسرى المحررين وعائلاتهم، بعد سنوات من الضغط الأميركي والإسرائيلي لإجبار السلطة على وقف دفع هذه الرواتب.
وتأتي هذه الخطوة وسط توجه السلطة الفلسطينية للتواصل مع إدارة الرئيس الأميركي "دونالد ترامب"، لمناقشة إصلاحات في آلية دفع رواتب الأسرى، في محاولة لتخفيف الضغوط الصهيونية والأميركية، التي تعتبر هذه المخصصات تمويلًا للإرهاب.
ونقل موقع "أكسيوس" عن مسؤول فلسطيني أن الرئيس عباس أصدر قرارا بإلغاء القوانين التي كانت تحول بموجبها المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء، في خطوة أبلغت بها السلطة الفلسطينية الإدارة الأميركية مسبقا.
تصرف غير منطقي
وفي خضمّ الأسى والمعاناة التي يعايشها الأسير مهند أبو عيشة (44 عاما) من نابلس داخل سجن رامون الاحتلالي، زاد قرار رئيس السلطة محمود عباس بإلغاء القوانين المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى من معاناة عائلته.
فلا يشغل بال أم العبد شقيقة الأسير مهند سوى التفكير كثيراً في ليالي الشتاء الطويلة عن سبب الجزاء الذي فرضه عليهم بعد التضحيات الجسام التي قدمها شقيقها قبل اعتقاله في 23/6/2004، وعلى إثرها اتهمه الاحتلال بالانتماء لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والمشاركة في عمليات للمقاومة ضده.
وتقول لـ"لاستقلال":" لا عقل ولا منطق سستوعب القرار، ولا قادرين نعرف ما هو السبب وراء هذا القرار المجحف بحق عائلة كل أسير وشهيد وجريح ".
وتضيف بحسرة وألم :" الراتب الشهري الذي نستلمه لمهند نعمل على تحويشه له حتى نزوجه ونشوف أولاده بعد ما يقضي محكوميته البالغة 30 عاما، ويتم الافراج عنه من السجن، لكن الان اختلف الأمر بعد القرار".
قرار مفاجئ ومدان
بدوره، دان مدير مركز أسرى فلسطين للدراسات رياض الأشقر القرار الرئاسي الأخير القاضي بإلغاء مخصصات الأسرى وفئات أخرى، مشدداً على أن القرار سيحول قضيتهم الوطنية إلى قضية تسول للمساعدات المالية من الجمعيات.
وقال الأشقر لـ"الاستقلال" :" في الوقت الذي يلتف فيه أبناء شعبنا خلف قضية الأسرى ويحتفل بتحرير المئات منهم بصفقة طوفان الأقصى، نتفاجأ بالقرار الرئاسي القاضي بإلغاء مخصصات الأسرى وفئات أخرى".
وأضاف:" المخصصات المالية هي حقوق يستحقها الأسير بعد ما قدم زهرة شبابه خلف القضبان، وهي أقل ما نقدمه لعائلاتهم حفظا لكرامتهم ".
وأشار إلى أن القرار يقلل من قيمة الأسرى وتضحياتهم ومن زخم قضيتهم، كما يعمل على تحويل قضيتهم من قضية سياسية لها قيمة وطنية كبيرة إلى قضية تسول للرواتب.
وشدد على أن قضية الأسرى والشهداء والجرحى ثابت وطني لا يجوز المساس به تحت أي ظرف، والمخصصات المالية التي تصرف لهم حق وطني ثابت لا يحب أن يخضع للمساوة والابتزاز والإملاءات من قبل الاحتلال والإدارة الأمريكية.
وأكد على ضرورة قيام السلطة بتعزيز صمود أهالي الأسرى، بدلا من محاربتهم في ظل ما يتعرض له أبنائهم بعد السابع من أكتوبر/2023 من حرب شعواء وتنكيل وضرب يومي وإجراءات مذلة ومهينة، حيث قامت إدارة السجون بسحب إنجازاتهم ومنعت عنهم الكنتين والزيارات، عدا عن سياسة التجويع والإهمال الطبي.
ولفت إلى أن كل أسير يتلقى ذويه مخصصاته المالية حسب سنوات اعتقاله وحالته الاجتماعية ( متزوج ، أعزب) وعدد الأبناء، عدا عن تلقي بعض الأسرى 100 دولار وبعضهم 200 دولار داخل السجن لشراء احتياجاتهم من الكنتين.
أبدت استعدادها
وذكرت القناة الـ12 الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية أبدت استعدادها لتغيير آلية دفع رواتب الأسرى، بحيث تستند إلى أوضاعهم المادية والاجتماعية.
وأشارت القناة إلى أن السلطة أبلغت الولايات المتحدة بأنها تأمل في أن توقف "إسرائيل" الاقتطاعات من أموال الضرائب "المقاصة" المحولة إليها.
كما طلبت السلطة من الإدارة الأميركية إلغاء قانون "تايلور فورس" المسمى نسبة إلى جندي أميركي، خدم في العراق وأفغانستان، وقُتل في تل أبيب، جراء طعنة وجهها إليه شاب فلسطيني، في 2016، أثناء زيارته لـ"إسرائيل".
وأصدر الكونغرس القانون في عام 2018 لمنع السلطة الفلسطينية من دفع إعانات لأفراد عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين.
ويمنع القانون الحكومة الأميركية من تقديم المساعدات الاقتصادية التي من شأنها أن تفيد السلطة الفلسطينية بشكل مباشر حتى تتوقف عن تقديم هذه الإعانات.
ومنذ توليه منصبه، أقدم وزير مالية الاحتلال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أكثر من مرة على تجميد واقتطاع مئات ملايين الدولارات من أموال المقاصة، أي الإيرادات الضريبية والرسوم والجمارك المفروضة على السلع والبضائع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية عبر "إسرائيل" والمعابر والحدود، والتي تجبيها طواقم وزارة المالية الإسرائيلية، وفق اتفاقية أوسلو، بشكل شهري نيابة عن السلطة لتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية.
التعليقات : 0