غزة/ سماح المبحوح:
على مساحة نحو دونم في مدينة غزة، ينهمك ما يقارب 8 عاملين في تصنيع "السولار" من خلال إعادة تدوير مخلفات البلاستيك.
وأمام الخزان الموضوع في أرض مفتوحة يؤكد العامل عبد الكريم دغمش أن فكرة صناعة سولار بغزة من مخلفات البلاستيك جاءت من الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة المستمر منذ 2007 والذي اشتد خلال حرب الإبادة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويوضح دغمش في حديثه لـ "الاستقلال" أن السولار الصناعي جاء لحل أزمة حادة يعاني منها قطاعات مختلفة، جراء منع الاحتلال فتح المعابر وإدخال الوقود اللازم لتشغليها، حيث أثرت بشكل كبير على قطاع الكهرباء والمواصلات ومحطات المياه والمخابز وغيرهم.
وأشار إلى أن السولار الصناعي يتوفر بأسعارٍ مناسبة ومعقولة، في ظل غلاء سعر السولار المصري و"الإسرائيلي" إن توفرا، مشددا على أن توفير وقود صناعي للمواطنين أفضل من تركهم دون وسائل تساعدهم على تلبية احتياجاتهم للبقاء على قد الحياة.
وفي الوقت الذي يتراوح فيه سعر لتر السولار" السوبر" بين 60 و70 شيقلًا، يباع لتر السولار المُصنّع محليًا بسعر يتراوح بين 30 و35 شيقل.
مراحل تصنيعه
وعلى مقربة من دغمش ينهمك عامل آخر في إشعال مزيد من الحطب أسفل خزان ملأه بنحو طن من البلاستيك ليقوم بصهره تحت درجات حرارة عالية جدا وتحويله إلى وقود يبيعه في السوق المحلي.
ولفت إلى أن عملية صهر قطع البلاستيك الصغيرة داخل الخزان تستغرق وقتا طويلا خاصة لملأ الخزان الذي تبلغ سعته حوالي طنا ونصف الطن من البلاستيك، وهي كمية كافية لإنتاج نحو ألف لتر من الوقود.
وقال:" تستمر عملية استخراج الوقود لمدة تتراوح بين 12 و14 ساعة، وتمر عملية إعادة التدوير بمراحل عدة قبل أن يتم تكرارها، إذ تحتاج إلى ثماني ساعات على الأقل لتبريد الخزان وتنظيفه".
وأضاف:" يتبخر البلاستيك المنصهر في المرحلة الأولى قبل تكثيفه عبر تبريده بالماء للحصول على الوقود، ويتصل الخزان المغلف بالطين لضمان حفظ الحرارة بأنبوب موصول بخزان آخر يحتوي على ماء".
واستكمل:" يعمل الخزان الثاني على تكثيف البخار الذي يتحول بدوره إلى وقود يتم تعبئته في غالونات عبر صنبور موضوع إلى جانب الخزان، ويقوم العاملين بفصل البنزين عن السولار عبر جهاز آخر".
وأكد أن الشوائب الناتجة عن صهر واحتراق البلاستيك واستخراج السولار والبنزين يتم التخلص منها عبر دفنها في باطن الأرض.
ويضطر المواطنين في قطاع غزة منذ الشهر الثاني لحرب الإبادة الإسرائيلية، إلى البحث عن بدائل مختلفة للوقود، منها استخدام الزيت النباتي لتشغيل المركبات، أو "الزيت المحروق" الذي يستخرج من البلاستيك أو غيره.
بديل جيد ولكن
لم يخف السائق أبو العبد حمد سعادته لتوفر سولار محلي الصنع في قطاع غزة ليكون بديلا عن السولار المصري و"الإسرائيلي" في ظل منع الاحتلال الإسرائيلي فتح المعابر وإدخال الوقود اللازم لتشغيل المركبات.
وأوضح حمد خلال حديثه لـ "الاستقلال" أن السولار الصناعي المتوفر في القطاع دفعه للاستمرار في كسب قوت يومه والمحافظة على مصدر رزقه ورزق أفراد عائلته التسعة.
وبين أنه على الرغم من مساوئ وردائه السولار الصناعي لكثير من المركبات الحديثة " الجيب، غولف، رمش، سكودا.. " إلا أنه أفضل من عدم توفره، قائلا:" أحمد الله أن مركبتي من النوع القديم مرسيدس 220، والسولار الصناعي خيار جيد لها".
وأضاف: "كثيرا من الأحيان اضطر إلى خلط السولار الصناعي مع السولار السوبر، لتفادي حصول عطل في ماتور سيارتي، في حال كان الصناعي غير مصفى جيدا".
وأشار إلى أن لتر السولار الصناعي يباع بثمن 30 شيقلا مقارنة بـ 60 شيقلا للتر السولار "السوبر" الإسرائيلي، وهو ما يفوق قدرته المادية وقدرة غيره من السائقين لشرائه، لافتا إلى أن اختراع البديل وفر عليهم مبالغ مالية طائلة، حيث يستهلك نحو لتر واحد من السولار الصناعي خلال سيره مسافة 8 كيلو.
الحاجة أم الاختراع.. غزة تتحدى الاحتلال وتصنع سولار من البلاستيك

تقارير وحوارات
التعليقات : 0